خبراء قانونيون لـ الجريدة.: قطع الـ «بلاك بيري» ومراقبته مخالفان للدستور

نشر في 06-06-2010 | 00:01
آخر تحديث 06-06-2010 | 00:01
الفيلي: هل تراقب «الداخلية» أجهزة الـ «جي إس إم» ولم تتمكن من الـ «بلاك بيري» فطالبت بالرقابة؟

العسعوسي: لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون... والحظر مخالف للمادة 32 من الدستور

العفيصان: الكشف عما يدور فيها يمثل انتهاكاً للحياة الخاصة المقدسة دستورياً
يرى عدد من القانونيين أن المحاولات التي أعلنها عدد من المسؤولين في وزارة الداخلية، بشأن منع إحدى الخدمات التي تقدمها أجهزة الـ«بلاك بيري» مخالفة للدستور.

تواصل وزارتا الداخلية والمواصلات التنسيق مع شركات الاتصالات المتنقلة من أجل التوصل إلى طريقة مع الشركة المصنعة لأجهزة الـ"بلاك بيري" لمراقبة الخدمات التي تقدمها الأجهزة، رغم مخالفة تلك المحاولات نصوص المواد 30 و32 و39 من الدستور الكويتي التي تكفل حرية الإنسان في ممارسته حياته الشخصية، والتي تضمن عدم محاكمته أو معاقبته إلا بالجرائم المنصوص عليها بالقانون، وتكفل له حرية الاتصالات والمراسلات وتجرم الكشف عنها.

ورغم وضوح النصوص الدستورية فإن محاولات بعض المسؤولين مازالت مستمرة نحو قطع إحدى الخدمات التي تقدمها أجهزة الـ"بلاك بيري"، على الرغم من وجودها في أجهزة الحاسب الآلي الشخصية التي لا تنال أية رقابة من قبل الأجهزة الأمنية لصعوبة الأمر.

المراقبة

 بدوره، يقول الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي، إن سعي وزارة الداخلية نحو مراقبة الخدمات التي تقدمها أجهزة الـ"بلاك بيري" الهاتفية مخالف لنص المادة 39 من الدستور، وإن الرقابة الوحيدة على تلك الأجهزة تكون وفق قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، وبإذن مكتوب من جهة التحقيق ممثلة في النيابة العامة بمناسبة قضية معينة، كما أن النيابة عندما تصدر الإذن المكتوب يكون بناءً على تحريات مكتوبة من قبل جهاز التحري.

حرية

ويضيف الفيلي قائلاً: إن "الأصل العام في الدستور هو حرية المراسلات والاتصالات، والاستثناء هو الكشف ويتم في نطاق ضيق وبمبررات حقيقية تقدم إلى جهات التحقيق، لافتاً إلى أن أجهزة الـ"بلاك بيري" هي كأجهزة الـ"جي إس إم" العادية التي تتمتع بحماية وسرية بالقانون، فلماذا إذن تطالب وزارة الداخلية بضرورة مراقبة أجهزة الـ"بلاك بيري" تحديداً، وهو أمر سيجرنا إلى تساؤل منطقي: هل "الداخلية" تستطيع الآن مراقبة أجهزة الـ"جي إس إم" ولم تتمكن من مراقبة أجهزة اتصال البلاك بيري؟".

ويبيّن الفيلي أن الدستور الكويتي نص على حرمة كشف المراسلات والاتصالات وهذه الحرمة يتعين عدم الكشف عنها والحفاظ عليها، خصوصاً أنها تمس الحياة الخاصة للأفراد التي حرص الدستور في أكثر من نص على حمايتها.

الحرية مكفولة

بدوره، أكد المحامي بسام العسعوسي أن الدعوة التي أطلقتها بعض الجهات الرسمية في البلاد لقطع خدمة الـ"بلاك بيري" تخالف المواد 30 و32 و39 من الدستور الكويتي.

ويضيف العسعوسي أن المادة 30 من الدستور الكويتي تنص على أن الحرية الشخصية مكفولة، وأن كل إنسان حر في اختيار وسيلة الاتصال التي يستخدمها مادام القانون لا يحظر استخدامها، فضلاً عن أن حرية استخدام هذا النوع من الاتصال مرتبطة بشخصية الفرد وخصوصيته التي يتعين احترامها.

ويبين العسعوسي أن الدستور الكويتي نص في المادة 32 منه على أنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها". وبالنظر إلى القوانين الكويتية، لا يوجد قانون يجرم اقتناء أو شراء أجهزة الـ"بلاك بيري" أو تشريع يحظر  الخدمات التي تتوافر في هذه الأجهزة، وأن أي مصادرة أو منع سيكون مخالفاً لنص المادة 32 من الدستور.

انتهاك

وعن مراقبة الخدمات التي تقدمها أجهزة الـ"بلاك بيري" يقول المحامي عبدالعزيز العفيصان: إن المادة 39 من الدستور نصت بكل وضوح على أن "حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية مصونة، وسيرتها مكفولة، فلا يجوز مراقبة الرسائل أو إفشاء سريتها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبالإجراءات المنصوص عليها فيه"، مضيفاً أن المشرع الدستوري جعل للاتصالات والمراسلات التي يجريها الفرد قدسية كبيرة لا يمكن الكشف عنها، وأن الأصل فيها هو الحرية، لكون تلك الاتصالات والمراسلات لصيقة بشخص الإنسان.

مراقبة

ويقول العفيصان إن محاولات مراقبة الخدمات التي تقدم في أجهزة الـ"بلاك بيري" مخالفة للدستور، وإن أي محاولات تجريها بعض الأجهزة الرسمية لذلك وإلزام شركات الاتصالات بها مخالف لنصوص الدستور، وذلك لأن الاطلاع على ما يبث في خدمة الـ"بلاك بيري" -وهي معلومات لصيقة بشخص الإنسان- يمثل انتهاكاً للحياة الخاصة، لاسيما أن كل ما يدور في تلك الاتصالات جزء من تلك الحياة، وكشف سرية المعلومات الواردة في أجهزة الـ"بلاك بيري" مخالف لصريح المادة 39 من الدستور.

back to top