وجهة نظر: التخصيص نجح في مُداولته الأولى... ولكن!

نشر في 16-04-2010
آخر تحديث 16-04-2010 | 00:00
 د. عباس المجرن رغم المخاوف التي عبّرت عنها جهات نقابية وأهلية ونيابية، نجح مؤيدو مشروع القانون في شأن تنظيم برامج وعمليات التخصيص، بحصد 33 صوتاً مؤيداً للمشروع في مُداولته الأولى، مقابل معارضة 10 نواب فقط.

قانون التخصيص الذي مرّ بنجاح ساحق في هذه المُداولة، يهدف إلى تنظيم عملية نقل ملكية أو إدارة أنشطة اقتصادية تمتلكها الدولة في الوقت الحاضر، إما جزئياً أو كلياً الى القطاع الخاص.

والتخصيص ليس غاية بحد ذاته، إنما هو وسيلة من وسائل الإصلاح الاقتصادي تستهدف بالدرجة الأولى تحسين كفاءة استغلال الموارد الطبيعية والبشرية، من خلال آليات عمل القطاع الخاص التي تتسم بدرجة أفضل من الرقابة تفرضها طبيعة السوق التنافسية التي تعمل فيها.

وقد كتَبْتُ في السابق محذراً من أن حزمة القيود التي أثقل بها قانون التخصيص، قد تحد من قدرته على تفعيل عملية التخصيص في الكويت، فمشروع القانون اختزل أساليب التخصيص المتنوعة بأسلوب وحيد، وهو الشركة المساهمة التي يتوزع رأسمالها بين حصة المزايدة العلنية وحصة الجهات الحكومية وحصة الاكتتاب العام، وأثقل كاهل هذه الشركة بتكلفة الرواتب والمزايا العينية للعمالة الوطنية خمس سنوات.

وتحفظي هذا لا يعني تجاهل الحقوق المكتسبة لهذه العمالة، إنما يتصل بشكل أساسي بمن يتحمل تكلفة هذه الحقوق في حال تخصيص المؤسسات العامة، فبينما يحمّل مشروع القانون الحالي هذه التكلفة للقطاع الخاص، الذي قد يحملها بدوره، بشكل أو آخر، للمواطنين أنفسهم في نهاية المطاف، أرى أن تتحمل الدولة من عوائدها التي ستحققها من عمليات التخصيص هذه التكلفة، لأن هذا الأمر كفيل بدعم وتعزيز نجاح عمليات التخصيص.

ومن متابعتي لجملة التحفظات التي طُرِحت في جلسة مجلس الأمة أمس، أتّفق مع ما قاله بعض النواب في سياق تحفظهم على المشروع، بأن التخصيص هو منظومة اقتصادية متكاملة يتطلب العمل بها وجود حزمة من التشريعات والقوانين الإضافية، مثل قانون الضريبة وقانون حماية المستهلك وقانون مناهضة الاحتكار، وغيرها من القوانين، لنضمن نجاح تجربة التخصيص، أي أن مشروع قانون التخصيص ليس كافياً للدفع الفاعل بعملية الانتقال السلس للملكية من القطاع العام الى القطاع الخاص.

التخصيص يتجاوز مفهومه الضيق المتعلق بعملية بيع الأصول أو نقل الملكية من الدولة الى القطاع الخاص، الى مفهومه الحقيقي الذي يتصل بتحول في ثقافة الانتاج وفلسفة النشاط الاقتصادي وتحقيق نقلة نوعية في دور الدولة الرقابي والتنظيمي، ونجاح برنامج التخصيص لا يمكن أن يتحقق في ظل البيئة الراهنة، فهذا النجاح يتطلب تزامن هذا البرنامج مع برامج اقتصادية وسياسية وإدارية أخرى، موازية ومتناسقة، يعمل كلٌّ منها في اتجاه الإصلاح الاقتصادي. 

back to top