دمشق... والحضن العربي الدافئ

نشر في 01-08-2010
آخر تحديث 01-08-2010 | 00:01
 سعد العجمي ثمة تطورات ومستجدات على القضايا الإقليمية المهمة حدثت أخيرا لا يمكن تجاهلها عند الحديث عن جولة العاهل السعودي الملك عبدالله التي شملت كلاً من شرم الشيخ ودمشق وبيروت وعمان، وهي التطورات التي ربما شعرت الأطراف العربية الفاعلة بأهميتها، وخطورتها في نفس الوقت، لذلك جاءت جولة خادم الحرمين مختلفة في "شكلها" ومضمونها، مثل ما كان خطابه مختلفا خلال قمة الكويت الماضية.

على صعيد الملف النووي الإيراني، بدأت طهران بفقد تعاطف حلفائها المهمين كروسيا والصين، في وقت أصبحت فيه الدول الغربية بقيادة الولايات المتحده أكثر التزاما وحدة وحزما في مواقفها تجاه ذلك الملف، وهو ما يجعل من خيار تخلي إيران عن طموحها النووي أمراً متاحاً أكثر من أي وقت مضى، إما باستخدام عصا القوة العسكرية وإما بجزرة الدبلوماسية.

في المقابل فإن الفراغ السياسي الذي يعيشه العراق حاليا على خلفية أزمة تشكيل الحكومة، بعد فوز القائمة "العراقية" بأغلب المقاعد في الانتخابات الماضية، واحتمال تغير السياسة الخارجية لبغداد في حال تولي إياد علاوي رئاسة الحكومة لجهة المحافظة على عروبة العراق، والابتعاد عن الدوران في فلك إيران مثل ما حدث خلال فترة المالكي، هو في حقيقة الأمر واقع جديد يبدو أن الدول العربية المؤثرة تستعد للتعامل معه من أجل استيعاب العراق وإعادته إلى محيطه العربي.

على أن الأهم في قضايا المنطقة التي شهدت جملة من المستجدات هو الملف اللبناني، وتكمن الأهمية في أمرين: أولهما أنه ملف عربي خالص، كان ولايزال منذ مقتل الحريري بمنزلة "ترمومتر" التقارب أو التباعد العربي، وثانيهما أن مفاتيح هذا الملف بأيدي أطراف عربية باعتبارها اللاعب الرئيس في هذا الملف، وتأثير الأطراف غير العربية موجود، لكنه ليس بتلك القوة كما هو في قضية النووي الإيراني أو الوضع في العراق.

قرب تحديد المحكمة الدولية لاغتيال الحريري أسماء الأشخاص أو الجهات المتورطة في الحادثة، ولهجة خطاب حسن نصرالله الأخير، وزيارة سعد الحريري قبل فترة إلى دمشق... كلها مؤشرات تقول إن أطراف الأزمة داخليا وخارجيا بصدد التعامل مع وضع جديد لهذه القضية بسبب مستجداتها، والأهم من ذلك كله أن دمشق وعلى ما يبدو استوعبت تلك المستجدات والتطورات فقررت الاستفادة منها قبل فوات الأوان، ولعل مرافقة الرئيس بشار الأسد للملك عبدالله في طائرة واحدة إلى بيروت، وإن كان إجراء شكليا لكنه في نهاية الأمر رسالة سياسية لا تحمل أي لبس.

على كل إذا أرادت سورية استثمار هذه الفرصة لتصحيح بعض أخطائها السابقة التي تسببت في فتور علاقتها مع عواصم عربية مهمة بحجم القاهرة والرياض، فعليها أن تدرك جيدا أن ملفات المنطقة جميعا متداخلة ومعقدة، فلا يمكنها أن تأخذ اليمين في الأزمة اللبنانية وتجنح إلى اليسار في ملف إيران النووي، والأمر كذلك ينطبق على قضية السلام مع إسرائيل والوضع في العراق أيضا، فإما أن تعود دمشق إلى حضنها العربي الدافئ، وإما أن تبقى ممسكة بكرت "حزب الله" الذي يوشك أن "يحترق" ويحرق ما تبقى لها من رصيد التعاطف العربي شعبيا ورسميا.

back to top