خذ وخل: الدروس الخصوصية... عرض أم مرض؟!


نشر في 27-01-2010
آخر تحديث 27-01-2010 | 00:01
 سليمان الفهد • أعتقد أن الدروس الخصوصية ظاهرة عامة تدين أطراف العملية التربوية كافة، وليس من العدل في شيء حصرها في فصيلة المدرسين الذين يقدمون هذه النوعية من «الهوم ديلفري» تعليم التلاميذ في منازلهم! فالمدرس الخصوصي لا يقدم دروسا خصوصية لأشباح لا وجود لهم، بل لتلاميذ استمرؤوا مجابهة الامتحانات، باللجوء إلى الحل السحري المريح الكامن في الدروس الخصوصية! وقد راعني تصريح وكيلة وزارة التربية بشأن إلقاء القبض على المدرسين الذين يرتكبون هذه الفعلة ومساءلتهم، بالتنسيق مع وزارة الداخلية، لإتمام إجراءات الملاحقة والقبض على الفاعلين، ومن ثم إنهاء خدمات كل من يثبت تورطه بارتكاب هذه الفعلة.

أما التلاميذ فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون! لأنهم بمنأى عن المساءلة، ربما لأنهم كويتيون لا جناح عليهم ولا عقوبة أبدا، وكأنهم يلوذون بالمدرس الخصوصي قسرا لا اختيارا! وواقع الحال يقول إن «بيزنس» الدروس الخصوصية يمارس جهارا وعلى رؤوس الأشهاد، بمن فيهم حضرات القيمين في وزارة التربية! فتجد صحف الإعلانات والدعاية طافحة بالإعلانات المبوبة المروجة للدروس الخصوصية، كما يخبر الجميع ويعرف ويغض الطرف طوال سنوات عدة!

• إن وزارة التربية تظن «آثمة» أن ظاهرة «بازار» وتجارة الدروس إياها يمكن مجابهتها جذريا بجرة قرار إداري، يقضي بتسفير المدانين من مرتكبي أداء هذه الدروس! وأحسب أن هكذا قرار، يضاهي قرار وزارة الداخلية الافتراضي بشأن تسفير أصحاب مخالفات المرور، سعيا إلى القضاء على الحوادث والتي منها!! وكان حريا بوزارة التربية أن تسأل بصراحة وشفافية: لماذا يلجأ كل من المدرس والتلميذ إلى الدروس الخصوصية، التي شاعت في العقدين الأخيرين دون غيرها من السنوات التي سبقتها؟!

ولا شك عندي أن ثمة خللاً ما يكتنف المناهج التعليمية، وينسحب بدوره على المعلم والتلميذ، زمان كان المعلم يحظى براتب سخي، وسكن لائق، ومزايا مادية تحرضه على التجويد والإتقان في مهمته التربوية، بمنأى عن المعوقات الحياتية التي يكابدها هذه الأيام، ففي أيامنا هذه غابت صورة المعلم الذي كاد أن يكون رسولا، ليحل مكانها المدرس الذي تم اختياره والتعاقد معه وفق معيار الأرخص «ثمنا» والأقل راتباً، والذي اختار الانضمام إلى سلك التعليم عنوة وقسراً، من جراء عدم وجود شغل مجد يتناسب مع تخصصه العلمي!

إن مبادرة وزارة التربية الأمنية لمجابهة هذه الظاهرة المؤسفة قد تعالج العرض لا المرض نفسه! وبهذا المعنى أجزم أن التسفير سيؤدي إلى سرية الدروس الخصوصية، وممارستها في العتمة مثل كل رذيلة اجتماعية تصدينا لها بعقلية معالجة العرض لا المرض، وفي هذا السياق الرذائل شتى، ومازالت تنخر في نسيجنا الاجتماعي والأخلاقي والتربوي والنفسي، وما خفي أنكى وأسوأ وألعن، لكن المولى سبحانه أمرنا بالستر، ولذا تجدنا نستر عيوبنا ولا نجابهها بصدق وصراحة وشفافية! كما هو حري بنا وفق القاعدة الربانية التي نحفظها جميعنا عن ظهر قلب «إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ» ولن أعتذر عن الموعظة مطلقا، لأن الشيطان يعظ ويعض!

back to top