الانفتاح السعودي... والانغلاق الكويتي

نشر في 24-09-2009 | 00:01
آخر تحديث 24-09-2009 | 00:01
لا يمكن الحديث عن جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية من دون أن نذكر أنها أول جامعة في السعودية ذات تعليم مشترك، إذ يتشارك الطالب وزميلته الطالبة في قاعات المحاضرات والدراسة معاً، ويتبادلان العلوم والنقاش في ممرات الجامعة، بل ويُسمَح فيها للمرأة بقيادة السيارة.

ويرى المراقبون في جامعة الملك عبدالله انعطافة مهمة في تاريخ المملكة، الذي طالما ارتبط بالتشدد الديني والسيطرة القبلية ذات النزعة المتطرفة تجاه العادات والتقاليد وضد التمدن، فالجامعة كسبت بعداً سياسياً طغى على الجانب الأكاديمي فيها، فمن السهل ومع توافر المال ـ في دولة غير الكويت طبعاً ـ بناء جامعة، ولكن من المستحيل أن تكون هناك جامعة ذات تعليم مشترك في دولة تجذَّرت فيها التيارات الدينية المتشددة، وسيطرت على مدى قرون فيها على قراراتها السياسية والعامة.

ويضيف المراقبون أن المملكة، في ظل الإصلاحات التي أعلنها الملك عبدالله حين تولى زمام الحكم فيها، تسير بخطى ثابتة نحو الانتقال من الدولة الدينية إلى  دولة مدنية متحضرة محتفظة بهويتها الإسلامية، مشيرين إلى أن الملك استطاع خلال فترة حكمه القصيرة امتصاص التشدّد الديني وإذابته في مجتمع مدني متفتح.

ولا أدلّ على ذلك من تدشين جامعة مشتركة للطلاب والطالبات في مدينة ثول بمحافظة جدة، التي تقع في منطقة مكة المكرمة برغم قيود الغلو الديني وسجن العادات والتقاليد هناك.

ومن الانفتاح السعودي إلى الانغلاق الكويتي، إذ نشرت "الجريدة" في عدد أمس خبراً تحت عنوان "التعليم العالي: 1.2 مليار دولار تكلفة منع الاختلاط في الشدادية"، وهذه التكاليف الإضافية التي تتكبدها الخزينة العامة للدولة نتاج الإصرار النيابي المتأسلم على عزل الطلاب عن الطالبات، ليس فقط في قاعات المحاضرات بل حتى في الممرات الجامعية، وخضوع الحكومة أمام تلك الرغبة المعاكسة للمجتمعات المدنية.

وما يدعو إلى الاستغراب أن تأخر إنشاء جامعة الشدادية الكويتية ليس لأن خزينة الدولة فارغة من المال، أو أن الأراضي الكويتية امتلأت بالمشاريع التنموية والتعليمية والصناعية ولا يوجد فيها كيلومتر واحد يمكن بناء الجامعة عليه، بل تأخرت حتى تضمن الحكومة أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يلتقي طالبٌ طالبةً، ولو عن طريق المصادفة في الحرم الجامعي الجديد، لتفادي غضب نواب الإسلام السياسي.

هنيئاً للسعودية الانفتاح والتقدم... وهنيئاً لنواب الكويت الذين استطاعوا فرض الانغلاق والتخلف على البلاد والعباد.

back to top