مالمو

نشر في 06-01-2010
آخر تحديث 06-01-2010 | 00:01
 زاهر الغافري 1-

ليست مالمُو امرأة، على الأرجح، إنها موسيقى صامتة، فجوةٌ يَمرُّ الزمنُ عَبْرَها بَطيئاً كسُلحفاة... لن تطأ السَّاحَةَ الصَّغيرَةَ كمُحارب قديم، بل كشابٍّ مَرح يتفحَّصُ أبوابَ الفردوس ويغنِّي بصفيرٍ مكتوم. أيها الشقيُّ لا تنظرْ إلى فوقْ. لقد مرّت الآلهةُ من هناك. انظرْ إلى خطواتِكَ، إلى الحجارة التي تُذكِّرُكَ بتراب أيامك، بالريح الثلجيَّةِ تدفعكَ إلى أقرب حانةٍ عند المنعطف. ليست مالمُو باباً، بل شجرة تغفو عند النهر؛ حديقة مَسرَّاتٍ صَغيرةٍ وأنت تَنتظرُ امرأة حياتك قربَ لسانِ الجسر. لا تكترثْ. لن تُعيد اكتشاف ذاتكَ في مَكانٍ واحد. المكانُ، دائماً، قفزةٌ في ليلٍ مُؤلِم؛ تأتي امرأةٌ تُعطيكَ الرِّسالة وأنتَ نائم، هذا هو قارب الأحلام. عندما تكون الرسولةُ قد اختفت كُليّاً، أفِقْ. وإذا أنتَ في الغابة بين صغار الأقزام

يُلوِّحونَ لك بالمناديل.

2-

المُوسيقيُّون الخمسة

المُوسيقيُّونَ الخمسة لا يَنامون. الحَركات ذاتها مُستعادة من قلب العالم. الريح تأتي وتذهب والثلج يتساقط بغزارة، لكنَّ المُوسيقيِّين الخمسة لا ينامون. في المَمَرِّ المُعتم تكتشفُ السَّعادة، تكتشفُ أنَّ حَياتكَ ضربةُ حظ، أنَّ المُوسيقى فجرٌ أبَدِيٌّ فوق حِجارة لامعة. قائدُ الفِرقةِ يَقولُ ذلك، شَعرُهُ يَتطايرُ إلى الخلفِ بفضل حماسة إضافية. العذراءُ تنظرُ إليكَ من فوقْ وأنت تمرُ أمامهم كأنك أعمى. هذا هو المصير، نبعٌ تمر أمامَهُ ولا تَرَاه لكنكَ تَسمَعُهُ بعينيك.

3-

أمام مَرأى العالم

لن تبقى طويلاً في حديقة شِيزبري. لن تدومَ اللحظةُ المستعارةُ من الغابة فوق ظلام البحيرة. أمرٌ مُحيِّرٌ حقاً؛ لأنكَ لن تفتحَ باباً ولا نافذة... وهناك فجرٌ تتلاطم أمواجهُ فوق سريرك العالي وأنت نائمٌ في زنزانة. هذا على الأقل ما تراه الآن، وتحتاجُ أيضاً إلى مَسافةٍ كافيةٍ لتقيسَ الهواء. أنتَ رَجلٌ وَحيدٌ ولنْ تَبقى طويلاً في حديقة شيزبري. الزَّنزانةُ صَغيرةٌ جداً وأحلامُكَ تَسبَحُ في الرِّيح كمرثية في وداع مَيِّتْ. المرأة لن تنتظرُ أكثر من هذا، المرأة سَتغادرُ ظلام البحيرة. رُبَّما في المرَّةِ المُقبلةِ سَتجلبُ معها النبيذ الطيِّبَ والخُبزَ الفرنسيَّ وكتاباً تُحبُّهُ، تكفيراً عن ندمٍ أو أذى... ذات يوم وأنت تشمُّ زهرةَ الكآبةِ كآخِرِ يَتيمٍ على وجه الأرضِ، سَتكتشفُ الحُريَّةَ فوق راحة اليد، أمام مرأى العالم أيها الصديق.

back to top