خذ وخل: وباللجان تدوم النعم!


نشر في 30-09-2009
آخر تحديث 30-09-2009 | 00:01
 سليمان الفهد بغض النظر عن التفاصيل الفنية الكثيرة الواردة بشأن كارثة مشرف، تبدو لي وزارة الأشغال تروم وضع اللوم والمسؤولية على كاهل الوزير السابق، لكي تقيد القضية في النهاية ضد «مجهول» أو ضد عدو لئيم يكره البلاد ويحقد عليها اسمه: الخلل الفني، والماس الكهربائي.

• صار معلوماً للقاصي والداني أن أي واقعة مأساوية تحدث في البلاد وللعباد تستوجب- بالضرورة- إنشاء لجنة فورية، تتباين في طول قامتها، وفق شدة وحدة خطورتها، فقد تكون لجنة عليا، أو معتدلة الطول، أو أنها لجنة والسلام، بدون لقب فخيم يشي بأهمية الدور الذي ستقوم به! ويدلل على علو هامة أعضائها في إبداع الحلول لأي مشكلة مأساوية تحدث في الديرة. ولست أذيع سراً إذا أشرت إلى أن اللجنة- أي لجنة- أصبحت سيئة السمعة لدى الوجدان الجمعي للمواطنين، من جراء سوابقها السيئة الضارة خلال العقود الماضية، بخاصة تلك النوعية من اللجان التي تنشأ لذر الرماد في عيون الغيورين على مصالح البلاد والعباد، أو تلك اللجان التي «تحفظ» توصياتها في ملفات اللامبالاة وأضابير العتمة ونفي الفعل الإصلاحي المطلوب.

ومن هنا اختلط حابل اللجنة الفاعلة الساعية إلى معرفة الحقائق المفضية إلى الإصلاح، بنابل اللجنة الجاهزة التي يراد ألّا «تهش وتنش» كما هو شأن العديد من اللجان التي أنشئت «مسلوقة» على عجالة، للإيحاء بالاهتمام والغيرة على المصلحة العامة.

أقول ذلك كله بسبب الوثيقة الخطيرة التي كشفت عنها جماعة «الخط الأخضر» المعنية بالبيئة والتي «تزعم» فيها أن كارثة «مشرف» وشيكة الحدوث منذ 2007 وفقا لتقرير اللجنة التي أنشأها وزير الأشغال السابق، للبحث في أسباب تصدع الجدران الخرسانية للمحطة، وتسرب المياه من خلالها، وغيرها من التبعات الخطيرة الواردة في سياق تقرير اللجنة إياها، والذي يمكن اختزال زبدته بالقول إن محطة مشرف أنشئت بمنأى عن مراعاة أسس السلامة الإنشائية، الأمر الذي أفضى بالمحطة إلى الحالة الكارثية التي آلت إليها، من جراء تقصير المقاول في عملية التنفيذ، والتقصير ذاته من المستشار المشرف على عملية تنفيذ المشروع.

• وقد ردت وزارة الأشغال على الاتهامات الواردة في المؤتمر الصحفي لجماعة «الخط الأخضر» وليتها لم تفعل! لأن ردها صيغ بطريقة «صبه حقنه لبن» لكونه أكد دعاوى جماعة الخط الأخضر من حيث لا تحتسب الوزارة!

وبغض النظر عن التفاصيل الفنية الكثيرة الواردة بشأن كارثة مشرف، تبدو لي وزارة الأشغال تروم وضع اللوم والمسؤولية على كاهل الوزير السابق، لكي تقيد القضية في النهاية ضد «مجهول» أو ضد عدو لئيم يكره البلاد ويحقد عليها اسمه: الخلل الفني، والماس الكهربائي، وما إلى ذلك من ترهات هروبية ما أنزل الله بها من سلطان، فالوزير السابق عمل لجنة صاغت توصيات حرية بالتنفيذ، والوزير اللاحق أنشأ هو الآخر لجنة تحقيق كان من صلب عملها توثيق حالة المحطة حاليا، لكن الغريب المدهش أن ممثل الشركة المقاولة التي أنشأت محطة مشرف لم يحضر عملية المراجعة والكشف والتوثيق بالصور، ربما بعذر طبي، أو بدافع «من أمن العقوبة أساء الأدب»!

إن كارثة «مشرف» تفصح بأن البلاد مشرفة على «الهلاك» من جراء الفساد الذي ينخر في نسيج جل عمليات المقاولات العامة المكرسة لإنشاء البنية التحتية، وعمارة البلاد بالتنمية الضرورية للديرة ومن فيها.

«فالغازات السامة» باتت تفوح من جل المناقصات العامة، وتزكم أنوف حماة المال العام، وكل ما يستوجب الحماية والدفاع عنه، ولحسن حظ السيد وزير الأشغال العامة أنه لم يكن يابانيا لا سمح الله، فلو كان كذلك لاستقال فور وقوع الكارثة، وربما أقدم على الانتحار بطريقة «الهاريكاري» حيث يغرز الياباني نصل سيفه في قلبه!

وما دمنا نستورد كل شيء من الخارج فلمَ لا نستورد وزراء وقيمين من بلاد اليابان، بدون الحاجة إلى استيراد السيوف والخناجر لأنها صناعة وطنية وقومية ولله الحمد؟! ومثلما أن «الجنة تحت أقدام الأمهات»، فإن اللجنة تحت أقدام المقاولين!

back to top