الخليج العربي... والمجهول الفارسي

نشر في 07-03-2010
آخر تحديث 07-03-2010 | 00:01
 فالح ماجد المطيري الغباء السياسي، قد يكون هذا الوصف أول ما يتبادر إلى الذهن، حينما نحاول تفسير أسباب إصرار النظام الإيراني على تسمية الخليج العربي بـ«الفارسي»، في هذه الفترة، فإيران وفي هذا الوقت بالذات، في غنى عن خلق عداوات خصوصا مع محيطها العربي، فلديها من الخلافات مع المجتمع الدولي، ما يغنيها عن التحرش بجيرانها «العرب».

في رأيي الخاص، الإصرار الإيراني على تسمية الخليج العربي بـ«الفارسي»، تتعدى دوافعه وأسبابه التفسير الظاهري بأنه «غباء سياسي»، وهي تتلخص بثلاثة أسباب: اثنان منها يخصان إيران، والثالث يخصنا نحن «جيرانها العرب».

الدافع الإيراني الأول، يتلخص بالسلوك المعتاد للأنظمة الاستبدادية والقمعية، ومنها النظام الإيراني، والتي تسعى دائما إلى تصدير أزماتها الداخلية إلى الخارج، لإشغال الداخل وتحويل أنظاره إلى خارج الحدود، فالنظام الإيراني يعيش حالة احتقان سياسي ومواجهات عنيفة مع المعارضة، منذ انتهاء الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فاحترف إشعال الحرائق الخارجية ليطفئ حرائقه الداخلية.

الدافع الإيراني الثاني، وهو مكمن الخطورة في الإصرار الإيراني على فارسية الخليج، فالنظام الإيراني ومن خلال هذه التسمية، يسعى إلى بسط سيطرته السياسية والحضارية على المنطقة، وهي سيطرة سيترتب عليها استحقاقات سيادية وسياسية، فإذا كان الخليج «فارسيا» فبالتبعية تصبح أراضيه ومياهه الإقليمية، بل دوله «فارسية»، والاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية، وتشكيك بعض مسؤوليه باستقلال البحرين، واحتلال أراضي الأحواز العربية ومسح هويتها العربية، دليل على ذلك.

وحجة البعض بأن الخليج العربي يسمى «الفارسي»، في الخرائط الدولية، حجة واهية، ففلسطين في هذه الخرائط تسمى «إسرائيل»، وإذا كان النظام الإيراني، يؤمن بشرعية هذه الخرائط، فهل سيعترف بإسرائيل؟ وهل ستتوقف تصريحات رئيسه نجاد حول نيته حرق إسرائيل؟ وقد زاد بهذه التصريحات على صدام حسين الذي كان ينوي حرق «نصفها» فقط.  وهل الاعتراف الإيراني بمشروعية الخرائط الدولية ستجعله يقبل بالوثائق التي تقول إن الجزر الثلاث إماراتية؟

السبب الثالث الخاص بنا، والذي شجع إيران على رفع وتيرة مطالبها بفارسية الخليج العربي، يتلخص في ضعف حكوماتنا الخليجية مجتمعة وفرادى، تجاه الصلف الإيراني، منذ نظام الشاه إلى الآن، ومهما حاولت الحكومات الخليجية، تغليف ضعفها بمسميات مختلفة، مثل: الحكمة والاعتدال وحسن الجوار، إلا أنه في النهاية يأبى ضعفها إلا أن يبرز بوضوح، من خلال عدم جرأتها على إضافة «العربي» على عدد من الهيئات الرسمية التي أنشأتها، فاكتفت بأسماء مبتسرة تعبر عن ضعفها بكل صراحة، فجاءت الأسماء كالتالي: «وكالة أنباء الخليج»، «شركة طيران الخليج»، بل إنها لم تملك الجرأة أن تسمي المجلس الذي يجمع دولها باسم "مجلس التعاون لدول الخليج العربي"، وأسمته "مجلس التعاون لدول الخليج العربية".

إذا استمر هذا الضعف العربي في مواجهة صلف وعنجهية النظام الإيراني، فأخشى أن نردد يوما ما «الخليج العربي... أفلسطين ثانية؟»، أو أن يأتي يوم نرى فيه شبح «أم عبدالله الصغير» ونسمع صوتها وهي تردد على ضفاف الخليج «ابكوا كالنساء ملكا لم تحافظوا عليه كالرجال».

back to top