«فالنتاين»... ومفاتيح الفرح

نشر في 21-02-2010
آخر تحديث 21-02-2010 | 00:01
 مظفّر عبدالله أول العمود: نحن في موسم ربيع والطيور الربيعية العابرة عرضة للقتل من قبل العابثين بأسلحتهم... ليت المهتمين بالحياة الفطرية والبيئة يفكرون بالقيام بحملة توعية تستبدل البندقية بالمناظير المكبرة التي تظهر جمال عشرات الأنواع التي تفد إلى الكويت كل عام... وبذلك نوقف الجرائم التي يشهد عليها سوق الطيور.

***

يتكرر مشهد الإفتاء المضاد للمحتفلين بعيد الحب "فالنتاين" كل عام وقبل أيام من منتصف فبراير بشكل مكرر ومعروف سلفا، فأنا على المستوى الشخصى ضد ربط الفرح بمناسبات، لأن المشاعر الإنسانية غير قابلة للبرمجة، ومن جانب أجدني غير حريص على الاصطفاف في أكثر المواضيع التي تطرح للنقاش العام، بل أتشجع على فهم الأسباب بعيدا عن المواقف الجاهزة.

 وفي شأن "فالنتاين" فالمسألة ليست كما يصورها شيوخ الدين من حيث ربطها بالمحرمات، أو لكون المناسبة متصلة بحقبة وثنية وما إلى ذلك، نحن في الكويت نفتقر إلى إظهار أحاسيسنا تجاه الغير وللجنسين معا، وبعضنا يعتبر ذلك إشارة ضعف قد تستغل، وربما يحاول من يهتم بهذه المناسبة أن يظهر عكس ما تربى عليه من كبت للمشاعر، كما لا يخفى على أحد أن مصادر الفرح الحقيقي الذي كان موجودا قبل ثلاثين عاما وأكثر اختفت تقريبا، حيث حركة المسرح والفن الغنائي والتشكيلي والاحتفالات الوطنية والأنشطة الصيفية في الحدائق والمتنزهات، واستبدلنا ذلك بالسفر في أي عطلة مهما قصرت مدتها، ولذلك أصبحنا نخلق أجواء صناعية من أجل أن نبتسم، وفي العادة تكون أجواء مكلفة ماديا... تخيلوا مع كل ما وصلنا إليه من حرمان يأتي بعض شيوخ الدين ليقولوا في "فالنتاين" ما يقال كل عام.

 "فالنتاين" بالنسبة لي شيء لا قيمة له كمناسبة، لكنه مهم كفكرة أتوق لرؤيتها على وجوه الجميع وتجاه الجميع اثني عشر شهرا وليس في فبراير، ومهما أفتى مفتٍ بأدلة وبراهين على حرمة هذه المناسبة فلن يجد من يصغي إليه لأن الفتوى في المسائل المتعلقة بحركة الناس الاجتماعية في زمننا هذا ليس لها تأثير كبير، بسبب ضغوط العصر وسرعة الأحداث وقسوتها، فاليوم ينتشر شرب الخمر بين المسلمين، والتحرش بالنساء، وانحدار الأخلاقيات بشكل عام، والمسلم يعرف أن ذلك من الحرام لكنه يقوم بفعله للتنفيس أو لضعف الوازع الديني والأخلاقي.

 أتمنى من شيوخ الدين الأعزاء أن يقرؤوا الواقع الاجتماعي ويساهموا في تغييره، وإن كان لابد من فتوى تحريم "فالنتاين" فلتكن، لكن نريد جزءا من مواقفهم وغضبهم وفتاواهم أيضا وبالمثل بشأن حرمان آلاف العمال من رواتبهم الشحيحة، وهم يضربون عن العمل لتأخير الكفلاء دفعها، وهذا على سبيل المثال، وهو مشهد يتكرر كل شهر في مؤسسات حكومية أو خاصة وليس في فبراير كما هي حال "فالنتاين".

المواصفات الفكرية لأكثر من يتصدون للشأن الاجتماعي من رجال الدين خصوصا الشباب منهم مواصفات متدنية لا تعرف ما يدور حولها من مؤثرات العولمة وسرعة انتقال المعلومة والسلوك والعادات، والمسألة في نظري ليست بكثرة الجمعيات الدينية والخيرية وما أكثرها... لكن السؤال يبقى حول قوة التأثير في الناس، وللتخفيف من خوف شيوخ الدين نقول إن احتفال أكثر الناس بـ"فالنتاين" يأتي على سبيل التقليد والمسايرة وربما لاصطناع المناسبات، وهي ترتبط بسن الشباب اليافع والمندفع بالمشاعر العاطفية، وستبقى أسواقنا حمراء في فبراير من كل عام مادامت سلوكياتنا جميعا كشيوخ دين ونساء ورجال وشباب كما هي لا تتغير... ننتقد من أجل الانتقاد، وننهر بعضنا بعضا ونقسم المجتمع على مزاجنا وأهوائنا.

back to top