الشيخ ناصر والأسود الجريحة

نشر في 13-12-2009
آخر تحديث 13-12-2009 | 00:00
 سعد العجمي لسنا بصدد الحديث عمّن ربح أو خسر في جلسة استجواب رئيس الحكومة، فلم نكن يوماً ما في وارد حرب أو معركة، كما صوّر البعض، حتى نتحدث عن منتصر ومهزوم، بل كانت القضية برمتها منازلة سياسية تحت غطاء الدستور، المستفيد الأول منها هو الممارسة الديمقراطية ذاتها، رغم أن «السرية» قد شوهت تلك الممارسة.

نكبر في الشيخ ناصر صعوده المنصة واستجابته لنصوص الدستور، وهو ما طالبنا به مراراً وتكراراً، ونجلُّ للنائب فيصل المسلم تمسكه بحقه الدستوري وممارسته لذلك الحق بكل رقي باعتراف جميع النواب، في المقابل أتمنى ألا يفهم الشيخ ناصر رسالة الأغلبية النيابية «المطلقة» التي وقفت إلى جانبه بطريقة خاطئة، قد تجعله ينساق خلف تلك الدعوات التي انطلقت بعد جلسة الاستجوابات لتنقيح بعض مواد الدستور، وهي الدعوات التي شوهت الإنجاز «السياسي» الذي حققه الشيخ ناصر.

اليوم رئيس الحكومة في نظر الكثيرين، في مقام من انتصر للدستور عبر صعوده المنصة، لكنه قد يتحول بعد إطلاق تلك الدعوات إلى متربص بالدستور، بل إن البعض قد يذهب بعيدا بالقول إن الشيخ ناصر لم يصعد المنصة إلا لخلق الذرائع والمبررات لتنقيح الدستور عبر خلق مشهد سياسي يوحي بأنه صعد المنصة وارتضى حكم الأغلبية، وبالتالي ما المانع من تنقيح بعض مواد الدستور احتكاما للأغلبية أيضا؟!

يجب أن يدرك الشيخ ناصر وفريقه السياسي العامل معه، وليس فريقه النيابي، أن مواجهة الاستجواب والصعود إلى المنصة تختلف اختلافا كليا عن تعديل الدستور، وعليه ألا يلتفت إلى تلك التصريحات النيابية أو تلك الأقلام التي ستبدأ حملتها على الدستور في الأيام المقبلة، لأن الأغلبية النيابية التي كونها ستنقلب عليه، ولن يتبقى معه إلا نوعية نواب تآكل رصيدهم الشعبي، وتلاشى تأثيرهم في الشارع، وبالتالي سيخسر الشيخ ناصر الزخم الشعبي والدعم النيابي اللذين حققهما بعد الاستجواب.

الحديث عن تعديل الدستور إذا ما تم برعاية ودعم حكوميين، سيوحد القوى السياسية في الشارع، إذ سيتنصل عدد كبير من النواب الذين دعموا الحكومة وينضمون إلى الفريق المعارض، وبالتالي قد يجد الشيخ ناصر نفسه أمام استجوابات جديدة لا تجدي أمامها «قتالية» القلاف، ولا «استبسال» علي الراشد، ولا «تكتيكات» حسين الحريتي.

إلى ذلك وفي الإطار ذاته، تحتم أصول فن إدارة اللعبة السياسية لفريق الشيخ ناصر، ضرورة إبقاء فرحة تجاوز طلب عدم التعاون المتوقع خلال جلسة الأربعاء القادم في إطارها الطبيعي، وعدم إعطاء الضوء الأخضر لحفلات «الردح» و«الزار» التي قال البعض إنهم سيقيمونها بعد الجلسة، لسببين مهمين، أولهما أن الشيخ ناصر ليس بحاجة لكل ذلك «التملق» الممجوج، الذي قد يصور تجاوزه للاستجواب بأنه لم يكن أمراً متوقعا، فكانت الفرحة مضاعفة، كما أن ذلك قد يكون عامل استفزاز للفريق المعارض الذي يشبه أسوداً «جريحة» لا يمكن التنبؤ بردة فعلها.

* * *

أمور غريبة وعجيبة حيرتني في اليومين الماضيين، فالنواب الذين صوتوا على سرية مناقشة استجواب رئيس الوزراء، وكذلك وزير الدفاع هم أكثر النواب الذين تحدثوا في الفضائيات عن الاستجوابين وما دار فيهما، الأمر الآخر أن من يطلق دعوات تنقيح بعض مواد الدستور هم نواب تمتعوا بتلك المكتسبات، فاستجوبوا، وطرحوا الثقة، وتحدثوا مؤيدين لكثير من الاستجوابات على مدى سنين كانوا خلالها أعضاء في المجلس، واليوم وبعد أن أردوا مغادرة المشهد السياسي، إما لانتفاء مصلحة، وإما لانحسار شعبية، أطلقوا تلك الدعوات الباطلة، وهنا يكمن الفرق بين من يعمل لأجل الكويت والجيل القادم، ومن يعمل لأجل نفسه ومصالحه الشخصية.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top