استخدامها المفرط دليل خلل نفسي السبحة… من التعبّد إلى الوجاهة!
يُعد استخدام السُبحة (المسباح) من العادات والطقوس الدينية المحببة لدى المسلمين، إلا أنه مع مرور الوقت أصبح مجرد موروث اجتماعي ونوع من الموضة أو الـ style of life، فابتعدت السبحة عن وظيفتها الأساسية المتمثّلة في التسبيح والعبادة. {الجريدة} سلّطت الضوء على الموضوع وزارت بعض محلات بيع السُبح لرصد مجموعة من الآراء. يبيع محمد أنصار الكهرب (الكهرمان) واليسر والعاج والمستكة والفيروز وجام طيارة والعنبرويت والسندلوس، ويؤكد بأن أفضلها الكهرب الألماني، فهو الأغلى ثمناً بين المجموعة ويتراوح سعره بين 100 و 250 ديناراً وذلك بحسب حجم الحجر ووزنه.
عن حجم السبحات (المسابيح) المرغوب فيها محلياً يشير أنصار الى رواج السبح التي تحمل 33 خرزة، أما النساء فيفضّلن السبح المكونة من 99 خرزة للتسبيح. وعن الزبائن الذين يترددون على محله يقول: {لدي زبائن من جميع الفئات العمرية، كبار السن والشباب والأطفال والنساء اللواتي بدورهن يحرصن على شراء السبح في أواخر الشهر الفضيلـ{. في ما يتعلّق بالأسعار يلفت أنصار الى أن الأنواع العادية والمتوسطة الحجم كالمستكة والعنبرويت والسندلوس وجام الطيارة واليسر وغيرها لا يتعدى سعرها السبعة دنانير. أما بالنسبة الى الخرز ذات الأحجام الكبيرة فيصل سعره إلى 27 ديناراً وما فوق، أما الكهرب فيصل سعره إلى 250 ديناراً وأكثر.أما محمد نصر الدين فيشير إلى أن أنواع السبح الرائجة في السوق قائلاً: {ثمة أنواع مختلفة من السبح ما زالت تلقى رواجاً محلياً ومنها الكهرب الألماني والبولندي بالدرجة الأولى، ومن ثم يأتي المستكة البلجيكي والسندلوس والعاج والمرجان والصدف واللؤلؤ والفيروز والعقيق اليمني السليماني، وتختلف جميعها بحسب الدرجة وبلد المنشأ}. عن أنواع الكهرب وأفضلها يلفت نصر الدين الى أنها تنحصر بين الكهرب الألماني الذي لم يعد متوفراً في السوق والكهرب البولندي الذي يأتي بدرجات مختلفة ويتراوح سعره بين دينار ونصف الدينار و 5 دنانير للغرام الواحد.بالنسبة الى القصات الخاصة بالسبح يقول نصر الدين: {ثمة قصات تأتي بأشكال مختلفة منها السبحة المدورة والبيضاوية والطوالية والبرميلية وقصة الذرة وغيرها}. أما الزبائن الذين يترددون على محله فيؤكد محمد نصر الدين أن معظمهم من هواة جمع السبح وبعضهم مشهور في السوق نظراً الى تردُّده الدائم على محلات بيع السبح. أسعار باهظةيقسِّم علي شبير (صاحب محل سبح) ثمن بعض أنواع السبح بحسب نوعه ويقول: {ثمة {الكركوشة} واليسر والسندلوس والبلاستيك والعقيق اليمني والمرجان والفيروز وحجر القمر، وأنواع عادية مصنوعة من البلاستيك، والتي تسمى محلياً {بوطقة} وأخرى مصنوعة من الخشب، وكلها غير مرغوبة محلياً بعكس الكهرمان الذي يشهد إقبالاً كبيراً من الكويتيين والمقيمين على حدّ سواء وهم ما زالوا حريصين على شرائه على الرغم من ارتفاع أسعاره التي تتراوح بين 200 و 1000 دينار كويتي للسبحة}.بالنسبة إلى الخيوط المستخدمة في شك السبح وفي «الكراكيش» يلفت شبير الى أن لها أنواعاً مختلفة منها النايلون والقطن والسدو والحرير وتُستخدم بحسب نوعية السبحة، فمثلاً الحجر العادي غالباً ما تُستخدم في شكِّه خيوط من النايلون والقطن، أما الأحجار الكريمة كالكهرمان والمرجان والعقيق والياقوت واللؤلؤ فتُستخدم في شكِّها خيوط من الحرير وذلك للمحافظة عليها لمدة طويلة.استخدامات متنوعة يملك عبدالله الزعبي خبرة في هذا المجال منذ ما يقارب الـ33 عاماً. ويؤكد أن السبحة المصنوعة من الكهرمان كانت تستخدم في الكويت قديماً لعلاج بعض الأمراض منها «بوصفار»، أما اليوم فتُستخدم للوجاهة وبأسعار خيالية ومبالغ فيها كثيراً. «سابقاً كان سعر غرام «الكهرب» ديناراً ونص الدينار، أما اليوم فيصل الغرام الواحد إلى 12 ديناراً كويتياً وغالبيته مصنّعة وغير طبيعية، للأسف اختلط الحابل بالنابل». يستطرد الزعبي ويوضح أن السبحة المصنوعة من العقيق اليماني مرغوبة وتحظى بمكانة خاصة، لما ورد في الحديث النبوي الشريف بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب هذا الحجر ويرتدي خاتماً من العقيق. يضيف: «بعد ذلك تأتي أنواع أخرى من حيث الأهمية مثل الأبيس والأمتست والتوباز وغيرها».أما الدول المصنِّعة للأحجار فيذكر الزعبي مصر وألمانيا وتركيا والكويت إلا أن التصنيع محلياً فأسعاره باهظة ومبالغ فيها. جولة يؤكد سرحان العازمي (زبون) أن استخدام السبحة يعود بالدرجة الأولى إلى تقاليد وعادات توارثها الآباء عن الأجداد، وهو موروث اجتماعي فحسب، مشيراً إلى أن حرص أهل الخليج على استخدام السبحة بشكل دائم سواء في البيت أو في السيارة أو في الدواوين أو في الأعراس جعل سوق السبح يلقى روجاً على مدار العام، تحديداً في شهر رمضان الكريم. أما الأنواع التي يفضّلها العازمي فهي ذات الألوان الجميلة والتي لها رونق وشياكة. يرى سليمان العزمي أن استعمال السبح أصبح مكملاً للمظهر الخارجي ويعد عموماً نوعاً من الوجاهة ومكمّلاً للزي التقليدي مشيراً الى أنه لا يستغني عن «مسباحه»، إذ يحرص على وجوده في جيبه دائماً، سواء في المنزل أو الديوانية أو الأماكن العامة. رأي علم النفسيرى د. السيد الرفاعي أن «للسبحة أساساً دينياً قديماً وهي كلمة أتت من التسبيح لله عز وجل، وهذا هو المفهوم القديم لاستخدامها، أما اليوم فأصبح استعمال السبحة، خصوصاً في دول الخليج وفي الكويت، بمثابة عادة ليس لها علاقة بالدين وتصنَّف لدى البعض ضمن العادات السلبية التي تشكل نوعاً من الضوضاء والضجيج الاجتماعي. مثلاً، نرى في اجتماعات خاصة بالعمل بعض الموظفين يلعب بالسبحة بطريقة مزعجة».يوضح الرفاعي «أن استخدامات السبحة لم تقف عند هذا الحد فحسب بل تعدت ذلك وأصبحت نوعاً من أنواع الموضة، ما أضعف الهدف الأساسي منها سواء اجتماعياً أو دينياً. ومع مرور الأجيال أصبح كثر يستخدمونها من منظور آخر متمثِّل بالجاذبية الاجتماعية التي ليس لها أي مضمون ثقافي أو معرفي أو ديني، وما يؤكد ذلك وجود بعض المزادات التي تبيع السبح وبأسعار خيالية».يضيف الرفاعي: «للسبحة علاقة بالناحية النفسية لمستخدمها إذ تكون وسيلة تنفيس لدى الأشخاص الذين يشعرون دائماً بالتوتر والقلق، كذلك يستخدمها بعض المرضى النفسيين بطريقة مفرطة تدل على أبعاد مرضية}.أشهر الأنواعاستخدام السبحة عادة قديمة نُقلت عن الفينيقيين والبابليين، وقد اكتُشفت في الآثار القديمة مدفونة في صناديق خشبية.من أشهر أنواعها تلك المصنوعة من {الكهرمان} وهي عبارة عن أحجار لها رائحة طيبة، ولونها أصفر وتؤخذ حباتها من أشجار الكهرمان الكريمة، وثمة نوع منها يؤخذ من صمغ شجر اللوز والمشمش والصنوبر، فبعد سقوط هذا الصمغ على الأرض يتحول بعد مدة طويلة الى كتل متجمّدة.