خذ وخل: الحرب بين مصر والجزائر!


نشر في 21-10-2009
آخر تحديث 21-10-2009 | 00:01
 سليمان الفهد • صار معروفاً للجميع أن كرة القدم العربية لم تعد مجرد رياضة يتبارى فيها المتنافسون لنيل الكأس الوطنية والإقليمية والقارية والعالمية فحسب، بل إنها مناسبة لتفجير مشاعر «الشوفينية» والتعصب الأعمى للوطن إلى حد نفي الخصم المنافس وإيذائه معنويا وجسدياً إذا أتيح له ذلك! ولعلي لا أغالي إذا قلت إن المباريات الكروية بين جل المنتخبات العربية باتت مسيسة، بالمعنى السلبي لها، لكونها ملطخة بـ»بلنتيات» التعصب الوطني الأعمى النافي لكل مناقب التنافس الشريف المطرز بالروح الرياضية الفروسية الموقنة- بداهة- بأن الفوز في مباريات كرة القدم يكون يوما لك، ويوما آخر عليك، كما رأينا في نهائي كأس العالم للشباب التي جرت بين منتخبي شباب غانا والبرازيل، والتي كان الكثير من الجمهور المصري في صفِّها. لكن «الخوال» الغانيين الأشاوس استطاعوا كسب وخطف التعاطف الجماهيري بفضل فروسيتهم المدججة بقدراتهم البدنية والكروية، وإصرارهم على اللعب الجاد المتقن الذي أدى بهم إلى الفوز.

واللافت للنظر هو تقبل البرازيل للهزيمة بروح رياضية سمحة غير مألوفة لنا نحن معشر الكرويين العربان! فقد اعتدنا عند الهزيمة على وضع اللوم على الحكم وتحيزه للفريق المنافس، أو وضع اللوم على الطقس الرديء والأحوال الجوية السيئة، فضلا عن اتهام الجمهور المشجع في الملعب بإرباك اللاعبين وتشتيت أذهانهم بالمؤثرات الصوتية، والسحرية وما إلى ذلك من ترهات يبرر و»يبربر» بها المهزوم خسارته!

• ولعل أبرز تجليات التعصب الجماهيري الأعور حينا، والأعمى دائما، يتبدى في معركة «داحس والغبراء» المحتدمة بين وسائل الاتصال في كل من الجزائر ومصر على خلفية اللقاء المرتقب بين منتخبي القطرين الشقيقين في 14 نوفمبر القادم في نطاق تصفيات كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا.

وقد بدأت المعركة المرتقبة بين الإخوة الأعداء أو الأعدقاء بالردح المتناوب لتثبت للعالم المتفرج علينا بأن الحرب أولها كلام طافح بإثارة النعرات السلبية ومشاعر العصبية البغيضة.

وفي هذا السياق تنقل لنا صحيفة «القاهرة» الصادرة أمس، خبراً يقول إن «الإعلام الجزائري يطالب السلطات المصرية «بقطع لسان عمرو أديب» بتهمة تطاوله على المنتخب الجزائري الشقيق». إذ إنه كرس حلقة من برنامجه «القاهرة اليوم» حول مباراة الجزائر ورواندا، ليقول فيها تصريحات حماسية نزقة غير مسؤولة كقوله «نفسي الجزائريين بكره يتنكدوا» تلميحا قبيحا لفرحته بهزيمة الجزائر ونكاية بها! ومن البدهي أن يثير مثل هذا القول وغيره مما طرحه في برنامجه، حفيظة الإخوة الجزائريين وغضبهم، فانبروا للرد عليه بالصاع صاعين. وهكذا تحولت الصحافة الرياضية في كلا القطرين إلى ملعب يتبارى فيه الأشقاء بفنون الهجاء والردح العقيمين إلى حد أن المرء العادي المحب لكرة القدم بات يظن أن المباراة المنتظرة هي معركة حربية عسكرية بين جيشين متحاربين، وليست مباراة بين منتخبين تربطهما وشائج قوية متجذرة أهم من نتيجة مباراة، ولو كانت من أجل الفوز بكأس العالم! وكأنه لا يكفينا الخلافات التي تنخر في نسيج العلاقات العربية-العربية الرسمية، لتنفذ إلى فضاء الرياضة المجبول على التسامح والفروسية ونبذ التعصب بكل عيونه وألوانه وتجلياته.

back to top