بروس إنغام: اللهجات العربية الحديثة مجال خصب للبحث اللغوي

نشر في 15-01-2010 | 00:01
آخر تحديث 15-01-2010 | 00:01
No Image Caption
اللغة العربية حافظت على خصائصها ولم تتأثر بالمتغيرات
احتضنت رابطة الأدباء مساء أمس الأول، محاضرة عن اللغة العربية واللهجة في منطقة الخليج، حاضر فيها البروفيسور البريطاني بروس إنغام، وأدارها عطية الظفيري.

ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي السادس عشر، أقيمت أمسية أدبية تمحورت حول اللغة العربية وتفرعاتها من اللهجات الأخرى.

وفي مستهل المحاضرة، قدم مدير الجلسة عطية الظفيري لمحة ذاتية عن المستشرق البريطاني البروفيسور بروس إنغام (أبو حسين)، قائلاً "جاء من مدينة الضباب يحمل إرثاً ثقافياً، مختلفاً عن ثقافة الصحراء حيث تَنقّل بين أطراف الربع الخالي وغيرها من المناطق في شبه الجزيرة العربية كالنعيرية والصفيري وحفر الباطن يعيش مع البدو، يستمع إلى حكاياتهم بإنصات، يحفظ قصائد الشعر الشعبي الذي يعشقه، مدوناً الكلمات البدوية التي يسمعها من المسنين من البدو".

وأضاف "أجاد إنغام معظم لهجات الجزيرة العربية وتعمق في معرفة الخصائص الفونولوجية والصرفية للهجات القبائل، حتى أصبح يحدد قبيلة المتحدث من خلال لهجته، كما يتحدث بلهجة بدوية تكاد أن تندثر".

وتابع "البروفيسور إنغام تنقل بين دول متنوعة الثقافات متعددة الانتماءات، إذ زار السعودية والكويت وقطر والعراق وإيران والولايات المتحدة الأميركية، رغبة في دراسة وتوثيق اللهجات المختلفة".

تطور لغوي

من جانبه، أكد البروفيسور بروس إنغام في ورقته البحثية أهمية دراسة اللهجات للاطلاع على تاريخ اللغة العربية، مشيراً إلى أن دراسة التطور التاريخي للغات انطلقت في ألمانيا في القرن التاسع عشر من خلال مجموعة من الباحثين يطلق عليهم "النحويون الجدد"، الذين أثبتوا أن اللغات الحديثة المنتشرة بين أوروبا والهند تشترك في قواسم مشتركة من حيث الخصائص النحوية، وكذلك بعض المفردات، وبناءً على هذه الاكتشافات استنتجوا أن هذه اللغات تتحدر من لغة واحدة، ثم قاموا ببحث آخر تمحور حول اللهجات المحكية الكثيرة في ألمانيا، للاطلاع على تفاصيل التطور اللغوي عن طريق مقارنة كلمات اللغة الألمانية القديمة المعروفة باسم اللغة "الغوطية"، وجاءت نتيجة البحث أن طريقة تقسيم لغة ما إلى عدة لهجات مختلفة توازي طريقة تقسيم لغة قديمة إلى عدة لغات حديثة ذات أصل واحد، لكن تقسيم لغة إلى لهجات تحدث في فترة أقصر من تقسيمها إلى لغات مختلفة".

وقارن البروفيسور بعض الكلمات في اللغة الإنكليزية وما يقابلها باللغة الفارسية، مشيراً إلى أن هذه المقارنة توضح أن اللغتين ترجعان إلى لغة واحدة، بقوله "نرى أن اللغات القديمة تنقسم إلى لغات حديثة كثيرة يمكن أن ننظر إلى تكاثر اللهجات من المنظور ذاته، فمثلاً نطق الكاف (تشا) أو (تسا)، كقول أهل الخليج (تشان) أو (تسان) بمعنى (كان)، وهذا اللفظ يتقاطع مع تغير حرف الكاف في اللغة اللاتينية الحديثة، مثلاً كان المتكلم الروماني يقول كاف أما المتكلم الغطالي ينطق الكاف تشا".

ثم تحدث عن التغير الدائم في اللغات نتيجة الاحتكاك مع لغات مجاورة، مؤكداً أن ثمة تأثيرا واضحا يطرأ على اللغة بسبب تغيرات طريقة لفظ المفردات من خلال بعض الخصائص الصوتية والنحوية والصرفية، وأيضا تغيير بعض المفردات نظراً إلى معطيات متنوعة منها تأثير خارجي أو تنأثير داخلي في اللغة.

لغة محافظة

واستطرد البروفيسور متحدثاً عن محافظة اللغة العربية على الخصائص القديمة أكثر مما نراه في اللغات السامية الأخرى بقوله "يطلق اللغويون على اللغة العربية بأنها لغة محافظة أي تحافظ على الحالات الإعرابية الثلاث في الاسم، بينما اختفت هذه الحالات في بعض اللغات السامية الأخرى منها الآرامية والعبرية والأمهرية".

وأضاف "إن النحويين القدامى دوّنوا خصائص اللهجات في الجزيرة العربية خصوصا في الأصوات، وربطوا صفات معينة بقبائل محددة، ومن هذه الأمور كشكشة تميم، وكسكسة ربيعة، وعنعنة تميم وغيره".

واختتم البروفيسور حديثه قائلاً "نتيجة لهذه الملاحظات يتضح أن اللهجات العربية الحديثة مجال خصب للبحث اللغوي، خصوصا في الجزيرة العربية لأنها منطقة واسعة وتتضمن لهجات مختلفة".

لقطات

حضر البروفيسور إنغام إلى رابطة الأدباء مرتدياً ثوباً عربياً (الدشداشة) والشماغ والعقال.

وذكر أنه يزور الكويت للمرة الثالثة، وقال إن زيارته الأولى كانت عام 1977، مبدياً سعادته لرؤية الكويت بثوبها المعاصر.

واسترجع البروفيسور بعض الذكريات الجميلة له في الكويت، لاسيما في الفندق الذي أقام فيه مدة شهر، كما تحدث عن ذكرياته في منطقة الصفيري وعلاقته برجال قبيلة الظفير الذين أطلقوا عليه لقب "أبو حسين".

وقرأ مجموعة أبيات شعرية لبعض الشعراء القدامى، معتذراً عن تقديم المزيد لأنه لا يحفظ كل الشعر النبطي.

من جهته، انتقد الأديب عبدالله خلف "فوضى اللهجات العامية" التي تجتاح معظم الإذاعات العربية، مؤكداً أنها ظاهرة سيئة يجب إيجاد حلول ناجعة لها.

back to top