غزل اميركي ايراني في منتدى حوار المنامة


نشر في 22-12-2009
آخر تحديث 22-12-2009 | 00:00
 د. عبدالخالق عبدالله في الوقت الذي حصل فيه إجماع في الرؤية في اختتام أعمال قمة مجلس التعاون الخليجي الثلاثين في الكويت حول التحديات الراهنة التي تواجه الأمن في الخليج، اختلف المشاركون في منتدى حوار المنامة السادس، الذي عقد خلال الأسبوع الماضي، بحدة حول التهديدات الأمنية التي تواجه هذه المنطقة الحساسة من العالم.

لقد قدم كل وفد من الوفود الرسمية والأكاديمية المشاركة في منتدى حوار المنامة رؤيته، وجاء بأجندته، وقال كلمته، وأصر على موقفه، وحقق غرضه، وغادر الجميع المنامة دون أن يتمكن المنتدى من الخروج بأي اقتراح عملي يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في الخليج العربي فيما عدا ذلك القليل من الغزل الدبلوماسي الذي يؤكد أن هذا هو زمن المصالحة وليس زمن المواجهة.

بالنسبة إلى إيران، وكما جاء في كلمة وزير خارجيتها منوشهر متكي، في الجلسة الأولى للمؤتمر فإن التهديد الأكبر لأمن المنطقة هو «الوجود العسكري والسياسي الأجنبي». هذا هو الموقف الرسمي والتقليدي لإيران، الذي كان ومازال يطالب بإنهاء الوجود الأجنبي كمدخل لتحقيق الأمن والاستقرار في الخليج العربي. كان وزير الخارجية الإيراني ودودا وإيجابيا ولطيفا في نقده للولايات المتحدة على غير العادة، ولم يأت على ذكر الوجود العسكري والسياسي الأميركي في الخليج العربي نصا بل ضمنا.

من ناحيته ذكر الجنرال ديفيد بتريوس، قائد القيادة المركزية للقوات الأميركية، قائد القوات الأميركية السابق في العراق، أن الجماعات الإرهابية والمتطرفة المدعومة من القوى الإقليمية التي تسعى إلى الهيمنة هي المصدر الأكبر لعدم الاستقرار في المنطقة.

لم يكن منتدى حوار المنامة السادس منتدى للمواجهة بل للمصالحة، فقد امتنعت واشنطن عن اتهام طهران وابتعدت طهران عن نقد واشنطن مباشرة، وإيران تقر بالوجود الأميركي، والولايات المتحدة تقبل بالدور الإيراني في الخليج، كل ذلك يتم بالمكشوف وفي غفلة من الغافلين، ومما أكد وجود «شيء ما» بين واشنطن وطهران ما ذكره جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، بلغة صريحة وواضحة «أنه لا يملك أي دليل مادي على أن إيران تقدم الدعم اللوجستي للحوثيين في اليمن». تبرئة إيران بهذه اللغة الواضحة، وعلى أرض عربية، وفي عاصمة خليجية، وعلى مقربة من إيران ومن قبل مسؤول أميركي رفيع المستوى، من الأمور النادرة جدا إلا إذا كان الهدف إيصال رسالة إيجابية إلى طهران ورسالة توبيخية للآخرين.

كان هذا الغزل الإيراني الأميركي هو أهم مستجدات منتدى حوار المنامة في دورته السادسة، والذي ربما يعكس مواقف أميركية وإيرانية جديدة تجاه بعضهما، ويشير إلى أن «شيئا ما» يجري خلف الأضواء، وبعيدا عن الكواليس وكجزء من الصفقة الكبرى التي تطبخ على نار هادئة بين طهران وواشنطن.

هذا الغزل الأميركي الإيراني من العيار الخفيف لم يعجب الدول العربية الخليجية المشاركة في منتدى حوار المنامة 2009، لذلك أكد وزير خارجية البحرين، متحدثا بالنيابة عن بقية دول مجلس التعاون، أن التهديد الأكبر لأمن الخليج يكمن في تصاعد المواجهة السياسية بين واشنطن وطهران، وكأنما يقول إن طهران وواشنطن تتحملان معا وسويا مسؤولية التوترات في الخليج العربي، لكنه في ختام كلمته انساق أيضا مع الجو الغزلي وأكد رغبة البحرين في تخفيف الخلافات في المنطقة.

كان الجميع في مزاج تصالحي في منتدى حوار المنامة 2009 بما في ذلك، جون جيبمان مدير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، الجهة المنظمة للمنتدى.

بعد مرور ست دورات متتالية أخذ منتدى حوار المنامة يكرر نفسه، ويجتر موضوعاته، ولا يضيف أي جيد لموضوع الأمن في الخليج الذي هو الشغل الشاغل لدول المنطقة، خصوصا الدول النفطية الصغيرة التي تبحث عن الأمن، وتتحدث عنه، وتحلم به منذ عام 1968 ولا تجد سوى سراب الأمن والمزيد من الأزمات والتوترات والمواجهات بين القوى الإقليمية.

* باحث وأكاديمي إماراتي 

back to top