البريد العام: «كيفهم... خل نوابنا براحتهم» 


نشر في 09-07-2010
آخر تحديث 09-07-2010 | 00:00
 أ. د. فيصل الشريفي ها هو دور الانعقاد الفائت يسدل ستارته على مشهد التنابز بألقاب ابتكروها لبعضهم بعضا، ومنها «انبطاحي ومؤزم» ليغيروا التسميات القديمة «معارض وحكومي»، وهي حقيقة تسميات فيها هجوم ومس مباشر، ويختلف معناها عن التسميات القديمة.

في المجتمعات الحية تقود النخب الحراك الفكري بكل أنواعه، محققة بذلك التوازن المطلوب لخلق الرفاهية لأطياف المواطنين، من خلال تمكينهم من ممارسة حقوقهم في مقابل التزامهم بالواجبات، إلا عندنا فالمعادلة مفقودة، لأن نخبنا لا تصلح للقيادة كونها تأتي من الباب الخلفي «كما تكونوا يولى عليكم».

من القيادات التي لا دخل لحكومتنا فيها شكليا النخب البرلمانية التي هي من أهم قواعد الحراك في منظومة العمل الديمقراطي في دولة الكويت، لكن ما عُمِل في الخفاء لسنوات من قبل الحكومة باتت تقطف ثماره، حيث ساهمت من الناحية العملية في رسم الذوق العام لدى المواطنين باختيار ممثليهم من النواب المعلبين على قياس حكومتنا الرشيدة، ولفك تلك الأحجية نحتاج سنوات وسنوات لتغيير واقع الموازنة الذي ابتلينا به إلى أن وصلت مرارته لدى البعض كفره علنا بالحياة النيابية.

انتهى دور الانعقاد على خيبة أمل كبيرة رغم إقرار برنامج التنمية وبعض القوانين التي تعززها، ليس لعدم أهميتها، ولكنها لن تصيب هدف المواطن على الأقل في المنظور العاجل ليكتشف أنه ذهب بخفي حنين، ممنيا النفس بالعطلة، لعله يرى في حكومته ما لم يره من نوابه، وأنها أحن عليه من نواب الصراع وتصفية الحسابات، حيث يكتمل المشهد الدرامي ثم يبدأ العد التنازلي.

ولجعل الصورة أكثر سواداً من عين حسناء استحدث نوابنا أسلوبا حديثا في العمل البرلماني لا أراه إلا استكمالا لذلك المخطط، وها هو دور الانعقاد الفائت يسدل ستارته على مشهد التنابز بألقاب ابتكروها لبعضهم بعضا، ومنها «انبطاحي ومؤزم» ليغيروا التسميات القديمة «معارض وحكومي»، وهي حقيقة تسميات فيها هجوم ومس مباشر، ويختلف معناها عن التسميات القديمة، كما أن أثرها أبلغ وأوقع، لذلك ترى نمط العلاقة اختلف لتسمع «كذاب... ومتلون... وابن كذا» كردة فعل لكن «خلهم حيلهم بينهم واللي من إيده الله يزيده».

ومن جديد المجلس أيضاً تقمص النواب دور طلبة الثانوية في استعراض عضلاتهم أمام الجمهور مع الفرق، وذلك ليقينهم بوجود من يقوم بتفريقهم قبل أن يحمى الوطيس، وإلا «تقفي» من يفكر «يطب» يصارع الصرعاوي إذا وصل الأمر لتشابك بالأيدي.

تقسيمة الكتل داخل المجلس لم تعد مهمة، وهي وقتية تخضع لمعيار الضغط للتكسب السياسي الفاضح، والمقصود منه المزيد من النفوذ لدائرة ضيقة تقضم ما تستطيع من الكيكة، والأدلة والشواهد على ذلك كثيرة، ويمكن اختزالها بمراجعة كشوف التصويت والغياب عن الجلسات آخرها جلسة الذمة المالية، وأيضا تحولات توجهات النواب بعد إعلانهم مواقف مسبقة كما في جلسة إسقاط الفوائد.

الخطاب النيابي النيابي هو ما يعنينا في المؤسسة البرلمانية لأنه نتاج أيدينا، ونحن شركاء فيه ومن صنعنا، فهل نكتفي بالمشاهدة الرخيصة؟ أم يدخل المواطن وكل من موقعه على خط التقويم والتقييم، ومن هذه اللحظة حتى لا تهدر حقوقنا ونضيع في مهاترات رسموا لها وخططوا، ولم تأت من فراغ، كما أنها أكثر جاذبية من التراشق الطائفي، ولا أحسبها تصرفات صبيانية مثلما يصفها البعض كون نوابنا نخبه في إدارة المصالح؟!

سؤال في غاية البساطة لنواب الأمة: ماذا كسب الوطن من تراشقكم؟ وماذا يستفيد المواطن من سب بعضكم بعضا؟ أفيدونا أفادكم الله.

ودمتم سالمين.

back to top