How to Train Your Dragon... تجربة إخراجيّة تسابق الوقت
قد تستغرق أفلام الرسوم المتحرّكة وقتاً طويلاً لإنجازها، فثلاث أو أربع سنوات تقع ضمن المدّة الطبيعية. لكن فيلم How to Train Your Dragon أُنجز بسرعة مختلفة كلياً. كان أمام مخرجَي هذا الفيلم الثلاثي الأبعاد الذي أُطلق في 26 مارس (آذار) الجاري 12 شهراً فقط لإنجازه، متولّيين بذلك مشروعاً يحتاج إلى عملية إعادة ابتكار جذرية. نظراً الى ضيق الوقت، حاول المخرجان الكاتبان دين دوبلوا وكريس ساندرز (الثنائي الذي ابتكر رسوم Lilo and Stitch في العام 2000) تجنّب بعض المآزق التي يولّدها غالباً جدول إنتاجي غير متسرّع مثل صقل دعابة توشك أن تصبح سخيفة من كثرة التخطيط لها. يقول دوبلوا عن الوقفات والانطلاقات المتواصلة غالباً والتي تشكّل جزءاً من جدول معظم أفلام الرسوم المتحرّكة الزمني: «لا يسمح هذا النموذج باتّخاذ قرارات حاسمة. قد تجد نفسك في وضع حيث كل ما قد يجمع عليه ثلاثون شخصاً في الغرفة فكرة نمطية».
على رغم أن النقّاد لم يقيّموا بعد المزايا الفنية في هذا الفيلم، إنتاج استوديو «دريم ووركز»، يبدو How to Train Your Dragon مختلفاً عن أفلام رسوم متحرّكة سابقة أنتجها الاستوديو، لا سيما عن بعض أفلامه التي تعتمد في نجاحها على نجوم والتي انتُقدت بشدّة لكونها تولي أهميةً بالمؤثرات والمشاهير أكثر منه بالأصالة والجوهر. بمعنىً آخر، فإن How to Train Your Dragon من صنع مخرج وليس مجموعة. في هذا الإطار، يقول بيل دمشكي، أحد رؤساء الإنتاج في «دريم ووركز» إن «كريس ودين يشكلان جزءاً من تحوّل شامل في الأعمال التي نحاول إنجازها». هذا الفيلم الذي بلغت تكلفته نحو 165 مليون دولار أميركي مقتبس بتصرّف عن كتاب كريسيدا كاول للأطفال. وهو أول عمل يطلقه الاستوديو في سنة فاصلة على الأرجح، إذ يعتزم هذا الأخير إطلاق فيلمين آخرين قبل نهاية العام 2010: Shrek Forever After في 21 مايو (أيار) و Megamind في 5 نوفمبر (تشرين الثاني). تلك هي المرة الأولى التي يطلق فيها مدير «دريم ووركز»، جيفري كاتزنبيرغ، ثلاثة أفلام في عام، مع زيادة الاستوديو إنتاجه إلى خمسة أفلام كل عامين. يُذكَر أنه أصدر فيلماً واحداً في العام 2009 بعنوان Monsters vs. Aliens. بالكاد تتميّز أفلام الرسوم المتحرّكة في «دريم ووركز» بالقصة الشاملة، والشخصيات المبتكرة، والمخرجين المستبدلين. لم يكن براد بيرد مخرج فيلم Ratatouille الأصلي، من إنتاج بيكسار (إذ حلّ محل جان بينكافا)، بينما استُبدل آش برانون بجون لاسيتير لفيلم Toy Story 2 من إنتاج الاستوديو نفسه. في المقابل، تخلّى كلين كيان عن إخراج فيلم Tangled المقبل من إنتاج ديزني وحلّ محلّه ناثان غرينو وبايرون هاورد. أمّا ساندرز فكان يُفترض أن يخرج فيلم American Dog من إنتاج ديزني، لكن الفيلم وُضع في عهدة هاورد وكريس ويليامز وتحوّل اسمه إلى Bolt. لكن نادراً ما كان الاستوديو يسابق الوقت كما مع How to Train Your Dragon. تمثّلت رؤية وولت ديزني الإبداعية في أن بداخل كل شخص منا طفلاً مهما بلغ سنّه. هكذا حفل الاستوديو الذي أسسه بأفلام أبطالها يافعون، لا سيما في أفلام الرسوم المتحركة الكلاسيكية الحديثة التي أنتجها، مثل سيمبا في The Lion King، آرييل في The Little Mermaid، وياسمينة في Aladdin وشخصيات أخرى. لكن في ظلّ إدارة كاتزنبيرغ، قلب استوديو «دريم ووركز» الذي تأسس منذ 16 عاماً والذي أعلن عن قسم الرسوم المتحرّكة في العام 2004 مفهوم ديزني رأساً على عقب، مغرقاً أفلامه من الرسوم المتحركة بشخصيات راشدة قد تستقطب الأطفال، وShrek خير مثال على ذلك. لكن رواية كاول حول الفايكينغ وعلاقتهم المعقدّة بالتنانين تعجّ بشخصيات لم تبلغ بعد سن المراهقة، لذا تُعتبر كتاباً مثالياً لتلامذة الصف الثاني ابتدائي. وفي ظل مساعي الاستوديو للالتزام بقصة البطل المتردد، جمع المخرج الأصلي بيتر هاستينغز (الذي أخرج فيلم The Country Bears، ويحظى بالفضل في التلفزيون عن مسلسلي Pinky and the Brain وAnimaniacs) فيلماً يلقى، في نظر دريم ووركز، قبول هواة مسلسل SpongeBob SquarePants أكثر منه محبّي Harry Potter. فيما يجتمع مزيد من الأسر اليوم لحضور أفلام ذات مشاهد قوية مثل Avatar وSpider Man، بدت النسخة الأولية من How to Train Your Dragon في نظر الاستوديو موجّهة إلى حد كبير للصغار، ومن الأفلام التي يقلّ الأهل أولادهم إلى الصالات التي تُعرض فيها إنما لا يشاهدونها بأنفسهم.في هذا الإطار، تعقّب بوني أرنولد، منتجة الفيلم التي اشتهرت بإنتاج فيلم Toy Story وOver the Hedge: «كانت قصّة شخصية مخصصة للصغار، وأعتقد بأن كريسيدا أرادت لها أن تكون كذلك». فلو أن How to Train Your Dragon لم يكن يحوي شخصيات أكبر سناً ومشاهد حركة أكثر طموحاً، لأصبح جمهوره محدوداً ضمن فئة عمرية معيّنة ولتكبّد خسائر على شباك التذاكر. يقول دمشكي: «لم تكن قصّة شاملة سيحبّها الجميع».عقب مغادرته ديزني بعد اتفاق بيكسار في العام 2006 (موكلاً فيلم American Dog الذي كان يفترض به إخراجه إلى مخرجين جديدين)، كان ساندرز يعمل مسبقاً في دريم ووركز وأمضى عاماً في إخراج الفيلم الذي تدور قصّته حول حقبة ما قبل التاريخ The Croods. فكّر دمشكي في أن ساندرز سيكون خياراً جيّداً بديلاً عن هاستينغز. يقول ساندرز: «لم أعرف أي شيء محدد عن القصة، لكن راودني شعور إيجابي تجاهها». فأرجأ إخراج The Croods، الذي سيُطلق في مارس (آذار) 2012، أي بعد عام من الموعد المحدد له في البداية. كان ذلك في أكتوبر (تشرين الأول) 2008، وعلى رغم أن موعد إطلاق How to Train Your Dragon أُرجئ سابقاً من نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 إلى مارس (آذار) 2010 (لتفادي تلاقيه مع Avatar)، لم يكن يملك ساندرز أي دقيقة لهدرها. خشي استوديو دريم ووركز، الواثق بأنه من المنطقي إطلاق ثلاثة أفلام هذا العام، من أنه في حال لم يجهز الفيلم بحلول مارس (آذار)، سيتأخر إطلاقه حتى العام 2011. حتّى عندما يُكتَب كل مشهد في فيلم رسوم متحركة، ويُعرض على لوحة القصة، ويُحرّك، يستغرق الأمر أشهراً إضافية لإتمام الإضاءة، وتأليف الموسيقى، ومزج الأصوات، ما يعني أنه لم يكن أمام ساندرز سوى عام لإعادة إخراج الفيلم. وأول من طلب ساندرز مساعدته كان دوبلوا، الذي تعاون معه في مسلسل Lilo and Stitch، والذي كان آنذاك في سياتل يحاول البدء بكتابة سيناريو أفلام حركة حيّة عدّة وإخراجها. يذكر دوبلوا: «قال لي كريس، «ماذا تفعل راهناً؟». فاشتريت تذكرة طائرة وبدأنا العمل في ذلك الأسبوع». خلال تتبّع أحداث الكتاب، تبيّن أن نسخة الفيلم الأصلية لا تضم فحسب شخصيات صغيرة (يقودها صبي جبان يُدعى هيكاب)، إنما تتبع أيضاً قواعد مختلفة تماماً للعلاقة بين سكّان جزيرة بيرك في القرن الثامن والزواحف المجاورة لهم التي تطلق النار من أفواهها.في الرواية والنسخة الأولى عن الفيلم، يخالط سكّان البحر الشمالي التنانين، ويسود التعاون بين الطرفين بدلاً من العداوة. يوضح دوبلوا: «شعرنا بأن القصة لا تنطوي على ما يكفي من الخطر». في فيلم هاستينغز، يجمع الأولاد الصغار بيض التنانين ويربّونها للقيام بحيل. أمّا في نسخة ساندرز ودوبلوا، فتهاجم التنانين الجزيرة، وتسرق مواشي القرية النائية وتحرق منازلها.يعلّق ساندرز: «ارتأينا أن يكونوا أعداء. إنها علاقة مميتة وسيكون هيكاب أول من يعبر ذلك الخط». على رغم أن ساندرز ودوبلوا أبقيا على شخصيات كثيرة من نسخة الفيلم الأصلية وعلى الممثلين الذين جسدوها، لكنهما أجريا تغييرات كبيرة في سن هذه الشخصيات وحجمها. ازداد سن هيكاب ( يتحدث بصوت جاي باروتشل من فيلم Tropic Thunder) والفتاة المعجب بها، أستريد (بصوت أميركا فيريرا من مسلسل Ugly Betty)، من نحو عشر سنوات إلى 17 سنة تقريباً. كذلك كبُرت شخصية التنين الأساسية في الرواية، توثلس، من حيوان أليف صغير ولطيف إلى وحش ضخم قادر على الطيران. عوضاً عن التخلّص من الشخصيات الأصلية، منح ساندرز ودوبلوا في المقابل الشخصيات الثلاث بعض الأدوار الصغيرة. فتوثلس كما تم تصوّره في البداية بات اليوم تنيناً صغيراً يظهر في مطلع الفيلم وهو يحاول سرقة طعام من توثلس بصورته الجديدة فيبعده هذا الأخير عبر نفخ النار في وجهه. أمّا هيكاب وأستريد كما صُوّرا في الفيلم الأول فيظهران في آخر الفيلم كطفلين بين ذراعي امرأة مع مغادرة توثلس في قارب. في الوقت عينه، تركّزت القصة أكثر على العلاقة بين هيكاب ووالده المحارب الخائب الظن، ستويك الكبير (جيرارد باتلر).بعد أن طُلب منهما اتّخاذ القرارات وعدم تخمينها، أعدّ المخرجان ملصقاً كبيراً يستعرضان فيه قواعد لرواية القصة لا يجب أن تنتهك خلال إعادة كتابتهما الفيلم وتصويره: «تتحدث هذه القصة في جوهرها عن العلاقة بين ابن ووالده».«إنها قصّة حيث يصبح ضعف الابن مصدر قوّته الأكبر».«إنها قصّة حيث سيهزم الشاب الصغير أضخم ما رآه الفايكينغ يوماً».أجرى المخرجان تعديلات بسيطة خلال مسابقتهما موعد إطلاق الفيلم. فصمما طريقة طيران التنين بنموذج الطائرات المقاتلة، مستعينين بالمصور السينمائي روجر ديكنز كمستشار لإضفاء إضاءة سينمائية على الفيلم. تعقب المنتجة أرنولد: «يتحلّى المرء بإيمان كبير حين يكون أمامه هذا القدر الضئيل من الوقت. وهكذا جعلناهما يسابقانه».