غانم النجار في ندوة الرأي الوطني : فوز أوباما درس تاريخي رائع إنسانياً
«من الباص إلى رئاسة البيت الأبيض» عنوان الندوة التي نظمها ديوان «الرأي الوطني» والتي أكد خلالها المحاضرون أن ما حدث في انتخابات الرئاسة الأميركية يعد درساً تاريخياً على العالم أجمع التعلم منه، كما يعد طلاقاً بائناً بين الولايات المتحدة الأميركية والنعرات العنصرية التي طالما كانت لها الكلمة الفصل في اختيار ساكن البيت الأبيض.أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د. غانم النجار أن انتخابات الرئاسة الأميركية التي انتهت منذ أيام قليلة، معلنة فوز مرشح الحزب الديمقراطي باراك أوباما، تعد مثل أي انتخابات سابقة عاشتها الولايات المتحدة الاميركية، غير أن هناك بعض المعطيات والمشاهد الجديدة التي غلفتها وصبغتها وأظهرتها بصورة مختلفة عن المرات السابقة، أخطرها واهمها اللحظة التاريخية الحاسمة المتمثلة في دخول شخص أسود من أصول إفريقية من أبناء الجيل الثاني إلى البيت الابيض. ولفت د. النجار في الندوة التي أقيمت مساء أمس الاول في مقر ديوان الرأي الوطني، تحت عنوان «من الباص إلى رئاسة البيت الابيض» إلى أنه منذ أيامٍ، أصدر اوباما وفريق عمله بعض القرارات بخصوص بعض المواضيع الاساسية التي ستساعد في فهم السياسية القادمة التي سيتبعها، والتي ركزت على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، دون إهمال السياسة الداخلية كالانفاق الفدرالي على أبحاث الخلايا الجزعية، والنفط والحفريات النفطية التي تناقش منذ فترة، فضلاً عن ضرورة تغيير السياسة المتبعة داخل معتقل غوانتانامو.
«أوباما» الإرهابي!وذكر النجار أنه قبل عام ونصف، وتحديداً في مدينة شيكاغو، أجرت إحدى الاذاعات الشهيرة استطلاع رأي عن طريق الاتصال الهاتفي على عينة عشوائية من المواطنين، موجهة إليهم السؤال التالي: ماذا تعرف عن باراك أوباما؟! هل هو عضو مجلس شيوخ؟ أم انه شخص متهم بترويج الارهاب؟ وكانت الاجابة صادمة وغريبة للغاية، إذ أجمعت الاغلبية الساحقة من المواطنين على أن باراك اوباما شخص متهم بترويج الارهاب، علماً بأن أوباما في هذه الفترة كان عضو مجلس الشيوخ عن ولاية «أدينويز» التي تعد مدينة «شيكاغو» إحدى أهم مدنها، وهذا يبرز مدى جهل المواطنين وعدم معرفتهم به، رغم أنه كان عضو مجلس شيوخ يمثل ولايتهم، وقال د. النجار: أنا من ضمن القلائل الذين اعتبروا أن اوباما قد حصد الفوز منذ رشح من قبل الحزب الديمقراطي لخوض انتخابات الرئاسة، بوصفها خطوة في منتهى الاهمية على طريق الديمقراطية ونزع العرقية والعنصرية التي طالما عاشتها الولايات المتحدة، متسائلا: هل سيغير أوباما السياسات المتبعة في منطقة الشرق الاوسط؟ مشدداً على ضرورة الفصل وعدم الخلط بين أمرين، أولهما فوز أوباما، كظاهرة إنسانية تاريخية في غاية الاهمية تحدث في مجتمع عنصري إلى أبعد الحدود، والثاني هو التغيرات السياسة التي من الممكن أن يحدثها أوباما في المنطقة، مؤكداً أن أوباما ليس بسانتا كلوز، ولا هو المخلص المنتظر قدومه إلى العالم، وبين ليلة وضحها سيغير كل شيء إلى الافضل. التنشئة السياسيةواعتبر النجار أن فوز أوباما ذو صلة مباشرة بالتنشئة السياسية القوية التي ظهرت في النسب والارقام التي رصدت عن الناخبين، والتي أشارت إلى أن الاعمار من 18 إلى 29 سنة وهم يمثلون 19 في المئة من إجمالي الناخبين، 66 في المئة منهم صوتوا لاوباما، والاعمار من 30 إلى 42 سنة وهم يمثلون 37 في المئة من إجمالي الناخبين 52 في المئة منهم صوتوا أيضاً له، ويعد هذا مؤشرا خطيرا لا يمكن إقصاءه ولا تجاهله، لأن هذه الحقبة العمرية عاصرت عمليات التنشئة السياسية التي ارتكزت على محورين أساسيين، أولهما المؤسسات التعليمية التي لم تعد تغذي العنصرية، والثاني المؤسسات الاعلامية، والسينمائية التي أصبحت تبرز الموطنين السود في أدوار محامين وأطباء ورؤساء دول، وهو ما ساعد على إسقاط لافتة المجرم والقاتل، التي كانت تتبعهم أينما ذهبوا، والخروج من الحيز الضيق الذي فرض عليهم، معتبراً أن ما حدث في هذه الانتخابات بمنزلة طلاق بين أميركا والعنصرية، وكانت لها الكلمة الفصل طوال السنوات الماضية. روزا باركس وحافلة «الحرية»من جانبه، أكد الكاتب الصحافي فيصل عبدالله أن التاريخ عبارة عن مواقف تغير مجراه ايجابياً أو سلبياً، لذلك فهناك اناس يكونون بسطاء في حياتهم العامة، لكنهم يدخلون التاريخ كعظماء بسبب موقف عظيم اتخذوه في حياتهم كان سبباً في إصلاح حال البشر، وهذا النوع من المواقف قد يكون شرارة لتغيير مسيرة امة بكاملها. وأضاف أن فوز أوباما في انتخابات 2008 هو من نتائج واصداء موقف اتخذته روزا باركس عام 1955، فكان نقطة تحول في تاريخ الامة الاميركية، وسبباً لتحركات جماهيرية مدنية توجت بوصول بارك أوباما إلى البيت الابيض، مستشهداً بقول الفيلسوف الفرنسي موريس بلوندل: «ان كل فعل هو نقطة تحول في مسار التغيير الشامل»، لأن اصداء أي فعل سواء كان فعلاً خطابياً أو عمليا، له تأثير في مجرى الحاضر والمستقبل، والفعل المبني على فكرة وهدف عظيمين، يكون تأثيره عظيما.وأشار عبدالله إلى عام 1955 حين ركبت الخياطة البسيطة روزا باركس الحافلة في طريقها إلى البيت، وفي الحافلة، وجدت مقعدا فارغا فجلست عليه، وبعد قليل دخل ركاب آخرون، ووقف امامها رجل أبيض متوقعاً أن تقوم لتعطيه مكانها، بسبب القانون الذي كان سائدا في الخمسينيات في هذه المقاطعة، وغيرها من المقاطعات الجنوبية، والذي كان يقضي على السود بأن يتخلوا مقاعدهم للبيض، وان عليهم الدفع من الباب الامامي ثم التراجع والدخول الى الحافلة من الباب الخلفي، غير أن هذه المرأة رفضت ترك مقعدها لذلك الرجل الأبيض، مخالفة ذلك القانون العنصري... امرأة بموقف واحد غيرت مجرى التاريخ، ولذا يجب ألا نستخف بالقوة العجيبة الكامنة في الانسان، والتي تخرج وتنير العالم عندما يقرر الانسان ان ينتصر اخلاقيا حتى قبل ان تبدأ المواجهة عندما يقرر رفض الانصياع للقانون الظالم.