ألفاظنا متدنية أم أوضاعنا؟

نشر في 18-04-2010
آخر تحديث 18-04-2010 | 00:00
 مظفّر عبدالله أول العمود: الشيخ عبدالله النوري يرحمه الله لم يغنِّ أناشيد ولم يفسر أحلاماً ولم يترشح لعضوية مجلس الأمة... كان فقط ينصح الناس بكلمات سهلة وبصوت رقيق فأحبوه.

الذين يسوؤهم تردي لغة الخطاب السياسي والاجتماعي العام في بيئتنا يتذمرون من كون ما يطلقه السياسيون (سياسيون تجاوزاً) وعدد محسوب من الكتاب الصحافيين (أيضاً تجاوزاً)، وعامة الناس يعد تردياً في لغة الخطاب والتحاور. والحقيقة أن ما يحدث وما يستخدم من ألفاظ ونعوت تنضح فجوراً في الخصومة، ما هو إلا نتيجة متوقعة لتردي الأوضاع العامة التي تقودها مؤسسات الدولة بسياساتها.

السلوك المتشنج الذي يلف سلوكنا وتصرفاتنا تجاه بعضنا بعضا مكمنه عدم الأمان والاطمئنان بأن صاحب الحق سيأخذ حقة دون منافسة غير شريفة (في التوظيف أو إنهاء معاملة أو الحصول على العلاج في الخارج)، إضافة إلى انتهاك القوانين أو عدم تطبيقها (ازدواج الجنسية مثال حي) وتردي الخدمات الحكومية الأساسية كالتطبيب والتعليم، وتأخير حل المشاكل التي باتت تشكل هماً يومياً للسكان كالزحام المروري، أو ترك فئة الشباب دون تخطيط أو اهتمام بطاقاتهم وغيرها من القضايا.

كما تشكل مسألة القدوة عاملاً مهماً جداً في الارتقاء أو الهبوط بلغة الحوار، فالناس تتناقل معلومات حول فساد وزراء ونواب ومسؤولين حكوميين كبار تهدر ملايين الدنانير بسبب فسادهم وسوء إدارتهم لمصالح الدولة والمواطنين، في حين ينتظر المواطن العادي أن يقبع بعض هؤلاء في السجن كما حدث في إمارة دبي أخيراً، نجد أنهم يُكافؤون أحياناً بتدوير في المناصب أو منحهم لقب مستشار أو ما شابه... من الطبيعي هنا أن تمس ألفاظنا اليومية الأم والأب!

يقال إن في بعض المجتمعات القمعية تزدهر النكتة السياسية كتعبير غير مباشر يحول المآسي إلى ضحك، لكن يبدو أن أحوالنا العامة التي تديرها الحكومة من الألف إلى الياء وينتج عنها عدم رضا وتذمر وشكاوى يومية رغم التعافي الظاهري الذي يعيشه الناس، تبقى هي السبب الرئيس في تدني لغة الحوار والتشنج الدائم، والمؤسف أن المتباكين على ما يسمى بالوحدة الوطنية يتناسون عن عمد أن أول أسباب هتك هذا الشعار، هو انتشار الفساد والتمييز بين الناس في تطبيق القوانين.

حتى يرتقي الحوار يجب قبلا أن ننتقي سياساتنا ونختار الأرقى في الإدارة والمحاسبة والإصلاح.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top