خذ وخل: «...وهذه الضجة علام»؟!


نشر في 18-10-2009
آخر تحديث 18-10-2009 | 00:01
 سليمان الفهد • لعل الخطأ أو الخطيئة التي ارتكبها تجمع الـ26 مواطنا تكمن في أنهم لم يستعينوا بعدة «أبوطبيلة» مسحراتي رمضان، ليعلن للمحتجين رغبة التجمع في لقاء سمو أمير البلاد، ويشهر محاور الهاجس الوطني الذي حرضهم على الاجتماع بسموه «في كلمة راس» مألوفة وقيمة، منذ أن صارت الكويت، حين اختار الأجداد «صباح الأول» كما يخبرالجميع.

فالمعترضون على لقاء المجموعة بقائد البلاد يتجاهلون أن مثل هذه اللقاءات يشكل عادة تقليدية موروثة متواترة، وليست بدعا تخص الجماعة دون غيرها من الجماعات والأفراد الغيورين على المصلحة العامة للبلاد والعباد اليوم وغدا، ولذا تبدو الغضبة المضرية العارمة التي جوبهت بها مبادرة الجماعة منطوية على تعسف يروم أن يكون الوكيل الحصري للرأي والرؤية، الملعلع- وحده- في شؤون وشجون وقضايا الوطن العامة، والتحديات المصيرية التي تجابهها منذ التحرير حتى الآن!

والمؤسف أن بعض النواب شرعوا في حملات التشكيك في مبادرة الجماعة، حالما إعلان خبر لقائهم بسمو أمير البلاد! ولم ينتظروا نشر بيانها المفصح عن أسباب ومبررات الاجتماع، المعلن عن محاوره وأهدافه، وما إلى ذلك من تفاصيل تتمحور حول الأخطار المزنرة للثروة الوطنية الساعية إلى تبديدها واستنزافها بسفه لا تغبط عليه. وآن الأوان لوضع حد ينبه إلى: «خطورة استنزاف وتبديد ثروة البلاد بأشكالها كافة، والدعوة إلى ترشيد استخدامها، وضرورة مكافحة الفساد بأشكاله المتعددة، وتحقيق التنمية الشاملة»، كما جاء في بيان المجموعة الذي نشرته الصحف كافة أمس الماضي.

• والحق أن بيان مجموعة الـ26 ناشطا يستأهل القراءة النقدية الخالية من التشنج، وبقية مثالب الحوار والجدل على الطريقة الكويتية، الطافحة بالتلاسن الفج الذي لا يؤدي إلى طائل عادة بل إلى طل بالضرورة! وهذا المنحى الجاهز في الحوار يمارسه مَنْ على رأسه ريشة فيتصدى لخصومه في الرأي بآهات «كاد المريب أن يقول خذوني» المتبدية في ممارسات الساعين إلى «اقتسام ثروات البلاد وتبديدها بتشريعات أو بقرارات حكومية، الأمر الذي أفضى إلى نشوء اختلال في التوازن بين الحقوق والواجبات» كما جاء أيضا في البيان الشفاف الذي وضع النقاط على الحروف بمنأى عن مغازلة مشاعر المواطنين الناخبين، ودغدغة مشاعرهم «الريعية» التي تغمرهم بها الدولة من المهد إلى اللحد ولله الحمد!

ولعل الأخبار التي نشرت أمس بشأن لقاء المجموعة الثاني بسمو أمير البلاد، وبمعيته سمو رئيس الوزراء يشي بأن القضايا التي طرحتها في اللقاء الأول تستوجب الاحتفاء عبر المزيد من الحوار، وتواتر اللقاءات، كما يحدث دوما في الدول العريقة في الممارسة الديمقراطية، حيث ينهض من يمثل جماعات المجتمع المدني وأفراده باللقاءات المباشرة مع القيادات السياسية، دون أن يتهمهم أحد بأي تهمة معلبة جاهزة تستهدف شخوصهم لا أفكارهم وآراءهم! ولا حاجة بي إلى الإشارة إلى أن التجريح هو سلاح العاجز المفلس المتضرر من مبادرة الجماعة الغيورة على حاضر البلاد ومستقبلها، والذي يريده البعض بقرة حلوبا يرضعه في كل حين، دون فطام بدعوى أن «الخير وايد» ولا بأس على الأجيال القادمة إذا ورثناهم الديرة على الحديدة، وبنية تحتية «مؤقتة» مترهلة قد تتقوض على رؤوسهم في يوم، في شهر، في سنة!

back to top