كيفما تكونوا يولى عليكم

نشر في 20-08-2009
آخر تحديث 20-08-2009 | 00:01
 حسن مصطفى الموسوي يصعب على أيٍ منا إيجاد الكلمات المناسبة لوصف مأساة أهلنا في الجهراء، ففقدان العزيز مؤلم في الأحوال العادية، فما بالكم بفقد الأم والزوجة والأخت والابنة بهذه الطريقة البشعة وفجأة دون مقدمات؟ إنها فعلاً مصيبة عظيمة ولا يمكننا تخيل ما يعانيه أهالي الضحايا الذين نسأل الباري عز وجل أن يلهمهم الصبر والسلوان، وأن يعوضهم خيراً ويعيد البسمة إلى وجوههم.

لكن أسباب المأساة أكبر من غيرة امرأة أساءت تقدير ما يمكن أن ينتج عن فعلتها الحمقاء، وهي أكبر من تقصير حكومي هنا وهناك لأنها مرتبطة بثقافة عامة من اللامسؤولية وتجاوز القانون وعدم الاهتمام بمعايير الأمن والسلامة. وهذه الثقافة العامة هي التي تنتج لنا نواباً يريدون ترسيخ هذه الحالة من الفوضى وعدم احترام القوانين، ولا همّ لهم سوى التكسب السياسي الذي فضحهم في هذه المأساة وبيَّن مدى تناقضهم الفاضح.

فبعد المأساة مباشرة بدأنا نسمع عن تذمر بعض النواب من تقصير الحكومة في متابعة معايير الأمن والسلامة في حفلات الأفراح، بينما لو كانت الجهات المعنية قد أزالت الخيمة قبل موعد العرس لرأينا النواب أنفسهم يقيمون الدنيا ولا يقعدونها على الحكومة، متهمين إياها بمحاربة العادات والتقاليد الكويتية الأصيلة ومحاربة المواطن البسيط وترك تجاوزات علية القوم.

وهذه النغمة- بالمناسبة- هي النغمة نفسها التي استعملت من قبل نفس النواب لمحاربة قانون إزالة الدواوين المتعدية على أملاك الدولة، والتي لم تكن معظمها تخضع للتفتيش أو لمعايير الأمن والسلامة!

الكل يطالب الآن بتطبيق القوانين ومحاربة الفساد، وإعداد خطة طوارئ محكمة، لكن كل هذه المطالب أوهام لن تتحقق. فحكومة ضعيفة وعاجزة هي انعكاس لمجلس ضعيف يحكمه نواب التكسب السياسي غير المؤهلين لمواكبة دولة القانون. وهؤلاء النواب هم انعكاس لمجتمع مريض ينتخب على أسس قبلية وطائفية وعائلية، وهمّ كل فئة فيه انتخاب مَن ينفعها ويتجاوز القانون من أجلها.

هذه الحالة هي التي حكمت البلاد لعقود، وهي المسؤولة عن جهاز حكومي مترهل يحكمه مسؤولون غير أكفاء وصل معظمهم إلى مناصبهم عن طريق الواسطة وتجاوز القانون والكفاءات، ويبقى الناس البسطاء ضحايا هذه الحالة المريضة. إذن قبل أن نبدأ حفلة ردح وتكسب سياسي جديدة على أنقاض الضحايا، فلنبدأ بأنفسنا ونصلحها لأنها أساس أي إصلاح نحلم به.

***

مع حلول شهر رمضان المبارك، لن نقول «مبارك عليكم الشهر» بل «عظم الله أجوركم» ليس فقط بسبب فاجعة الجهراء، بل أيضا لأن شهر الرحمة والبركة أصبح شهر الأكل والمسلسلات والحفلات.

back to top