التضامن العالمي مع البحرين

نشر في 01-03-2009 | 00:00
آخر تحديث 01-03-2009 | 00:00
 بدر عبدالملك نطق «ناطق نوري» ويا ليته لم ينطق بحق البحرين وشعبها وحكومتها وسيادتها، بل يا ليته يصمت إلى الأبد، ولا يستنطق البرلمان الإيراني ولا شعب إيران الصديق فحسب، إنما يؤلبه ويحرضه على دعاوى منذ زمن الشاه البغيض، وهي التي قبرت وسويت نهائيا عام 1969، في استفتاء شعبي كامل قرر فيها شعب البحرين دون استثناء بأن البحرين عربية وهي جزء لا يتجزأ من الجسم العربي، وكل ما ادعاه الشاه بتبعية البحرين يومها ليس إلا دعاوى فاحشة وباطلة.

واليوم يعيد لنا وخلال سنوات متكررة نفس دعاوى الشاه، والمحزن أن دعاة الثورة التي ادعت منذ انطلاقتها أنها تدافع عن الشعوب المظلومة وحق هذه الشعوب في تقرير مصيرها ترتكب نفس الخطيئة، وتحمل نفس السيف الخشبي ملوحة بالدعاوى إياها، متناقضة مع أفكارها «الثورية» متناسية أن جارتها البحرين قد حَسَم التاريخ الحديث قضيتها العادلة، وما عاد في العصر الحديث مقبولاً الدعاوى غير الشرعية إزاء حدود وسيادة البلدان، التي قررتها ووافقت عليها الأمم المتحدة.

فلماذا بين الحين والآخر يعيد ناطق نوري وغيره من أقلية قليلة، نسيت أخوّتها الإسلامية الحقيقية، وعادت إلى نزعة التوسع ونظرتها التقليدية في اجترار ملفات الماضي المرير، متناسية أصوات النشاز تلك، ليس حق الشعوب في تقرير مصيرها فحسب، بل حق الجوار واحترام سيادة البلدان، لعلها تستفيد سياسيا من تلك الملفات لأوراق جديدة، فتصبح البحرين وشعبها ورقتها ورهانها الجديد على احتمال كسب مصالح وهمية لن تُنجَز.

لدى ناطق نوري تصريح عجيب حين قال: «إن ما تم الاعتراف به من قبل الأمم المتحدة ليس مقبولا، ولا يمثل قيمة سياسية، أو بتعبير أدق اعتراف غير قائم، وإن البحرين لاتزال المحافظة رقم 14».

ولا نعرف إن كان يجرؤ خارج ذلك التصريح أن يقوم بتلوين خارطة إيران الحديثة كما فعل الشاه في وقته، والعلة التي تتكرر كل مرة أن وزارة الخارجية الإيرانية ودبلوماسيتها تلعب لعبة «البينغ بونغ» مع تلك الأفواه التي قالت عنها إنها «تصريحات صادرة عن أشخاص ليسوا رسميين»!! في الوقت الذي يمثل ناطق نوري مركز المفتش العام في مكتب مرشد الثورة، فهل ينطق الأمين العام دون هوى؟ أم أنه يستشعر ردود الفعل بعد أن استشار المرشد في تكتيكه الفاشل؟ وإذا لم يكن للمرشد دخل في تلك التصريحات فلماذا لا نسمع كلمة أو تصريحاً يستنكر مثل ذلك القول عاجلا أم آجلا إن كانت البحرين الإسلامية أهم من رجل في مكتبه؟

وإذا ما صمت المرشد على مثل هذا القول بعد أن قامت الدنيا ولم تقعد عالميا، واستنكرت جميع الدول المهمة عربيا وإسلاميا ودوليا مثل تلك الأقوال، وأبدت جميعها تضامنا حقيقيا مع شعب البحرين وحكومتها، مما يعني أن الأمم المتحدة منظمة دولية تحمل من قيمتها الدولية أهمية سياسية وشرعية لكل أعضائها، بما فيهم إيران الرسمية بعضويتها في الأمم المتحدة، حيث لم يقوَ ممثلها على الوقوف مؤيداً لحق إيران التاريخي بجزر البحرين، مستعيداً جمل ومفردات الأمين العام لمرشد الثورة، الذي لم يتفوّه بتلك الجمل للصحافة والإعلام إنما حملها إلى قاعة البرلمان الإيراني المثقلة بروح الشوفينية القديمة لبعض أعضائه، وكأني بهم لم يبدلوا جلدهم القديم، إنما كل ما فعلوه هو أنهم ارتدوا معطفا «إسلاميا» جديدا ورفعوا شعار «المستضعفون في الأرض»! لكي تجذب تلك الشعارات البراقة بؤس الشعب الإيراني وجماهير كثيرة لا تميز بين الفعل والشعارات المختلطة.

من دون شك نجحت الدبلوماسية البحرينية في وضع مثل تلك التصريحات المزعجة بشأن قضيتها العادلة أمام المحك الجديد للدبلوماسية الإيرانية ووزارة خارجيتها، بضرورة أن تصمت تلك الأصوات إلى الأبد، بدلا من استعادة تلك التبريرات غير المقبولة، وعليها أن تحاسب حساباً قانونياً وقضائياً عندما تنبش في ملفات ماتت، وتضر بمصلحة الشعبين المسلمين الصديقين بدلا من إذكاء نار الضغينة والتوتر السياسي والعرقي بينهما.

فكلما خطا البلدان خطوات متقدمة نحو المزيد من النجاحات والعلاقات الاقتصادية وتطورها نحو الأحسن، جاءت مثل تلك العصي لتعرقل مسيرتهما نحو مستقبل زاهر يعتمد على احترام السيادة وبناء علاقات قائمة على دعائم الأمم المتحدة وركائزها الشرعية، إذ تسعى البحرين وبكل نواياها الأخوية إلى إرساء سلام وتعاون حقيقيين بين شعوب المنطقة، وإبعادها عن شبح التوتر والحروب اللذين يعيقان التقدم والتنمية.

* كاتب بحريني

back to top