ربع دينار فاضل صفر

نشر في 15-12-2009
آخر تحديث 15-12-2009 | 00:00
 د. صلاح الفضلي الكل متفق على أن الحكومة كسبت معركة جلسة الاستجوابات بالضربة القاضية الفنية، وما كان لها أن تحقق هذا المكسب إلا بسبب التذمر العام من توالي الاستجوابات، مما خلق انطباعاً عاماً بوجود تعسف من قبل المستجوبين في استخدام حق الاستجواب، وما زاد الطين بلة اتضاح ضعف أغلبية هذه الاستجوابات وهزالها على عكس التصريحات النارية للمستجوبين قبل الاستجواب.

فاستجواب فيصل المسلم لرئيس الوزراء اتضح أنه لم يكن سوى فقاعة صابون، وتبين أنه ليس لدى المسلم سوى شيك ناصر الدويلة، بعد أن كان الكل يتوقع مفاجآت مدوية، وأما استجواب الوعلان فكان فضيحة بجلاجل، وتبين أن الاستجواب الذي قال الوعلان إنه يسقط حكومة بكاملها لا يستطيع أن يسقط حتى عود كبريت، وأكبر غلطة ارتكبها الوعلان هو أنه استجوب الوزير الخطأ، فهو لم يجد سوى فاضل صفر الذي يتفق الجميع على أنه من أنظف الوزراء في الحكومة، وحسب قول أحد الظرفاء إن فاضل صفر لو وجد ربع دينار فإنه يتصل على 777 ليبلغ عن عثوره عليه.

استجواب بورمية لوزير الدفاع، وهو الاستجواب الذي مللنا ونحن نسمع بورمية يهدد به، وبمحاوره الخطيرة التي تهدد السلم العالمي، تبين أنه أوهن من بيت العنكبوت، وأن محاوره جميعها «بايتة» وقد أكل عليها الدهر وشرب. يبقى استجواب مسلم البراك لوزير الداخلية، وهو برأيي الاستجواب الوحيد المستحق، لأنه استكمال للاستجواب السابق.

الحكومة بعد تجاوزها محنة الاستجوابات تشعر بنشوة كبيرة لأنها تعتقد أنها فازت بالضربة القاضية على المستجوبين الذين تصفهم بالمؤزمين، وبعد أن كانت تموت رعباً من كلمة استجواب فإنها من الآن فصاعداً ربما «تتحرش» بالنواب «المشاغبين» وتدعوهم إلى استجوابها «إذا كان فيهم خير»، وهنا لابد أن أشيد بالكلمة التي قالها النائب خالد السلطان في جلسة الاستجوابات، حيث نبه إلى أن تقديم أربعة استجوابات دفعة واحدة سوف يشكل حماية في المستقبل للوزراء الفاسدين، لأن فشل هذه الاستجوابات سوف يشجع الوزراء أصحاب التجاوزات على التمادي، لأنهم لم يعودوا يخشون الاستجوابات بعد أن رأوا نتيجة الاستجوابات الأربعة.

السؤال الكبير المطروح الآن بعد الفوز الساحق الذي حققته الحكومة في كسر شوكة «المشاغبين» هو: هل تستفيد الحكومة من هذا النجاح، أم أنها سوف تظل تتخبط وترتكب الأخطاء مرة بعد أخرى؟ خلال السنوات الأربع الماضية كان رد الحكومة على منتقدي أدائها وضعف إنتاجها أن التهديد الدائم بالاستجواب من قبل النواب لا يترك فرصة للحكومة للتفرغ للتنمية والإنجاز، أما الآن وبعد أن تخلصت الحكومة من شبح الاستجوابات فلم يعد لها عذر، لذا نتمنى من الحكومة أن «تورينا شطارتها» وتحقق ما وعدت به، لأن الوقت الحالي فرصة ذهبية لحكومة الشيخ ناصر لكي تقنع الناس بأنها حكومة «ينشد فيها الظهر»، وأنها حكومة جادة تملك رؤية وقادرة على الإنجاز.

رغم تمنينا ذلك، إلا أنه ليس «كل ما يتمنى المرء يدركه» لأنني أعتقد أن الحكومة لن يطول بها المقام حتى تبدأ بارتكاب الأخطاء التي سوف تعيدها إلى دائرة الخطر والتصادم مع مجلس الأمة مرة أخرى، لأنها غالباً ما تخطئ في الحسابات، ولأن الوزراء كل يغني على ليلاه، وكأنهم أعضاء فريق يعرف لاعبوه بعضهم لأول مرة.

أقرب القضايا التي يمكن أن تمر بها الحكومة في مطبات هوائية عنيفة وتقلب الأغلبية المؤيدة لها من النواب إلى معارضة، هي قضايا القوانين الرياضية والبدون ومشكلة القروض.

خلاصة القول إننا «ودنا نتفاءل»، لكن الحكومة لا تدعو للتفاؤل، وإن «غدا لناظره لقريب».

تعليق: المتابع لمواقف النائب علي الراشد خلال السنتين الماضيتين لا يجد أنه تبقى من علي الراشد عند أول ظهوره سوى الشكل الخارجي، فهو كمن أصابه زلزال بقوة ثماني درجات بمقاس ريختر، فقلب قناعاته رأساً على عقب، وأصبح يتبنى قناعات لو قالها غيره قبل سنوات لأقام عليه علي الراشد حد القصاص، ولعل دعوته الأخيرة لتعديل الدستور لإعطاء الوزراء حق التصويت في طرح الثقة بالوزير المستجوب أمر لم يجرؤ عليه حتى الذين شتموا الدستور صراحة، ولذا نتمنى على النائب علي الراشد أن يستغفر سبعين مرة عما قاله، ويعود إلى رشده حتى يكون له من اسمه نصيب.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top