أوباما يفي ببند ثانٍ من برنامجه: إعلان استراتيجية تقيّد «النووي»
في خطوة هي الأولى من نوعها منذ عام 2005، والثالثة منذ انتهاء الحرب الباردة قبل نحو عقدين من الزمن، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس، "وثيقة مراجعة الموقف النووي" التي تقيِّد بشكل عام استخدام وإنتاج ونشر السلاح النووي.وتقلص الاستراتيجية النووية الجديدة فرص واشنطن للجوء إلى استخدام السلاح النووي، وتسمح به فقط في حالة الضرورة القصوى دفاعاً عن أمنها القومي ومصالحها الحيوية ومصالح حلفائها وشركائها.
وتمثل الاستراتيجية الجديدة تطبيقاً لتعهدات أوباما الانتخابية بالسعي إلى عالم خالٍ من السلاح النووي، وتأتي بعد أن أقرت الإدارة الأميركية في الشهر الماضي قانون الرعاية الصحية، الذي كان أحد أبرز الوعود الانتخابية لأوباما.ووفقاً لهذه الوثيقة، التي جاءت بعد مناقشات استغرقت عاماً كاملاً بقيادة وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) وبالتشاور مع الحكومات الحليفة لواشنطن، فإن "الإرهاب النووي" يشكل "أكبر خطر فوري"، وليس الدول التي تملك السلاح النووي، وذلك في الوقت الذي "يسعى فيه تنظيم القاعدة وحلفاؤه المتطرفون إلى امتلاك أسلحة نووية". وبموجب الوثيقة، تتخلى واشنطن عن تطوير أسلحة ذرية جديدة وتخفض مخزونها النووي.وتنص الاستراتيجية الجديدة على أن من أهداف الولايات المتحدة التحرك نحو جعل "الهدف الوحيد" للسلاح النووي هو الردع والرد على أي هجوم نووي، ولكنها لا تُلزم واشنطن التعهدَ بألا تبادر إلى شن هجوم نووي، كما أوصى الكثير من مناصري الحدّ من التسلح، ولا تعني استبعاد استخدام السلاح النووي للردّ على هجوم بالأسلحة التقليدية أو البيولوجية أو الكيماوية.وكان أوباما أكد في لقاء مع صحيفة "نيويورك تايمز" نشر أمس، عدمَ استخدام السلاح النووي ضد الدول غير النووية التي تلتزم بنودَ معاهدة منع الانتشار النووي، حتى لو أقدمت تلك الدول على مهاجمة الولايات المتحدة بسلاح بيولوجي أو كيماوي. وقال أوباما في هذا السياق: "بإمكاننا دحر مثل تلك التهديدات، من خلال سلسلة من التدابير التدريجية تتضمن دمجاً بين الأسلحة التقليدية القديمة والحديثة".وأعربت الوثيقة عن تساؤلات واشنطن حيال البرنامج النووي الصيني، مشيرة الى أن "افتقاد الشفافية الذي يحيط ببرامج الصين النووية وسرعة الخطى والنطاق وأيضاً الاستراتيجية والمذهب الذي يرشدها تثير تساؤلات عن النوايا الاستراتيجية المستقبلية للصين"، ولكنها أكدت في المقابل أن "الترسانة النووية للصين لاتزال أصغر بكثير من ترسانتَي روسيا والولايات المتحدة". وحثت الوثيقة روسيا على البدء في محادثات تهدف الى تبني اتفاقية هي الأولى من نوعها للحدّ من الأسلحة النووية ذات المدى القصير، وهو المجال الذي تحتل فيه روسيا مرتبة متقدمة على الولايات المتحدة.وتقترح الوثيقة أن تأتي الاتفاقية غير المسبوقة في إطار معاهدة "ستارت 2" أو "نيو ستارت" للحدّ من الأسلحة النووية الطويلة المدى، والتي من المقرر أن يوقعها أوباما والرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف في براغ غداً الخميس.وكانت موسكو هددت أمس، بأنها تحتفظ بحقها في الانسحاب من "ستارت 2" بعد توقيعها إذا رأت أن النظام الدفاعي الصاروخي الأميركي، الذي قررت الإدارة الجمهورية السابقة بناءه في أوروبا الشرقية، يهدد أمنها.وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي عقده في موسكو، إن بلاده تشاطر الولايات المتحدة مسعاها نحو عالم خالٍ من السلاح النووي، لكنه أشار الى أنه "يجب علينا حل مسألة الأسلحة الاستراتيجية الهجومية والأسلحة الاستراتيجية غير النووية عموماً التي يجري العمل على تصميمها حالياً في الولايات المتحدة".وحث لافروف واشنطن على "تحليل التهديدات العالمية بشكل مشترك قبل تنفيذ المزيد من الخطوات في برامج الدفاع الصاروخية"، مشدداً على أن بلاده لن تقبل الإخلال بالتوازن بينها وبين الولايات المتحدة من خلال إحلال أسلحة غير نووية محل السلاح النووي.وفي السياق، أكد وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس خلال مؤتمر صحافي شرح فيه الوثيقة الجديدة، أن بلاده «ستستمر في مساءلة أي دولة تسعى إلى الحصول على أسلحة للدمار الشامل، كما أنها ستستمر في عدم إجراء تجارب نووية»، مشدداً على أن «الخيارات كافة مطروحة بالنسبة لكوريا الشمالية وإيران».وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون: «نريد أن نُقلل من دور الأسلحة النووية في بلدنا، مع الاحتفاظ بقدراتنا للدفاع عن أمّتنا». وأضافت: «نحن نسعى إلى الحدِّ من الانتشار النووي بالاشتراك مع حلف شمال الأطلسي وحلفائنا الآخرين، وذلك للحيلولة دون انتشار السلاح النووي». (واشنطن ـ أف ب، أ ب، رويترز، د ب أ، يو بي آي)