تمثيلية المسرحين الماسخة!
في البداية يسعدني أن أنضم إلى كتاب جريدة «الجريدة» إحدى أفضل الصحف الكويتية وأميزها... وأتمنى أن أكون دائماً عند حسن ظن القارئ في تناول موضوعات مهمة ومفيدة، وما كنت أود أن أتحدث في موضوع شائك وصعب في مقالي الأول في «الجريدة»، لكن الحدث يفرض نفسه كما أن مساحة الحرية والسقف المرتفع في الجريدة مغريان ونتمنى أن نستفيد منهما لما يخدم القارئ الكريم.مع قدوم شهر رمضان المبارك تهلّ علينا المسلسلات والتمثيليات بكثافة عبر الفضائيات المختلفة، ولم يعد القارئ يستطيع متابعة هذا الكم الهائل، لكنه في النهاية لا يخسر كثيراً لأن معظم هذه المسلسلات ماسخة... وأكثر المسلسلات التي تعرض حالياً مسلسل المسرحين من بطولة نواب الأمة والحكومة، حيث إنه مسلسل لا يرتقي مع ما أثير من «بروباغندا» وتصريحات نارية حتى وقف البلد كله على رجل واحدة، واعتقد المواطنون أن قضية المسرحين ستحل لا محالة، ولكن جاءت الجلسة الطارئة للمسرحين لتحطم أحلام المتفائلين على صخرة الواقع الأليم.عن نفسي لم أكن متفائلاً، ولكني كنت أحاول أن أتشبث بالأمل، وكان الجميع يتوقع أن يخرج أعضاء المجلس من الجلسة الطارئة بقرارات إلزامية للحكومة في شأن المسرحين، لكن كانت الحقيقة الأليمة أن الحكومة هي التي أدارت الجلسة واستطاعت أن تسيِّرها كيفما تشاء، فخرجت لنا بتوصيات ليس إلا، فما فائدة هذه الجلسة الطارئة والضجة والصخب والتصريحات النارية إذا كان الموضوع سيختصر في توصيات وليس قرارات إلزامية يتم التصويت عليها خلال الجلسة؟!مع الأسف أنا متأكد أنه حتى هذه التوصيات لن تنفذ بشكل كامل لأن الحكومة لم تقدم حلاً جذرياً شافياً أبداً من قبل، والدليل بيان الحكومة عن المسرحين الذي قالت فيه إن قرارها بشأن المسرحين يسري على من أنهيت خدماتهم دون إرادتهم، مع العلم أن الجميع يعلم تمام العلم أن الشركات في القطاع الخاص تجبر الموظفين على الاستقالة حتى لا يحصلوا على نهاية خدمة أو أي مستحقات أخرى، فما فائدة كل ما حدث إذا كان 90% على الأقل من المسرحين هم الذين استقالوا ولكن بعد أن أرغموا على ذلك؟! فالواضح أن الحكومة في وادٍ، والنواب في وادٍ، أما المواطن فهو في وادٍ آخر تماماً يعاني الضياع بين مطرقة الحكومة وسندان المجلس. وهنا لا نلوم النواب جميعا أبطال هذه التمثيلية الماسخة لأن المخرج هو الذي لم يحسن إظهارها بالشكل المناسب مثل صندوق المعسرين.***إخفاقات الحكومةتفننت الحكومة في إخفاقاتها وأضاعت الملايين بل المليارات من أموال هذا الشعب، لكن إخفاقات الحكومة الآن تعدت لتصل إلى إضاعة الأرواح، ولن نتحدث عن حريق الجهراء والكارثة التي حدثت، رحم الله ضحايا هذا الحادث الأليم، ولكن نتحدث عن إخفاقات الحكومة ونظرتها القاصرة دائماً، فهل يعقل أن يكون عدد أسرَّة العناية المركزة في مستشفى الجهراء لا يتعدى العشرة، رغم أن هذا المستشفى يخدم محافظة بأكملها؟ وهل يعقل أن يظل المواطنون يبحثون عن أهلهم المصابين في الحريق بين مستشفيات الجهراء والفروانية والصباح والعدان؟ وهل يعقل أن إحدى ضحايا حادثة الجهراء لم يجدوا لها مكاناً فتم تحويلها إلى مستشفى العدان لتلفظ أنفاسها الأخيرة وهي في الطريق؟ فأين كانت طائرات الدفاع والداخلية لتساعد في هذا الحادث الأليم؟ أم أن هذه الطائرات موجودة فقط كديكور ليستخدمها الوزير في الأعياد لزيارة المنتسبين إلى وزارته؟إخفاقات الحكومة زادت على الحد وآخرها الغاز السام في مشرف بسبب تعطل محطة الضخ، فإلى متى تستمر تلك الإخفاقات؟ وإلى أي حد؟ لقد فاض الكيل وأصبح الأمر جد خطير وأصبحت القضية قضية صحة البلد... فإلى متى هذا العبث؟!