قانون مطلق الصافرة

نشر في 17-12-2009
آخر تحديث 17-12-2009 | 00:00
 ضاري الجطيلي تشرفت يوم الاثنين من الأسبوع الماضي بدعوة من جمعية الشفافية الكوتية لحضور احتفالية توزيع إصدارها الأول من كتاب «كُتّاب ضد الفساد» الذي يحتوي على مجموعة مختارة من مقالات الأعمدة المكتوبة في مجال مكافحة الفساد خلال عام 2009، وكان من ضمنها مقالان لي، وأثناء الاحتفالية قدم رئيس الجمعية صلاح الغزالي عرضاً عن حال الفساد في الكويت، وتراجع موقعها بين الدول في مكافحته، وكشف عن حزمة قوانين تدفع الجمعية لإقرارها من شأنها تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، ومنها قانون «حماية المُبَلّغ»، أو مطلق الصافرة (Whistleblower) الذي ينظم آلية قيام المواطنين بالتبليغ عن حالات الفساد، ويوفر لهم الحماية من التعسف والانتقام، الذي في حال إقراره سوف يسد فراغاً تشريعياً كتبت عنه تحقيقاً بعنوان «مطلقو الصافرة... عين على الفساد والقانون لا يحميهم» نشر في «الجريدة» بتاريخ 28 أغسطس 2007.

وبعد 24 ساعة من جلسة استجوابه فقط أبدى وزير الأشغال والدولة لشؤون البلدية فاضل صفر تحفظه على تسريب مستندات رسمية من وزارتيه إلى النائب المستجوِب، وقد سبقه النائب يوسف الزلزلة بتحفظ مشابه على تسريب مستندات من وزارة الداخلية في الاستجواب الأول لوزيرها، ومع احترامي لحقهما في التحفظ الذي قد يكون له دواعيه الموضوعية، يجب أيضاً ألا يُصوَّر الأمر وكأنه فعل غير أخلاقي على الإطلاق، إذ على المواطنين أيضاً واجب وطني بكشف الفساد إن وجد، ولست أتبنى وجهة نظر تجزم بأن ما تم تسريبه في الاستجوابين يشكل حالات فساد بشكل قاطع، إذ ليست لدي معلومات كافية، ولكن أتحدث عن الفكرة بشكل عام.

إذن هناك تضارب ما بين الواجب الوطني بكشف الفساد وسوء استغلال مشروعية تسريب المعلومات بغرض الابتزاز والتعسف وكشف الأسرار، وسبب هذا التضارب هو عدم وجود مرجعية قانونية تنظم آلية كشف الفساد وتسريب المعلومات.

إن سن قانون «حماية المُبَلّغ» من شأنه أن ينظم تلك الآلية ويوفر الحماية للمبلغ المخلص والجاد، وبالمقابل يضع العقاب لمن يسيء استغلال الفكرة بغرض الابتزاز، ويتضمن رد الاعتبار لمن يقع ضحية للابتزاز، بالإضافة إلى تحديد ما يمنع إفشاؤه من أسرار تمس الأمن الوطني، وأخيراً يحصر القانون وجهة تدفق المعلومات كهيئة مكافحة الفساد الواجب إنشاؤها أيضاً أو لجان التحقيق الرسمية. وبالنظر إلى تجارب الدول الأخرى نجد أن قوانين بعضها ذهب إلى أبعد من ذلك بتوفير حوافز مادية لتشجيع المواطنين على كشف الفساد.

لم أطلع بعد على تفاصيل حزمة قوانين جمعية الشفافية حتى أبدي أي ملاحظات عليها، ولكن إقرارها كقوانين نافذة هو بالتأكيد أفضل من الفراغ الحالي، لذلك فإن إقرارها يمثل أولوية وضرورة، ومن شأنه أن يضع حداً للابتزاز والتعسف اللذين اختلطا مع قضايا الحق وما يصاحبهما من فرز وتخوين وغوغائية.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top