ساوثول لـ الجريدة•: الأزمة امتدت إلى المنطقة بسبب الاعتماد المكثف على القروض والافتقار إلى تنويع المحافظ الاستثمارية

نشر في 04-07-2010 | 00:01
آخر تحديث 04-07-2010 | 00:01
• «هيرميس» طورت نهجها وأصبحت تبحث عن الأموال طويلة الأجل التي يتم تمويلها عبر أسواق رأس المال
• المنطقة ستشهد تطوراً منتظماً خلال الفترة المقبلة في أداء أسواق الأسهم
حصر الرئيس التنفيذي لدول مجلس التعاون الخليجي باستثناء المملكة العربية السعودية في المجموعة المالية هيرميس، ثاني أكبر بنوك الاستثمار في الأسواق الناشئة على مستوى العالم، فيليب ساوثول، الاسباب التي ادت إلى امتداد تداعيات الأزمة المالية إلى أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في سببين رئيسيين هما: اعتمادها بشكل مكثف على أسواق القروض لتمويل العمليات بدلاً من أسواق الأسهم والسندات، وافتقار مستثمريها إلى التنويع في محافظهم الاستثمارية.

وقال ساوثول في حوار خاص مع "الجريدة" إنه على الرغم من أن الكثير من عمليات القروض البنكية في المنطقة تتم بهدف تمويل الاستثمارات الاستراتيجية طويلة الأجل، فإنه يتعين لتسديدها في أغلب الحالات العودة إلى البحث عن التمويل مجدداً.

وأضاف أن أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا اعتمدت بشكل مكثف على أسواق القروض (القروض المشتركة والاتفاقيات بين البنوك) لتمويل العمليات، بدلاً من أسواق الأسهم والسندات، وذلك على الرغم من العوائق التي تصاحب القروض، فهي محملة بتعهدات والتزامات كثيرة، وتتحدد قوتها بمركز أدنى القواسم المشتركة فيها، ويقتصر دورها فقط على تقديم التمويل قصير الأجل. وفي ما يختص بافتقار مستثمري المنطقة إلى التنويع في محافظهم الاستثمارية، أشار إلى أنه جرت العادة على أن يقوم عملاء التجزئة والمستثمرون الأفراد والشركات العائلية بالمبالغة في الاستثمار بالعقارات وأسواق الأسهم المحلية، وهي أصول ذات عوائد منخفضة "Beta" عالية، بينما التنويع يعود بالفائدة على المستثمرين، لما يقدمه من مخاطر منخفضة وعوائد مرتفعة... وإلى نص الحوار:

• في رأيك ما العوامل المهمة المرتبطة بالتنويع الاستثماري؟ وما الأفضل؟

- يجب الانتباه إلى اهم عامل مرتبط بالتنويع الاستثماري، وهو أدوات العائد الثابت: السندات المحملة بالعملات المحلية، والعوائد المرتفعة، والشركات العقارية المدرجة، فقد أثبتت أدوات العائد الثابت أنها من أفضل فئات الأصول من حيث الأداء بالمجموعة المالية هيرميس في عام 2009، حيث إن سندات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وعلى الرغم من ارتفاع تصنيفها المتوسط (A أو A1)، يتم تداولها بمعدل 270 نقطة أساسية أقل من مؤشر سندات الشركات بالأسواق الناشئة (تصنيف متوسط BBB أو Baa1)، كما أن التداول بالمنطقة يتم على نطاق أوسع من أوروبا الوسطى والشرقية، وذلك على الرغم من وجود الميزانيات الأقوى والاقتصادات الأكثر استقراراً.

• إذن انت ترى ان هناك تبديلا في الاستراتيجية الاستثمارية لمستثمري المنطقة؟

- بالفعل، فأنا اتوقع أن يقوم المستثمرون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بتحويل محافظهم من الأسواق المحلية إلى نطاق إقليمي أوسع، حيث يعمل هذا التحول على تقليل المخاطر وزيادة العائدات. ومن الممكن استخدام نسبة شارب لإثبات ذلك، كما يمكن مراجعة التجارب السابقة للتدليل على صحة الأمر.

• وبالنسبة إلى إشكالية التمويل، ألا تجد تحولا في استراتيجيات الحصول عليه؟

- أرى اليوم تحولاً جذرياً في الأساليب والاستراتيجيات المتبعة للحصول على التمويل، حيث تحول التركيز إلى أسواق الأسهم والسندات كبديل عن القروض، بشكل يعكس أوضاع السوق الراهنة. فلاحظنا على سبيل المثال أن سوق الأسهم والسندات كان أسرع استجابة لإعادة الهيكلة المالية بشركات دبي العالمية ونخيل، مقارنة بأسواق القروض. أما في ظل المناخ الحالي، الذي يتسم بتراجع أسواق الديون وانخفاض إقبالها على المخاطرة وانكماش الميزانيات، فقد رأينا دبي تقوم بتضييق حجم مقايضة التقصير الائتماني خلال الأسابيع الماضية (40 في المئة)، بينما تحسن أداء أسواق الأسهم بشكل واضح.

• إذن نستطيع الاشارة الى ان هناك ما يميز هذه الاسواق، خاصة في ما يتعلق بمستويات الديون؟

- على الرغم من تميز منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بانخفاض مستويات الديون بشكل عام قبل وقوع الأزمة، فإن ضعف تنظيم الديون قد أدى إلى تعثر عدد من المؤسسات في المنطقة، ومنها هيئات حكومية وبنوك وشركات وحتى الأفراد، وبدا ذلك واضحاً مع امتداد تداعيات الأزمة إلى أسواق المنطقة.

• ما دمنا في سياق التنويع، هل تتوقع تغييرا في الخريطة الاستثمارية لدول الخليج؟

- لقد رأيت من واقع تجربتي الشخصية أن طرح عملة اليورو في عام 99 قد حول خريطة الاستثمار بأوروبا من الأسواق المحلية، لتشمل النطاق الأوروبي كله، كما قام مديرو الصناديق الألمانية بتنويعها لتشمل أكثر من مجال البنوك وصناعة السيارات، وبناء على ذلك أتوقع أن يكون هذا التحول في العديد من دول الخليج بهدف التنويع في مجالات أخرى غير البنوك والشركات العقارية.

• هل ترى صعوبة في عمليات تقييم اسهم شركات المنطقة؟ وما الاستراتيجية التي تتبعها "هيرميس" في هذا الصدد؟

- أرى أن تقييم الأسهم لا يمثل تحدياً صعباً. فقسم البحوث بالمجموعة المالية هيرميس يعمل على تقييم أسواق الإمارات العربية المتحدة بأقل من ثمانية أضعاف الأرباح المتوقعة في عام 2010. وإذا تم استثناء كل الأسهم العقارية، وتخفيض 30 في المئة من الأرباح المتوقعة بالبنوك المدرجة بالبورصة، فسيتم التداول في السوق بأحد عشر ضعف الأرباح المتوقعة في 2010. وأرى في ظل هذا المستوى للتقييم وانخفاض العلاوات الناتجة عن المخاطر المصحوبة باستثمارات الأسهم، أن المنطقة ستشهد تطوراً منتظماً خلال الفترة المقبلة في أداء أسواق الأسهم.

• ذلك في ما يتعلق بعمليات التقييم، فكيف تدير "هيرميس" عمليات التمويل؟

- قامت "هيرميس"، وشركات اخرى، بتطوير المناهج والأساليب المتبعة، وأصبحت تبحث عن الأموال طويلة الأجل التي يتم تمويلها عبر أسواق رأس المال وبالعملات المحلية. وتعد عملية موبينيل التي قادتها المجموعة المالية هيرميس في يناير الماضي لطرح سندات بقيمة 1.5 مليار جنيه مصري خير دليل على ذلك، إلى جانب عملية شركة الجرافات البحرية الوطنية (NMDC) لإصدار سندات قابلة للتحويل بقيمة 391.5 مليون درهم إماراتي، وكذلك عملية شركة دار الأركان للتطوير العقاري لإصدار سندات عالية المخاطر بقيمة 750 مليون دولار أميركي.

وفي هذا الصدد يشار الى أن المجموعة المالية "هيرميس" اعتمدت على قاعدة العملاء الأفراد وشبكة علاقاتها مع المؤسسات المالية، ولم تحتج إلى تخصيص أي جزء من عملية موبينيل للبنوك.

• هل يعني ذلك ان هناك تغييرا في استراتيجية التمويل؟

- قطعا، فإن هذا التحول الجذري في التنظيم والهيكلة قد جاء مصحوباً بتطور استراتيجية استقطاب وتخصيص الأموال بالشركات، وأصبح واضحاً أن عملاء المجموعة المالية "هيرميس"، على سبيل المثال، قد استوعبوا أهمية جذب الأموال كلما أتيحت الفرصة، لا عند وقت الحاجة أو الضرورة فقط، حيث أثبت هذا المبدأ صحته خلال العامين الماضيين أكثر من أي وقت مضى.

• كيف ترى جدوى تخصيص رؤوس اموال الشركات للاصول العقارية؟

- ارى ان الشركات التي خصصت حجما هائلا من رؤوس أموالها بالأصول العقارية بدأت تتساءل عن جدوى ذلك، علماً أن تسييل هذه الأصول يخدم غرضين أساسيين، هما إتاحة التمويل للأعمال والأنشطة الرئيسية، وكذلك تأمين التمويل المستقر على المدى الطويل. وتعد مجموعة صافولا المثال الأفضل على ذلك، حيث قامت بتنفيذ اثنين من العمليات الضخمة في عام 2010 لبيع وإعادة استئجار أصولها (ويرجى ملاحظة تطور هذه الفكرة تدريجيا في مجال التمويل الشخصي بأنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ظل تطور أدوات وقوانين التمويل العقاري)، كما نرى أن أسواق المال في الوقت الراهن بدأت تقدم يد المساعدة في هذه العملية، عبر ضم الاستثمارات العقارية في هياكل محددة قد تكون شركات أو صناديق استثمار.

• هل تتوقع زيادة عمليات الاكتتاب العام في الفترة المقبلة؟

- لا شك في ان مستوى وعي الشركات بالقيمة الاستراتيجية لإدراج أسهمها في البورصة قد ارتفع في الفترة الاخيرة، وبالتطلع إلى المستقبل أتوقع أن يرتفع اهتمام ملاك الشركات ومجالس الإدارة بقيمة العملة التي يتم جلبها والتقييم الشامل للكيان المدرج، أكثر مما كان الحال عليه في السابق، وذلك بالإضافة إلى أن الجهات التنظيمية والرقابية تعمل حاليا على تيسير هذه العمليات عبر السماح للشركات بإدراج نسب صغيرة منها في الاكتتابات العامة. وانطلاقاً من هنا أتوقع أيضاً أن تزداد عمليات الاكتتاب العام خلال الربع الأخير من عام 2010 وامتداداً إلى عام 2011.

«هوية»... فيليب ساوثول

فيليب ساوثول هو الرئيس التنفيذي لدول مجلس التعاون الخليجي باستثناء المملكة العربية السعودية في المجموعة المالية هيرميس، ثاني أكبر بنوك الاستثمار في الأسواق الناشئة على مستوى العالم، وقبل انضمامه إلى المجموعة المالية هيرميس في عام 2009 كان ساوثول رئيس عمليات دويتشه بنك الخاصة بتركيا ووسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بلندن. وقد قام ساوثول بتنفيذ عدد من أضخم المعاملات الدولية في العالم، ومنها عملية هوتشيسون وامبو لبيع فودافون بمبلغ 5.2 مليارات دولار في عام 2000، وعملية الطرح العام الأولي لهاليفاكس البالغة قيمتها 6.4 مليارات جنيه إسترليني في عام 1997.

back to top