ليلى العثمان: ملامح المدن القديمة اختفت من واقعنا

نشر في 12-03-2010 | 00:01
آخر تحديث 12-03-2010 | 00:01
No Image Caption
تحدثت بلغة أدبية رشيقة عن «المدن والمبدعون»
تمزج الأديبة ليلى العثمان في حديثها عن "المدن والمبدعون"، بين انطباعات الأدباء الآخرين ومشاهداتها الشخصية التي تسرد تفاصيلها بكل دقة، مستذكرة ملامح كثيرة من عبق الماضي، تنقل المتلقي إلى عالمها متجولا بمعيتها في دهاليز الأزقة الضيقة وبساطة الدكاكين التراثية.

استضافت رابطة الأدباء الأديبة ليلى العثمان في محاضرة تحت عنوان "المدن والمبدعون"، أدارها بسام المسلم  الذي قدّم لمحة تعريفية بالضيفة، مستعرضاً نتاجها الأدبي المتنوع، مشيراً إلى أنها ستتناول من خلال محاضرتها المدن العربية وما كتبه الأدباء من نثر وشعر عن عمرانها وجمالها ومشاهداتهم فيها.

وفي مستهل حديثها قالت: "من قلب المدن بدأنا... مُدناً صغيرة أو كبيرة... بعضها انفتحت نوافذه على البحر، وبعضها تموقع قلب البلاد، وبعض آخر فرضت عليه ظروف تاريخية أو سياسية أن يكون داخل أسوار عالية، وذات قلاع ولها بوابات تفتح في النهار وتغلق في الليل".

ذكريات مخبأة

وقالت العثمان: "ثمة معالم كثيرة للمدن القديمة اختفت من واقعنا، بينما احتفظت الصور الفوتوغرافية وذاكرة الناس بالكثير من هذا التراث، وفقدت المدن الكثير من ملامحها الأصلية بعد حدوث التطور، فاتسعت مساحتها وتضاءلت معالمها القديمة، والإنسان كلما اقترب من المحطة الأخيرة من حياته ازداد حنينه إلى أجواء المدن القديمة التي عاش فيها". وأضافت: "يرجع لا شعوريا أو بقصد إلى الماضي، يبحث بين طياته عن طفولة عاشها، عن ذكرياته المخبأة في الزوايا أو شقوق الجدران، عن روائح أمكنة وملامح بشر التقطتهم العين في الرواح والإياب".

ووصفت العثمان علاقة المبدع بالمدن القديمة المتجذرة في وجدانه وفكره، قائلة: "حين كتب أغلبية المبدعين عن مدنهم القديمة، فهم لم يستعيروا مادتهم من الكتب، ولم يؤلفوا أو يسجلوا ما شاهدوه وعاشوه تسجيلاً سرديا وصفيا جامداً، بل كتبوا بتلك العلاقة الروحية، أو الإنسانية التي ربطتهم بمدنهم ومعطياتهم التي ساهمت في تشكيل إبداعهم، فصار الإبداع جزءاً مهما من فعل الكتابة، وقد كانوا أوفياء لجوهر المكان والزمان، فبعثوا نبض الحياة في المدن المنسية، ونقلوا بذلك ذاكرة جيل كامل، إلى أجيال لا تعرف عن ماضي مدنها إلا بعض شيء يشبه الضباب البعيد".

ثم تحدثت ليلى العثمان عن علاقتها الحميمة بالمدينة القديمة قائلة: "تلوح لي الآن كأنها قلب أمي يصطفيني بحنانه بعد الغياب، تفتح أمامي أبواب سورها القديم، فيشرع وجهها الحبيب أندس في قلبها... أتفقد أحياءها... أسواقها... بيوتها... لأتحسس وجوه ناسها... أستعيد حكاياتها فلا أجدها في كثير من جوانبها تختلف عن المدن العربية الأخرى التي قرأت ما كتبه أناسها عنها، لكنها تحتفظ ببعض الخصوصيات التي لا تخلو منها مدينة عربية أخرى، خصوصية مكان..,. وبشر وتقاليد".

وأضافت : "لم تغِب مدينتي القديمة عني، لذلك لم تغِب عن كتاباتي الأدبية من مقالة وقصة ورواية، على أنني أحتفظ بالجانب الأكبر منها ليدخل ضمن كتاب (سيرتي الذاتية) الذي اعمل عليه، كثيرون كتبوا عن الكويت القديمة، وتنوعت تلك الكتابات شاملة كل مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية والتراثية، لقد دفعتنا مُددنا القديمة حتى بقسوة تقاليدها أن نتعلم ونحلم، حشدت ذاكرتنا بمادتها الخصبة، عشنا تجارب الكبار واستفدنا منها، وكانت لنا تجاربنا الصغيرة التي لملمناها في صناديق الروح، حتى صرنا كباراً نخوض تجاربنا الكبيرة فنجد لها روافد من الزمن الماضي نغرف منها... ونستمد شحناتنا للكتابة، وهكذا كتبنا بصدق".

أجواء كويتية

وعقب ذلك تم فتح باب النقاش، وتطرق المتداخلون إلى موضوعات مهمة تُعنى بأدب الرحلات، مشيدين بالسرد الجميل الذي قدمته المُحاضرة.

وقد استغربت ليلى العثمان من ندرة كتابات الأدباء والمثقفين العرب المقيمين في الكويت التي تتطرق إلى الواقع الكويتي، مبينة أن ثمة عددا قليلا تطرق في كتاباته إلى الأجواء الكويتية.

وأوضحت أنها سلكت طريق الكتابة عن المدن الحقيقية بعيداً عن خيال الكتاب، مفضلة احتفاظ المدن بخصوصيتها، وترى أن هذا النوع من الكتابة بجناحيها الواقعي والخيالي أرّخا لتاريخ المدن، كما انتقدت عدم تكاتف الأدباء العرب المقيمين خارج الوطن العربي، مشيرة إلى عدم استمرار التجمعات الثقافية التي ينظمونها لأسباب متنوعة تنعكس سلباً على الثقافة العربية.

وقالت إنها بَكت عندما رأت الشكل العمراني الحديث يتمدد على ملامح المدن القديمة ويساهم في اندثارها، مبينة أنها قريباً ستشرع في نشر كتب أدب الرحلات، تتطرق فيها إلى رحلاتها في اليمن ولبنان، وغيرهما.

back to top