جون سي. رايلي... من رجل عاديّ إلى بطل

نشر في 04-07-2010 | 00:00
آخر تحديث 04-07-2010 | 00:00
لا يختلف جون سي. رايلي عن غيره من الرجال. فعندما دخل المطعم لتناول الغداء في وقت متأخر، بدا كأي رجل آخر. قد تظنه نادلاً أو رجل أعمال أو شرطياً. إلا أن رايلي نجم سينمائي صدف أنه يشبه أي رجل عادي. صحيح أنه لا يضاهي براد بيت أو توم كروز وسامةً، لكنك تدرك فوراً أنك رأيته في فيلم ما. فشعره المشعث ومعالم وجهه البارزة يدفعانك إلى التساؤل: ألم يمثل في Boogie Nights وChicago وStep Brothers؟ هذا صحيح، فضلاً عن عدد كبير من الأفلام الاخرى.

قدِم رايلي، أحد ممثلي هوليوود الأكثر جدية والتزاماً، إلى واشنطن للترويج لفيلمه الجديد، Cyrus، الذي يؤدي فيه الدور الرئيس: رجل مطلق يواعد أمّاً متوحدة (ماريسا توماي) تجمعها بابنها (جوناه هيل) علاقة غريبة. يذكر رايلي: {يريد كل ممثل أن يكون بطل الفيلم، في حين أن أبطال الأفلام يسعون الى أن يكونوا أفضل الممثلين. لكني أعتقد أن الأكثر نجاحاً في كلتَي الفئتين هو مَن يجمع بين الإثنين}.

لكن رايلي لا يعتبر نفسه من الأكثر نجاحاً، مع أنه أحد الممثلين القلائل الذين يستطيعون أداء أدوار البطولة كما الأدوار الثانوية. فهو لم ينقطع عن التمثيل طوال العشرين سنة الماضية وأجرى على الأرجح مئات المقابلات. على رغم ذلك، يحاول ألا يُطلع الصحافيين على الكثير من حياته الشخصية. يوضح رايلي: {لا يعرف الناس تفاصيل كثيرة عني وآمل أن يبقى هذا الوضع على حاله. أعتقد أن عمل الممثل يقتضي أن يفاجئ الجمهور وأن يكون أداة تعكس الشخصية، لا أن يضفي عليها شخصيّته الخاصة أو معتقداته وآرائه. لا شك في أن الممثل لا يحب سماع الجمهور يقول: {أعلم كيف سيتصرف الآن}. على الأقل، لا أعرف ما سيكون عليه رد فعلي. هذه هي نظرتي إلى التمثيل. فأنا أهوى التحوّل إلى شخصيات مختلفة}.

يعمل رايلي البالغ 45 سنة على الترويج لفيلمه الجديد، إلا أنه يقوم بذلك بحذر، متفادياً التطرق إلى حياته الشخصية. مثلاً، يخبر أنه التقى زوجته، أليسون ديكي، خلال تصوير (Casualties of War 1989)، فيلمه الأول. كانت آنذاك تعمل مع شون بن، أحد أبطال الفيلم. وقد أصبحت اليوم منتجة أفلام مستقلة.

يذكر رايلي أنهما رزقا بأولاد، إلا أنه رفض تحديد عددهم أو ذكر أسمائهم. ويوضح بكل تهذيب وحزم أنه اختار بنفسه حياة الشهرة، أما هم فلا. كذلك، يقول إنه وُلد في شيكاغو في عائلة أيرلندية ليتوانية كاثوليكية تألفت من ستة أولاد، وترعرع في منطقة ساوث سايد. وبدأ التمثيل في المسرحيات وهو في الثامنة أو التاسعة من عمره. يوضح رايلي: {اكتشفت عالم المسرح المبدع الذي ضم مجموعات من الناس الغريبي الأطوار مثلي، أناس يهوون التمثيل وسرد القصص}.

التحق رايلي بالبرنامج المسرحي الضخم التابع لجامعة دوبول، لكنه افترض أن عليه في النهاية البحث عن وظيفة حقيقية. فلم يخطر في باله مطلقاً أنه قد يمتهن التمثيل. لكنه بدّل رأيه عندما اختير صديقه كيفين أوكونر للتمثيل في فيلم Peggy Sue Got Married.

يخبر رايلي: {عندما رأيت رجلاً من حيي في شيكاغو يمثّل في فيلم للمخرج السينمائي فرانسيس فورد كوبولا، قلت في نفسي: {لربما أستطيع ذلك أنا أيضاً}}. كان رايلي في تلك المرحلة يحاول تحديد مساره في الحياة، فأدرك ما عليه فعله. يوضح: {تابعت عمل ما أحب. وبعد فترة، تحوّل العمل الذي أحبه إلى مصدر رزقي}.

دخل رايلي عالم الشهرة بعد مشاركته في فيلم Casualties of War لبراين دي بالما. وعندما سافر إلى تايلند للعمل مع شون بن ومايكل جي. فوكس، كانت هذه المرة الأولى التي يركب فيها الطائرة. وبعد أن رفض ممثلون لديهم أدوار أكبر مواصلة تصوير الفيلم، حصل على دور أكثر أهمية. يقول رايلي: {وهكذا بدأ نجمي يسطع في عالم السينما}.

تمحورت أعماله في البداية حول نمط محدّد من الأفلام. وأدى في العام 1999 شخصيتين تدعيان {غاس}. ولكن في مرحلة ما، تبدلت أحواله. يعجز رايلي عن تحديد زمن ذلك التغيّر بدقة، إلا أنه يرجح العام 2002. ففي تلك السنة، تحوّل من الرجل الذي يعرفه الجميع من خلال فيلم Boogie Nights إلى الرجل الذي مثل في ثلاثة من الأفلام الخمسة المرشّحة لجائزة أفضل فيلم.

يذكر رايلي أن الصدف شاءت أن تصدر تلك الأفلام الثلاثة في سنة واحدة. ولكن لا أحد يستطيع إنكار الرابط بين Gangs of New York، The Hours، وChicago (الذي فاز بالجائزة. ويُذكر أن رايلي ترشّح لجائزة أفضل ممثل مساند عن دوره في هذا الفيلم أيضاً). إنه رايلي، ذلك الرجل العادي بشعره الأشعث.

اشتهر رايلي في البداية بتمثيله أفلاماً جدية مثقلة بالمشاعر، مثل Magnolia

وThe Perfect Storm. لذلك تفاجأ الجميع حين بدّل مساره ومثل في أفلام كوميدية كبيرة حققت نجاحاً مذهلاً. يذكر رايلي: {لم أتعمد سلوك هذا المنحى أو ذاك. حاولت فحسب أن اختار أمراً مختلفاً عما كنت أقوم به}. فجاءت أعماله مختلفةً تماماً.

انتقل رايلي من أفلام مارتن سكورسيزي وA Streetcar Named Desire في برودواي إلى إطلاق عبارات سرعان ما بدأ الناس يرددونها في Talladega Nights. أما في فيلم Walk Hard، فأنشد الأغاني كافة بنفسه، متصدراً عناوين الأخبار عن أهم إنتاج كوميدي له. يقول رايلي: {بدا لي في مرحلة ما أن العالم فقَدَ صوابه. وهذا أحد أسباب انجذابي إلى الأفلام الكوميدية... فقد ظننت أن من الممتع القيام بأمر هدفه إضحاك الناس وإسعادهم}.

في فيلم Cyrus، يمزج رايلي الجدي بالفكاهي. كتب صانعا الأفلام، الأخوان مارك وجاي دوبلاس، النص، وأكّدا له أنهما لن يصوّرا الفيلم من دونه. ثم تخلّيا عن جزء كبير من النص ليشجّعا الممثلين على الارتجال. يقدّر رايلي أن 80% تقريباً من حوار Cyrus مرتجل. ويوضح أنه كان مرتاحاً ومندمجاً جداً بالشخصية خلال الفيلم، حتى أنه ارتدى كثيراً من ثيابه الخاصة. وأثنى على مقاربة الأخوين دوبلاس الطبيعية هذه.

بعد أن أمضى رايلي عشرين سنة في هذا المجال، شعر بالفرح {لمشاركته في سرد القصة، ورفض البقاء مجرد دمية في قصة كتبها شخص آخر}. يتابع رايلي موضحاً: {يُعتبر النص وسيلة المخرج للتحكّم في الممثلين. سمعت أن بعض الممثلين المسنين يصبح صعب المراس. وأعتقد أن هذا هو السبب... عملت مع عدد من الممثلين المسنين وأحسست أنهم سئموا تلقي الأوامر}.

إذاً، ما هي خططه للمستقبل؟ يريد كتابة النصوص، إنتاج الأفلام وإخراجها (وأي ممثل لا يحلم بذلك؟). ولكن إلى أن يحين ذلك الوقت، يتمتع رايلي بميزة يفتقر إليها جميع الممثلين. يقول: {صار وجهي مألوفاً لأنه لا يشبه وجه أي إنسان آخر. ولذلك الأمر مساوئه ومحاسنه. ولكن في مطلق الأحوال، لا مجال لأن يخالني الناس شخصاً آخر}.

back to top