خذ وخل : تباريح في التفاريح (2-2)


نشر في 10-03-2010
آخر تحديث 10-03-2010 | 00:01
 سليمان الفهد من باب «ربّ ضارة نافعة»، أدت الحوادث المؤسفة التي جرت أثناء مسيرة الشباب بالسيارات، إلى محاكمة فعاليات ما يسمى بـ»هلا فبراير» الذي قدم كبديل عن الأنشطة الاحتفالية التي قدمتها اللجنة العليا للعيد الوطني.

وأحسب أنه آن الأوان لتقييم وتقويم فعاليات «هلا فبراير» لمعرفة جدواها وتأثيرها الترويحي والوطني سلبا وإيجابا، وقد أثبتت الوقائع المأساوية أن الزبد و»الفوم» والرغاوي تذهب جفاء، وقد تخلف آثارا ضارة بالإنسان والبيئة، كما تبدّى ذلك جليا في العيد الوطني الأخير، وكان المبشرون بـ»هلا فبراير» يزعمون أن هذا الشهر سيكون فضاء جذابا للتسوق والمتسوقين الذين سيفدون إلى البلاد من كل صوب... والحق أني لا أعلم ما إذا كان هدف التسوق قد تحقق أم لا.

وبما أن المعلومات بشأن رواج التسوق ليست بحوزتي، لأنها غير متاحة ولا معروفة، تصبح الملاحظة العيانية المباشرة، وسيلة مشروعة للتدليل على فرضية تقول: بأن «الجالية الكويتية» هي أقل الجاليات احتفاء بالعيد الوطني! إذا وضعنا في الاعتبار الهجرة الجماعية التي يهج فيها المواطنون من البلد أثناء عطلة العيد الوطني وذكرى التحرير، الأمر الذي أدى بـ»هلا فبراير» إلى أن يكون عامل طرد ونفي وهجر لمعشر المواطنين، لا عنصر جذب يستقطب اهتمام واحتفاء المواطنين كافة، فإذا كان ذلك صحيحا، وهو كذلك ونصف! يصح القول: بألا لوم ولا تثريب على المواطنين المسافرين، لأن الحفلات الغنائية إياها يمكن أن يشهدوها في عواصم وحواضر عربية شتى في كل حين! بمعنى أن «هلا فبراير» لا جديد فيه البتة، لكونه صار في السنوات الأخيرة مهرجان نجوم شركة «روتانا» وغيرها من الفضائيات التي تتحكم باختيارها المصالح الخاصة، ومصلحة المعلنين التي تدس أنفها في كل شيء! ولعل إقحام مواعظ نجوم الدعوة والوعظ الجدد، يشي بالأزمة اللاجماهيرية التي يعانيها «هلا فبراير»، لكن هذا الإقحام أفضى به إلى أن يكون «لبن سمك تمر هندي»، وهي كما ترى، خلطة عجيبة بلا طعم ولا لون ولا معنى، بحيث لا عجب ولا غرابة أن يتمخض يوم العيد عن رغاوي تذروها الرياح، ولا تمكث في الأرض!

من هنا أحسب أنه آن الأوان إلى ترحيل شهر التسوق إلى أي شهر آخر بعيد عن شهر فبراير، كأن يكون «هلا مارس» أو «ربيع ثاني» لاسيما بعد أن انضمت إلى فعالياته المواعظ والأناشيد الدينية!

ولعل إقحام الفعاليتين الأخيرتين يشي بأن القيّمين على «هلا فبراير» يعترفون بتقزم احتفالية العيد الوطني، وانفضاض الناس عنها، فاضطرت إلى «الاستعانة بصديق» من أهل الدار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ومع أني من مريدي فن التواشيح والأناشيد الصوفية والروحية الإسلامية، وسعدت جدا وطربت لإنشاد الشيخ المدهش «مشاري العفاسي» إلا أني تمنيت لو كانت حفلته في ليلة مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم، أو أن تكون في أول الليالي أو مسك ختامها.

ومن المؤكد أن مشاركة الشيخ «العفاسي» الإنشادية الرائعة، كانت ستكون أكثر جدوى لو أنها تمت في سياق الأوبريت الغنائي الموسيقي المسرحي المعهود لوزارة التربية، بحيث تكون الأناشيد ذات محتوى وطني يتناغم مع إيقاع الأغاني والأناشيد التي تتغنى بالوطن، وتغني له لا عليه! كما تفعل الأغاني «المفصلة» بالمناسبة!

والحق أن مقارنة أنشطة «هلا فبراير» المبارك المجيد، بفعاليات اللجنة العليا للعيد الوطني ليست في مصلحة الأول البتة! حسبنا دليلا على ما زعمناه هو: أن الاحتفاليات القديمة ما برحت تسكن وجدان الناس، ويحفظون عن ظهر قلب أهازيجها وأغانيها، ويتذكرون مهرجاناتها ومسيراتها المترعتين بالترويح والبهجة والفرجة المحرضة على حب الوطن بالفعل والممارسة.

وختاما أقول للجاليات الكويتية المهاجرة: كل عيد وطني وأنتم في وطنكم الثاني: القاهرة، بيروت، دبي، وغيرها من مواطن الهجرة إلى الأنس والبهجة! إلى حين عودة الاحتفال بالعيد الوطني إلى القيمين إياهم في اللجنة العليا.

back to top