خذ وخل: استجواب لوزير الحسد!


نشر في 14-03-2010
آخر تحديث 14-03-2010 | 00:01
 سليمان الفهد * من كثرة الحديث عن الحسد وشدة حضور ذوي العيون الحارة في مجتمعنا، حسبت أن هذه الحالة بمنزلة «طوفان نوح»، وحريّ بالعبد لله أن يأوي إلى جبل يعصمني من الغرق في طوفان الحسد والعين الحارة والعياذ بالله! ذلك أن الكثيرين منا يعتقدون أن الحسد أحد أسباب تردي حالة البلاد والعباد على كل الصعد والمناحي!

وكنت أظنه فعلا نادرا شاذا لا يمارسه سوى القلة عنوة وقسراً، ربما لأني من جيل مخضرم ألف الحديث عنه في معرض فضح سوءة الحسود، وصاحب العين في سياق التندر والممازحة، كما كان يجري الأمر أيام زمان، قبل أن تبتلى الديرة بطوفان الحسد، والذي يبدو أنه تحول إلى ظاهرة اجتماعية تستوجب تكريس حقيبة وزارية تعنى بوضع كل الإجراءات الساعية إلى درء الحسد واحتوائه. كأن تعمد الوزارة المفترضة إلى تزويد السكان برقى وتمائم و»يامعة» يتقلدها كل مواطن فقط! بدعوى أن هذه البلية قاصرة على المواطنين، ولا تصيب المقيمين البتة، ربما لأنهم ليس بحوزتهم ما يحسدون عليه، أو لا يجاهرون متباهين بما يملكون، كما يفعل الكثيرون منا!

* ولعل وجود وزير ووزارة للحسد يحرض جلّ النواب على توجيه استجواب صارم ضد الحسد، ولا أخال أحداً يجرؤ على اتهامهم بممارسة التأزيم إياه، لأن البلية يشكو منها الخاصة والعامة، المواطنون والمسؤولون سواء!

ومع أن الحسد والعين الحارة ظاهرتان إنسانيتان حاضرتان في البلاد كافة، إلا أنني لم أقرأ وأسمع غيرنا يتحدث عن وطأتهما مثل ما نفعل! من هنا تكمن أهمية وجود وزارة الحسد لتعنى بالمباحث والدراسات المكرسة بتشريح وتشخيص أسبابه ودوافعه، وسبل معالجتها بالعلاج الناجع، وأهمها- في تقديري- تحقيق المساواة والعدالة بين المواطنين، بحيث يزول الشعور بالغبن الذي يستحوذ على ذلك النفر منهم الذين لا يملكون شروى نقير، ولا أرضا للسكن، ولا سيارة يمتطيها بدون أغلال الأقساط المزمنة الأزلية التي تطوق عنقه إلى ما شاء الله، وعلى الرغم من كل ما أشرت إليه آنفا فإني لا أخفي عدم قناعتي بما «يقولون»، ويتواتر في حديث المجالس وتصريحات المسؤولين وغيرها، لأن من الصعب الذي يصل إلى حد الاستحالة وصم شعب بحاله بخطيئة الحسد والعين الحارة، لأن «الشر يعم»، «والخير يخص» كما يقول المثل.

وأيا كان الأمر بشأن هذه البلية فإن الذي يعزينا هو: أن الحسود ليس في عينه «عود» فحسب، بل إن في عينيه عودا وكمنجة! واللهم نجنا من مضار وأخطار العين العابرة للحدود والقارات، لكوني أقيم وبعلتي خارج الديرة! وإلى حين نتوصل إلى العلاج الشافي لهذه البلية، فلا مناص من أن يكون ملحا لحياتنا اليومية!

back to top