خذ وخل: المدورة بين التديين والتسييس!


نشر في 03-02-2010
آخر تحديث 03-02-2010 | 00:01
 سليمان الفهد في حين يميل عامة المشجعين وبعض خاصتهم إلى «تديين» كرة القدم فإن الأنظمة تميل إلى تسييسها ليكون المنتخب دالا على النظام لا على الدولة التي يحمل اسمها ويمثلها في المباريات.

* إثر انتهاء مباراة مصر والجزائر التي انتهت بفوز مصر بأربعة أهداف ضد صفر، سمعت سجالا حاميا بين الروائي أحمد صبري عبدالفتوح مؤلف الخماسية الروائية «ملحمة السراسوة» والروائي القاص والكاتب الصحافي «حمدي أبو جليل» يتمحور حول لقب «منتخب الساجدين» الذي حظي به المنتخب من قبل بعض وسائل الإعلام، وطفق الجمهور يلعلع به في كل حضور للمنتخب، ربما لإضفاء سمت روحاني قداسي عليه بدعوى أن الله سبحانه وتعالى ينصر «الساجدين» بالضرورة لأنهم ساجدون، وليس لأنهم لاعبون يجيدون مهارات اللعبة، ويتقنون تقنياتها وتكتيكاتها ويتسمون بقدرات رياضية جسدية، وما إلى ذلك من معايير تميز المنتخب الكروي عن الآخر! وفي حين يميل عامة المشجعين وبعض خاصتهم إلى «تديين» كرة القدم فإن الأنظمة تميل إلى تسييسها ليكون المنتخب دالا على النظام لا على الدولة التي يحمل اسمها ويمثلها في المباريات.

* وحين وسم ووصم بعض الجزائريين إخوتهم المصريين بلقب الفراعنة من باب الغمز واللمز والتشكيك في عروبتهم، رد عليهم المصريون التحية بمثلها، وربما أحسن مثلها حين وصفوهم بـ»البربر» وكلاهما: الفراعنة والبربر يحيلان إلى عصر الجاهلية، لكن التعصب الأعمى حرض الشعبين الشقيقين على استدعاء التاريخ بداعي «الردح» والهجاء الفارغ الخاوي من المعنى، المفتقر إلى الروح الرياضية الغائبة المغيبة عن الملاعب ومدرجات المتفرجين سواء!

لقد استفزت المعارك الكروية المصرية الجزائرية، وما تمخض عنها من تداعيات مؤسفة أقلام كبار كتّاب الرأي وعلماء النفس والاجتماع والسياسة والطب النفسي، وغيرهم لكي يدلوا برأيهم في ظاهرة التعصب الكروي الأعمى، الأمر الذي يستوجب إقامة مائدة عربية مستديرة يتحلق حولها الخبراء في التربية وعلم النفس والاجتماع والدين والأرصاد الجوية التي تسبر غور المناخات السياسية التي تغمر فضاء الملاعب الحاضنة لمباريات الإخوة الأعداء، علَّ هذه المائدة تتمكن من تشخيص شطط التعصب الأعمى الذي ما فتئ ينخر في نسيج العلاقات العربية العربية المهترئة.

وإذا كان صحيحا أن الحرب أولها كلام، فإن الحروب الكروية العربية هي الأخرى تؤججها مواويل «الردح» العرباوي العتيد، بحيث يمكن لنا الادعاء بأن الردح هو ديوان العرب الجديد المتجدد العائد من عصر شعر الهجاء العتيق! لاسيما بعد أن طغت جلبة الغوغائية الفارغة على أصوات عقلاء مصر والجزائر والعرب الذين حالوا احتواء مد التعصب الأعمى القادم من الطرفين... من هنا تكمن أهمية حضور المائدة العربية المستديرة للنأي بالمدورة الساحرة عن مغبة التديين والتسييس إياهما.

back to top