المقتنيات الأثريّة... إرث ثقافيّ لا يقدّر بثمن
يعشق البعض عبق الماضي بما يحمل من ملامح أصيلة، ويطمح إلى استرجاع مكونات البيئة التراثية على رغم مغريات العصر والتطور التكنولوجي.«الجريدة» التقت ثلاثة من المهتمين بالتراث وحاورتهم عن أهمية الموروث الثقافي وأسباب غياب الجهات الداعمة لهذه الهواية.
حسن أشكناني أحد أصغر هواة جمع التراث في الكويت. بدأ اقتناء التحف وهو في السابعة من العمر، حين كان يذهب مع والده إلى الأسواق القديمة. لم يكتف بذلك، بل خصص معرضاً لهذه المقتنيات التي يعود تاريخها إلى عام 1928. يقول: «بدأت بجمع تراث بلدي منذ عام 1989 حينما كنت أرافق والدي بزياراته إلى الأسواق القديمة والأماكن التاريخية مثل أسواق السلاح والغربللي والسمك والدواوين القديمة وأهم المعالم التاريخية. هكذا، تشكّلت لدي رغبة كبيرة في اقتناء القطع الأثرية والتحف، ودفعني الفضول إلى التساؤل عن كيفية الحصول على هذه المقتنيات، فاكتشفت أن ثمة هواة يعشقون جمع الأشياء القديمة. كذلك أهداني والدي مجموعة من مقتنياته. من هنا بدأتُ تشكيل مجموعتي التراثية، والتعرف إلى أسرار هذه الهواية... بصراحة لم أكن أتصور أن حبي للتراث سيتطور ويتضاعف شغفي بهذه الهواية».لم يكتف أشكناني بممارسة هوايته المحببة، بل عزز ذلك بالحصول على شهادة دراسية في علم الآثار. ليس للبيععن المردود المادي الذي يحققه له العمل في القطع الأثرية يقول أشكناني: {قطع التراث ليست للبيع وإن توافرت لدي قطع مكررة لا أبيعها أو أهديها لأن مقتنياتي تمثل لي الكثير وأشعر أنها جزء من روحي. كنت أجمع مصروفي اليومي لشراء هذه القطع الأثرية، ولا يمكنني التفريط بها بسهولة لأنها جزء من موروث ثقافي وتاريخي».ويضيف: {نحتاج إلى جمعية نفع عام تدعم هواة جمع التراث وتوفّر مركزاً أو مقراً لعرض مقتنياتهم، ليكون قبلة للراغبين في الاطلاع على التراث الكويتي، لا سيما أن ثمة مجموعة كبيرة من رعايا الدول الأجنبية تود التعرّف إلى التراث العربي».ويلفت أشكناني إلى أهمية وجود هذه الجمعية التي ستتكفل بالتعريف عن الكويت في المحافل الدولية، وتنظّم مشاركات فرق من الهواة في المعارض الدولية السنوية، فالكويت ليس لها أي موقع في هذه المشاركات، وأبرزها معارض المنظمة العالمية للفلكلور الشعبي. الدعم غائببدوره، يؤكد رضا العوضي أنه يهوى التصوير منذ عام 1948، ثم توسعت دائرة اهتمامه لتشمل المواد التراثية، فوثّق كل ما يراه وبات يحرص على امتلاك أي شيء قديم وذي قيمة تاريخية: «أنا من مواليد 1937 وحينما بلغت الحادية عشرة بدأت هواية التصوير تستحوذ على اهتمامي فاقتنيت مجموعة من الكاميرات وشرعت بعملية توثيق ما أشاهده في بلدي من أمور ثقافية أو اجتماعية، وعقب انغماسي في آلات التصوير ومعداته بدأت اتجه إلى جمع المواد التراثية، وتعرفت عبرها إلى ثقافات الدول التي سافرت إليها».عن مصادره في الحصول على المقتنيات الأثرية يوضح العوضي: «أبحث عن الأشياء القديمة ذات القيمة التاريخية والأثرية، إضافة إلى أهميتها في ذاكرة الناس، لذا حرصت على اقتناء مجموعة كاميرات متنوعة الأشكال والأحجام ولدي كاميرا قديمة ألمانية صُنعت عام 1865، وهواتف ألمانية، إيطالية، إنكليزية، أميركية ويابانية، ومعظم هذه المقتنيات حصلت عليه من أوروبا وأميركا وبعض الدول العربية».عن الجهات التي تدعم المشتغلين في المقتنيات الأثرية يذكر العوضي: «لا تتوافر أي جهة حكومية أو خاصة تقدم لنا الدعم، وكل ما أقوم به بدافع حب الهواية لذا أنفق مالاً كثيرا على هوايتي ً».من جهته، يقول أحد المنتسبين إلى الجمعية الكويتية لهواة الطوابع والعملات عبد العزيز العتيبي: «بدأت علاقتي بهذا المجال من خلال شغفي بالصور، إذ كنت أهوى اقتناء صور العملات القديمة الورقية أو النقدية، ولم أكن أركز على عملة بحد ذاتها، وبعد مضي وقت من الزمن بدأت علاقتي تتوثق بالعملات الكويتية بمختلف أشكالها وألوانها».وعن التكاليف المادية التي يدفعها نظير حصوله على العملات يقول العتيبي: {بصراحة تكلفتها مرتفعة، لكنها هوايتي وأشعر بالسعادة حينما أعرض مقتنياتي من العملات في أحد المعارض، ويتملكني إحساس بالإنجاز خصوصاً حينما أرى حجم تفاعل الجمهور مع المقتنيات. أعتقد أن ثمة أموراً لا تستطيع تحقيقها بالمال لذا هذه المتعة لا تقدر بثمن».يرفض العتيبي بيع مقتنياته من العملات المعدنية والورقية، مؤكداً أنه لا يستطيع التفريط بها نظير حفنة من الدنانير، ويصف علاقته بها بالحب والمودة، قائلاً: «لا أجرؤ على بيع «حبي» ثمة عاطفة تربطني بالنقد».وعن أبرز مقتنياته من العملات يوضح: «لدي عملة الروبية القديمة للملك جورج السادس وويليم الرابع والملكة فيكتوريا وجورج الخامس، إضافة إلى جميع الروبيات المتداولة في الكويت قبل ظهور العملة الكويتية، وأحتفظ منها بنسخ كثيرة ورقية ومعدنية واخرى تحمل رقم الإصدار واحد، وعملة نادرة لم تطرح للتداول، وهي فئة خمسة دنانير. كذلك لدي العملات الكويتية الورقية التي قدمت كمشروع ولم تُعتَمد من البنك المركزي».