وزارة الإبعاد والتسفير

نشر في 28-08-2008
آخر تحديث 28-08-2008 | 00:00
 ضاري الجطيلي

هناك إخلال بمبدأ ارتباط العقوبة بالجريمة وتناسبهما، إذ يقبَض على شخص بتهمة الاحتفال أو التظاهر أو تجاوز الإشارة الحمراء، ويعاقَب لمخالفته قانون الإقامة، وهذا الإخلال يحمل نفساً انتقامياً.

نهج جديد تتبعه وزارة الداخلية بتعاملها مع الوافدين، وهو آخذ بالترسخ في عهد وزيرها الحالي الشيخ جابر الخالد، يتمثل بالتوسع بإبعاد الوافدين بشكل عشوائي وفوضوي، إذ كشف النائب فيصل المسلم للصحف أمس أن الداخلية بدأت بإبعاد الوافدين المتواجدين في الحفل الخاص- مع وضع سبعين خطاً تحت كلمة «الخاص»- الذي أقيم بأحد الفنادق قبل أيام.

لم تكن تلك المرة الأولى التي تقوم بها الداخلية بإجراء كهذا، فقبل شهور قليلة هددت بإبعاد الوافدين المتجاوزين للإشارة الحمراء، وقبل أسابيع قليلة قامت بإبعاد عدد من العمال البنغاليين الذين شاركوا في المظاهرات مطالبين بتعديل أوضاعهم المعيشية وصرف رواتبهم، وفي الحالتين كان الإبعاد عقوبة مباشرة من دون اتباع إجراءات التقاضي الصحيحة أو إعطائهم حق الدفاع عن أنفسهم، فيما يعد خرقاً للمواد 30 و31 و32 و33 و34 من الدستور التي تنص على الحرية الشخصية والكرامة الإنسانية وارتباط العقوبة بالجريمة وبراءة المتهم حتى ثبوت إدانته «في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الدستورية لممارسة حق الدفاع عن نفسه،» ناهيك عن صون المادة 44 لحق الأفراد بالاجتماع الذي مارسه البنغاليون. ويبدو أن اتباع الداخلية لهذا النهج له تفسيران محتملان: الأول، هو معاقبة الوافدين لأنهم تواجدوا في الحفل، وذلك يعد تعديا على حرياتهم الشخصية وتطفلا على خصوصياتهم، فما حصل هو حفل خاص أقامته جهة خاصة في مكان خاص ووجهت دعواته الخاصة لمجموعة معينة من الأفراد، ولم يكن مفتوحاً للعامة في مكان عام. أما التفسير الآخر فهو إبعاد الوافدين لأنهم أصحاب مشاكل أمنية ومخالفون لقوانين الإقامة، وذلك يؤكد ما ذكرته بمقال سابق أن الداخلية تعتمد على الحظ والمصادفة في ملاحقة المجرمين والمخالفين، حيث ذكرت إحدى الصحف الأسبوع الماضي أن هناك ما يقارب نصف مليون وافد عليهم مشاكل أمنية، إلا أن الداخلية تنتظر أن يشارك أحدهم بحفلة صاخبة حتى تتحرك لتطبيق القانون.

هناك إخلال بمبدأ ارتباط العقوبة بالجريمة وتناسبهما، إذ يقبَض على شخص بتهمة الاحتفال أو التظاهر أو تجاوز الإشارة الحمراء، ويعاقَب لمخالفته قانون الإقامة، وهذا الإخلال يحمل نفساً انتقامياً، فالمنتقم هو الذي ينتهز أي فرصة لنبش الملفات القديمة ومعاقبة الناس بناء عليها، وبذلك تقود الداخلية بعض صور التعامل غير الإنساني المتبع من قبل الدولة والمواطنين مع الوافدين، وتصر على إهدار كرامات الناس وخرق المبادئ الدستورية والإنسانية وهي المؤتمنة على صونها.

Dessert

انتهاكات وزارة الداخلية لحقوق الإنسان موجودة بالصوت والصورة على الإنترنت، وأرجو من الداخلية بدلاً من حجبها أو تعقب ناشريها أن تعيد النظر في ممارساتها غير الإنسانية تجاه الوافدين.

back to top