الاغلبية الصامتة : قنوات الليل والبيداء


نشر في 21-01-2010
آخر تحديث 21-01-2010 | 00:01
 إبراهيم المليفي إن تسليم رقبة القرار السياسي والتشريعي بيد المعتقدات الدينية والمذهبية التي لا تقوم سوى على الاختلاف مع الآخر وتزكية معتنقيها لدخول الجنة دون سواهم، أمر خطير في ظل وجود حكومة مرتبكة لا تعرف كيفية الدفاع عن قراراتها أو القانون المنوط بها تنفيذه.

قلَّبت المذكرة التفسيرية للدستور، وهو مرجعي في العمل الديمقراطي والسياسي، وبعدها حفَّرت في محاضر اجتماعات لجنة الدستور والمجلس التأسيسي بحثاً فيها عما أكده النائب الدكتور فيصل المسلم من أن «مذهب الدولة هو المذهب السُنّي شاء من شاء وأبي من أبى» في الندوة التضامنية التي أقامها تجمع كواسر الأمة مع الداعية السعودي (الممنوع- المسموح- الممنوع- المسموح دخوله إلى الكويت... إلخ حتى يحسم وزير الداخلية موقفه)، فلم أجد شيئاً غير نص المادة الثانية التي تحدد دين الدولة والمادة (36) التي تكفل حرية الاعتقاد.

إن تسليم رقبة القرار السياسي والتشريعي بيد المعتقدات الدينية والمذهبية التي لا تقوم سوى على الاختلاف مع الآخر وتزكية معتنقيها لدخول الجنة دون سواهم، أمر خطير في ظل وجود حكومة مرتبكة لا تعرف كيفية الدفاع عن قراراتها أو القانون المنوط بها تنفيذه، أما الاحتكام إلى الدستور والقوانين المتفرعة منه، فصدرت بتوافق ممثلي الأمة، ولن تجد من يزعل منها إذا طبقت على الجميع، ولن تشتعل بسببها صراعات تبدأ صباحاً بحوارات «ماسنجر» بين نواب مهووسين بكتابة الرسائل القصيرة، ثم تهديدات للوزراء نهاراً، وفي المساء تعمل قنوات الليل والبيداء والمسجات تعرفني، على إذكاء النار اشتعالاً.

لقد أرغم الفالي ظلماً على مغادرة الكويت، وهو يحمل إقامة صالحة وقضية منظورة في المحاكم انتهت ببراءته تحت الضغط الطائفي والسياسي من النواب الذين يتباكون اليوم على العريفي، كما تم تسفير المفكر نصر أبوزيد بصورة متعسفة- وعلى السمع- من الكويت أيضاً من نفس المجموعة الوصائية على دين وأخلاق المجتمع، ولأن من يحضِّر الجن لابد أن يتعلم طلاسم صرفه جيداً، دارت دوائر الظلم والجور عليهم لينالوا الجزاء من جنس العمل.

إن الكويت وطن يتسع للجميع، والدستور هو سوره الحامي، فلندع كل فئة فيه تعيش كما تعايش فيه من قبل أجدادنا بالود والمحبة من دون دستور وقانون مكتوب، ولنحاول أن نحصر مشاكلنا داخل حدود وطننا وألّا نستورد المشاكل كما تعودنا على استيراد طعامنا وكسائنا ومعسلنا.

** «هوسة» أو رقصة داخل عرس رُددت فيه عبارات مسيئة لعلماء دين ومذهب محدد تحولت إلى أزمة كبيرة في أجواء مشحونة ببطولات الكومبارس ووسائل إعلام مأزومة في انتمائها وهويتها الوطنية، والنتيجة لهذا التهييج في نهاية الأمر هي: انتهاك خصوصية حفل خاص؛ ونسيان أن مثل هذا الكلام الطائفي يتردد بيننا في الكويت كل يوم، ولكن من دون هوسات و»اليوتيوب» يزخر بهذه الدرر؛ والتجني على كل البدون في الكويت وكأنهم جسم واحد يتحرك ويفكر بشكل متناغم؛ وإقحام الأجهزة الأمنية مباشرة دون المرور بخطوات الشكاية والتخاصم في قضية لا نشكك في أنها تعزز من انتشار ثقافة الكراهية على الفاعل والناقل.

** الفقرة الأخيرة: رحم الله فيصل المسعود الذي رحل عن دنيانا يوم الخميس الفائت، ولقد تشرفت بالعمل معه عن قرب لمدة عامين عندما تزاملنا في الهيئة التأسيسية للتحالف الوطني الديمقراطي قبل ثماني سنوات، ومازلت أذكر مداخلاته الراقية المفعمة بالخبرة النقابية والتنظيمية التي استفدنا منها جميعاً... إن فقدان رجل مثل فيصل المسعود خسارة كبيرة للكويت وللعمل الديمقراطي الوطني.

back to top