أزمة إدارة دولة لا انقطاع كهرباء

نشر في 22-06-2010
آخر تحديث 22-06-2010 | 00:00
 حسن العيسى رفض مجلس الأمة توفير الدعم المالي لوزارة الكهرباء لمعالجة انقطاع الكهرباء، لكنه أقر توصية بتكليف ديوان المحاسبة فحص إجراءات سلامة إجراءات الصيانة... الخ! "وتيتي تيتي لا رحتي ولا جيتي" هكذا سارت الأمور، وستظل "تيتي" المجلس و"تيتي" الحكومة في مكانهما تراوحان، ليس في أزمة انقطاع الكهرباء في عدة مناطق، وإنما في رداءة معظم خدمات الدولة من فوضى المرور وحروب الشوارع إلى طوابير الانتظار الممتدة في المستشفيات، الى انتظار ممتد للسكن حتى قطع الكهرباء عن مناطق البؤس في الدولة، مثل الجليب والفروانية وجحور سكن العمال الأجانب، وكأنهم على تعاسة أحوالهم هم السبب في تبديد الكهرباء!

إذا تركنا فزعة نواب العوازم للوزير ولدهم جانباً، وهم على حق في ذلك، فالأزمة قبل الشريعان وستظل إلى ما بعد الشريعان، وحتى آخر نقطة من برميل النفط، فالمسألة ليست في حاجة إلى شطارة لجان تقص وخشية دائمة من شركات بناء المحطات بأنها "ستبوق" وسيثري التجار الوكلاء على حساب مستقبل البلد بقدر ما هي مسألة إدارة الأزمات في الدولة. لماذا لم ينطق أحد من النواب أو الوزراء بالحقيقة؟ حقيقة نعرفها ولا حاجة إلى المجادلة فيها، فمن يكترث ومن يبالي حين يكون معدل تزايد استهلاك الكهرباء بأكثر من معدل زيادة السكان، ومن يهتم بفواتير الكهرباء ما دامت الحكومة تدعم سعرها بأكثر من تسعين في المئة من تكلفة الإنتاج، تكلفة تقارب العشرين فلساً للكيلوات، وتباع بفلسين للمستهلك... وقدمت عدة دراسات جديدة تقسم الاستهلاك على شرائح، تدعم الحكومة منها أصحاب الدخول الضعيفة الذين يقل استهلاكهم عن حدود معينة، ويتناقص الدعم عكسياً مع ارتفاع الاستهلاك... فماذا حدث لتلك الدراسات وأين الحكومة منها؟ ربما ضاعت في ركام أغبرة فلسفة إسقاط الفواتير!

إذن لماذا يهتم أصحاب الدخول العالية بمعدلات الاستهلاك ونصائح "المسجات" التي تبعثها الوزارة لنا عن ضرورة التوفير في الاستهلاك... فلنترك الأمور على حالها ولنظل على أنانيتنا و"خلوا القرعة ترعى" على حساب مستقبل الدولة... فليست هي مسألة محولات تالفة ولا ضعف محطات الكهرباء، ولسنا في حاجة إلى لجان تقصي حقائق... فالدولة غارقة في محيط من لجان التنفيع، من لجان الوسطية وتهيئة الأجواء لتطبيق الشريعة، حتى لجنة محاربة الطائفية والعنصرية... كلها لجان "بلوشي" وجدت فيها السلطة متنفساً كأفضل وسيلة للهروب من المسؤولية وعدم مواجهة الواقع... هو واقع الحالة الريعية للدولة وغياب المسؤولية وقراءة المستقبل المقلق... أزمتنا ليس اسمها انقطاع الكهرباء أو تفجر محطة ضخ مجار وتدمير البيئة، بل هي أزمة إدارة دولة بكاملها... وغياب كهرباء التفكير والحصافة عند مديري الدولة ولا يبدو أن لها حلاً.

back to top