ما قل ودل: المساواة أمام القانون

نشر في 04-01-2010
آخر تحديث 04-01-2010 | 00:01
 المستشار شفيق إمام تنص المادة (7) من الدستور على أن "العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين".

كما تنص المادة (29) على أن "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين".

• مفهوم القضاء الدستوري للمبدأ

وفي تحديد المقصود بالمساواة أمام القانون، فإن أحكام القضاء الدستوري في رقابته الدستورية للقوانين، قد حددت المقصود من المساواة أمام القانون بأنه عدم التمييز بين أفراد الطائفة الواحدة إذا تماثلت مراكزهم القانونية. (المحكمة الدستورية في الكويت- القضية رقم (1) لسنة 1975- جلسة 22/2/1976)

كما قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر بأن مبدأ المساوة أمام القانون مؤداه ألا تخل السلطتان التشريعية والتنفيذية في مباشرتهما لاختصاصاتهما بالحماية القانونية المتكافئة للحقوق جميعها. (القضية رقم (122) لسنة 22 قضائية دستورية).

• ارتباط التشريع بأهدافه المشروعة

كما قضت بأن ما يصون مبدأ المساواة ولا ينتقص منه هو ذلك التنظيم الذي ترتبط فيه النصوص القانونية التي يضمها بالأغراض المشروعة التي يتوخاها، وأنه إذا أقام لنا الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها، كان التمييز بين هذه المراكز القانونية للمواطنين انفلاتا لا تبصر فيه. (القضية رقم (47) لسنة 17 قضائية دستورية جلسة 4/1/1997 )

• المغايرة بين المراكز القانونية جائزة بشرط

ومن قضائها أنه إذا جاز للسلطة التشريعية- وفقاً لمقاييس منطقية- أن تغاير بين مراكز قانونية، تتباين فيما بينها في الأسس التي تقوم عليها، فإن الفوارق بينها يجب أن تكون حقيقية لا اصطناع فيها ولا تخيل. (الحكم السابق)، وأن أياً من السلطتين التشريعية والتنفيذية لا يجوز أن تفرض تغايراً في المعاملة، ما لم يكن بفروق منطقية يمكن ربطها عقلاً بالأغراض التي يتوخاها العمل التشريعي الصادر عنها. (القضية رقم (17) لسنة 18 قضائية دستورية- جلسة 3/5/1997)

وأنه لا يجوز للقانون أن يقيم تمييزاً غير مبرر بين المواطنين تتنافر به المراكز القانونية التي تتماثل في عناصرها. (القضية رقم (81) لسنة 25 قضائية دستورية جلسة 13/2/2000)

• المساواة تمتد إلى كل الحقوق

كما قضت بأن المساواة أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة لا يقتصر  تطبيقها على صور التمييز التي نصت عليها المادة (40) من الدستور المصري (المقابلة للمادة "29" من دستور الكويت) أو على الحقوق والحريات التي كفلها الدستور، وإنما تتعلق كذلك بما يكون منها قد تقرر بقانون في حدود السلطة التقديرية، التي يملكها المشرع، فلا يجوز بعدئذ تقييدها بما يعطلها أو ينال من ممارستها. (القضية رقم (17) لسنة 18 قضائية دستورية جلسة 3/5/1997)

• المساواة تمتد إلى حق التقاضي

وأن المساواة أمام القانون، يندرج تحتها تساوي المواطنين أمام القضاء، ومؤداها أن الحقوق عينها ينبغي أن تنظمها قواعد موحدة، سواء في مجال التداعي بشأنها أو الدفاع عنه واستئذانها، وكلما كان التمييز في مجال طلبها من خلال الخصومة القضائية، أو اقتضائها بعد الفصل فيها غير مبرر كان هذا التمييز منهياً عنه دستورياً. (القضية رقم (129) لسنة 18 قضائية دستورية- جلسة 3/1/1998)

• أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي

وإن مبدأ المساواة أمام القانون هو أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي وعلى تقدير أن الغاية التي يتوخاها تتمثل أصلا في صون حقوق المواطنين وتأمين حرياتهم في مواجهة صور من التمييز تنال منها أو تقيد ممارستها ( ق 34 لسنة 13 قضائية دستورية- جلسة 20/6/1994)

• تعميق الديمقراطية

وختام المقال فإن الرقابة على دستورية القوانين التي يمارسها القضاء الدستوري في صونه لمبدأ المساواة أمام القانون، إنما يساهم في تعميق الديمقراطية في مفهومها القائم على إخضاع سلطات الدولة كافة للقيم والمبادئ وحقوق الإنسان التي كفلها الدستور وفي مفهوم التمثيل النيابي الصحيح الذي يقضي بأن النائب يمثل الأمة بأسرها ويرعى المصلحة العامة.

بعد أن جاوز الزمن مفهوم الديمقراطية القائم على حق الأغلبية البرلمانية في إقرار ما تراه من قوانين، وفقاً لتقديرها المطلق لهذه القيم والمبادئ، حتى قيل إن البرلمان الإنكليزي يملك أن يفعل كل شيء إلا أن يجعل من الرجل امرأة أو من المرأة رجلاً.

back to top