Amreeka وBig Fan... تجربتان مميّزتان في المهرجان

نشر في 04-02-2009 | 00:00
آخر تحديث 04-02-2009 | 00:00
No Image Caption

بعض الأمور تتغيّر في مهرجان ساندانس للأفلام، لكن ليس كل شيء. فسعي المهرجان وراء مخرجين يافعين موهوبين ما زال من الثوابت.

لبضع سنوات خلت، لم يثمر ذلك البحث أي نتيجة، لكن الموسم الخامس والعشرين من هذا المهرجان عثر للمرة الأولى على كاتبين هما في الوقت نفسه مخرجين، وسط الأفلام المنافسة: شيرين دابس عن Amreeka وروبرت سيغل عن Big Fan. حوّل كلاهما تجربتهما الشخصية إلى فيلم مميّز.

ما من شك في أن هذين المخرجين لديهما مساهمات سابقة في العالم السينمائي، كتب سيغل سيناريو فيلم The Wrestler، وأخرجت دابس أفلاماً قصيرة حازت جوائز، لكن مشاركتهما في «مهرجان ساندانس» نقلتهما إلى مستوى آخر.

فيلم Amreeka، الذي يتمحور حول امرأة فلسطينية تهاجر إلى الولايات المتحدة، يُستّهل بطفولة المخرجة التي ترعرعت في الغرب الأوسط الأميركي خلال حرب الخليج، في كنف أب فلسطيني وأم أردنية. تعقّب دابس: «الأمور التي يستحيل حدوثها بالنسبة إلى البعض حصلت بالفعل».

بعدما سرت إشاعات عن أن والدها، الذي رُزق ببنات خمس، لديه ابن في الجيش العراقي، توجّهت الاستخبارات السرية إلى الثانوية التي ترتادها دابس للتحقيق في إشاعة مفادها أن أختها الأكبر منها سناً هددت بقتل الرئيس. تضيف: «كان ذلك منعطفاً كبيراً في حياتي. حتى ذلك الوقت، أردت أن أكون كسائر الأولاد الأميركيين والإندماج في المجتمع، لكن بعد ذلك الحين، اعتنقت هويتي بدلاً من إنكارها».

في تلك المرحلة أيضاً، قرّرت دابس أن تصبح راوية قصص. تقول: «كان لدي هدف، أردت تغيير نظرة وسائل الإعلام إلى المجمتع العربي وإخبار القصة من منظارنا». شاء القدر أن تتكرر ظروف حرب الخليج حين دخلت دابس كلية الإخراج في جامعة كولومبيا في نيويورك بعد أيام على هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول).

توضح دابس: «بعد مضي عقد من الزمن على حرب الخليج، بدا الأمر كأننا نعود إلى نقطة البداية وكأن التاريخ يعيد نفسه. جعلني ذلك في النهاية أتذكّر السبب الذي دفعني إلى مزاولة الإخراج، فرواية القصص والخيال لهما تأثير قوي. عندئذ، سيخفّف الناس هجومهم ويتقبلون الحقيقة».

تكمن بالتالي قوّة فيلم Amreeka في قدرته على عرض وضع مؤلم وتجنّب الموسيقى العالية والعواطف. يتميّز بأنه عمل راق ومتناغم، مع ذلك لم يكن أحد يرغب في السماع عنه، بحسب دابس. تتابع: «عندما كتبت النص في البداية، أراد الناس قصصاً تعكس الأحداث في الشرق الأوسط، لذا اعتبره الجميع ناقصاً».

حرصاً منها على عدم القيام بأي عمل أخرق، تعكس دابس موقف أحد المخرجين المفضلين لديها، مايك لاي (مخرج فيلم Happy-Go-Lucky)، توضح في هذا السياق: «لديه حس رائع بالواقعية، من خلال دمجه بين الفكاهة والدراما، إلى حد أنك تضيع في أفلامه لشدة واقعيتها، يروق لي هذا الأمر فعلاً». لكن على الرغم من أن Amreeka فيلم جدي، إلا أنه مضحك وخفيف أيضاً.

تشير دابس: «ترعرت في الغرب الأوسط، وأنا سهلة المعشر، إذ أمزج بين حسن ضيافة الشرق الأوسط والغرب الأوسط. لا أحب الأفلام التي توبّخ ولا أريد أن أعظ الناس إنما التأثير فيهم».

جذور الماضي

أما الفيلم الثاني، Big Fan، فيتطرق بشكل مؤثر إلى أزمة يعاني منها أحد المعجبين العنيدين بفريق «نيويورك جاينتز».

كذلك، يُستخلص هذا الفيلم من جذور ماضي المخرج والكاتب، لكن ليس النواحي الأكثر بروزاً في حياته، أي الأعوام الستة التي تولّى خلالها روبرت سيغل رئاسة تحرير الصحيفة الهجائية the Onion.

في هذا الإطار، يوضح سيغل: «في ختام حياتي المهنية في صحيفة The Onion، تملّكتني الرغبة في الإنتقال إلى مسار غير الصحافة الهزلية واستخدام عقلي في مجال آخر». لكن المسار الذي قطعه، من تلك الرغبة إلى Big Fan، كان متعرجاً.

يشرح سيغل: «لأن عبارة «كاتب هزلي» مكتوبة على استمارتي الضريبية، افترضت أنه علي كتابة أفلام كوميدية، بالفعل ألفت البعض منها لكنها لم تكن مميّزة، كتلك التي تضم شباناً في الرابعة والعشرين من العمر يكدحون طوال النهار في الدرجة السفلى لشركة ميراماكس».

من ثم خطرت له فكرة أخرى عن فيلم مقتبس عن جانبين في حياته الماضية، يبدأ خلال فترة ترعرعه في لونغ أيلند، في نيويورك «كأحد المعجبين المهووسين بالرياضيين».

يقول سيغل: «كنت أستمع إلى الأحاديث الرياضية على إذاعة WFAN، فأتمدد في السرير ليلاً بعد إطفاء الأنوار، تغمر الأغطية رأسي وأستمع إلى هذا النوع من الأصوات الغريبة الصادرة من منطقة نيويورك. كنت مدمناً على ذلك».

أما شغف سيغل الآخر الجليّ فيBig Fan فيتمثل في «الأفلام المستقّلة الجريئة لكتّاب في سبعينيات القرن العشرين أمثال مارتن سكورسيزي. أنجذب إلى الشبّان الوسيمين الفاشلين والمنعزلين عن المجتمع والذين يجوبون الشوارع واضعين أيديهم في جيوبهم وذلك عندما أشاهد أفلاماً عنهم أو أكتب عنهم».

في ما يتعلق باختيار ممثل لأداء شخصية بول أوفييرو الفاشل والوسيم في Big Fan، قاوم سيغل «فكرة اختيار اسم مشهور في عالم الفن».

الممثل باتون أوسوالت، الذي اختاره، معروف لسببين مختلفين، فهو ممثل كوميدي يقدّم عروضاً بمفرده وظهر بشكل منتظم في سلسلة The King of Queens التلفزيونية إلى حدّ أنه عندما شوهد في ستاتن آيلاند، حيث تدور أحداث الفيلم، «ظن الناس أن فرقة البيتلز في مطار جون كينيدي».

فضلاً عن شكله الذي يشبه معجباً مهووساً، يتمتع أوسوالت بميزة أخرى. بحسب سيغل، «إنه طيب القلب بطبيعته. على الرغم من غرابته وطبعه الحاد، إلا أنه شخصية غير منفّرة. أردت شخصاً يثير إعجاب الجمهور ويستجدي تعاطفه».

back to top