المستشار مشفش حاجة !!
عندما يختلط القانون مع السياسة لاشك أن العدالة تضيع بين أروقتهما، ذلك لأن السياسة لها حساباتها الخاصة، وفيها من الشد والجذب ما لا يعرفه القانون فتضيع «الطاسة»، ويختلط الحابل بالنابل، وأخيرا يخرج لنا ما يعرف بالقانون المسيس أو السياسة القانونية، وكلاهما ابن غير شرعي في زمن خطأ ومكان غير صحي.وهذا أيضا نستطيع أن نقوله عندما يعمل رجل القانون بالسياسة، فهو لا يستطيع أن يتمسك بالقوانين بحذافيرها، ولا يستطيع أن يجيد اللعبة السياسية وحساباتها، ولعل أبرز مثال لهذا الرجل القانوني السياسي هو المستشار النائب والوزير السابق حسين الحريتي الذي إن صح القول فعل كالغراب الذي أراد أن يقلد مشية الحمامة، فلا هو بقي غرابا ولا وصل إلى مواصيل الحمامة، وتاه وضاع في الطريق.المستشار النائب الذي نجح في ثلاثة انتخابات برلمانية، وجلس في أعلى سدة العدالة كما قال، كنا نعلم أنه نائب حكومي برتبة وزير سابق، ولكننا كنا نحاول دائما أن نتلمس له الأعذار عندما يحابي ويجامل الحكومة، ولم نكن لنصنفه بنائب حكومي صرف حتى النخاع حياء منا ومن القضاء الذي لا يصح أن نصف رجاله بمثل هذه الصفات، فمن المفترض أن القاضي عادل محايد لا يحابي لطرف ولا يجامل طرفاً.المستشار الحريتي، وبعد أن أقحم نفسه في لعبة السياسة مع الأسف، لا يجيد لعبتها رغم أنه وصل إلى المجلس ثلاث مرات، ويبدو أنه أيضا، وبعد أن ابتعد عن القضاء لم يتوافر لديه منظار جيد يستطيع من خلاله أن يفرق بين العدل وغيره، وبين الحق وغيره أيضا، وهذه مسألة نسبية، فليس بالضرورة أن ما نراه نحن حقاً، يراه الوزير والنائب السابق كذلك، وربما يكون هو على صواب ونحن على خطأ، لكن ما لا يقبل الشك هو الوقائع المثبتة كتلك التي حدثت في اجتماع اللجنة التشريعية التي يرأسها الحريتي بين الوزير الخالد والنائب الطاحوس. سؤالنا هنا للحريتي: لماذا تنكر ما قاله الوزير؟ ولماذا تدافع عنه بشراسة؟ فإن كان الوزير لم يقل كلمة فاسدة عن إدارة التحقيقات فهو قال ما هو أخطر منها عندما قال فيها مخالفات أُحرج من ذكرها!! وهذا يعني أنها أكثر من فاسدة أليس كذلك ياسعادة المستشار؟غريب أن يصبح المستشار القاضي العادل حكومياً أكثر من الحكومة، وأن يغير الحقائق، فإن كان النائب الطاحوس اختلق من عنده ما لم يحدث فما السبب أن يؤكد النائب الدويسان كلام الطاحوس؟ ولكن فيما يبدو أن النائب الحريتي مازال متأثرا ببشت الوزارة، ويعتقد أن عليه الدفاع عن الحكومة في كل المواقف وبكل الأشكال.الوزير الخالد قال إن المحققين استغلوا الحصانة أسوأ استغلال، وقال إن إدارة التحقيقات فيها مخالفات ولجنة التحقيق حول هذه الإدارة خرجت بتوصيات أحرج عن ذكرها!! وكلام الوزير مثبت فلماذا يصر الحريتي على إنكاره وكأنه بالفعل كما قال الطاحوس «شاهد مشفش حاجة»، فلماذا لا يسكت الحريتي أفضل له ولنا؟ أم أن عدوى التضليل الذي تتمتع به الحكومة، كما قال النائب مسلم البراك، تنتقل إلى النواب المقربين أو الذين تم توزيرهم سابقا، وتظل هذه الصفة لصيقة بهم؟!نقول للنائب الحريتي الوزير السابق: هناك قضايا تعد هي المحك لإثبات نوايا وتوجهات النواب الحقيقية، ولا يمكن للناخبين أن ينسوا مواقف النواب في هذه القضايا، كما لا يمكن أن ينسى التاريخ موقفك الذي تحدث عنه الطاحوس عندما ركضت وكدت تقع لإحضار أحد النواب من خارج القاعة ليشارك في التصويت لمصلحة وزير الداخلية في الاستجواب الذي كان مقدما بحقه.وهنا نقول أيضا للحريتي إن كنت تطمع في الوزارة من جديد فاعلم أنها لن تأتي مرة أخرى، ولا تغرنّك الشوكولاته السويسرية التي توزع على الضيوف المؤقتين المتعاونين إلى أن تنتهي المرحلة.