رحيل عاشقة

نشر في 31-10-2008
آخر تحديث 31-10-2008 | 00:00
No Image Caption
 محمد الحجيري فقد الوسط الثقافي الإيراني الشاعرة طاهرة صفا زاده بحضورها المميز وصوتها شديد الخصوصية داخل المشهد الشعري الإيراني - الخميني، فضلاً عن أبحاثها وترجماتها الكثيرة عن الإنكليزية.

أصدرت زاده دواوين عدة نذكر منها: «طنين في المصب، السد والسواعد، الحركة والأسماء، ملاقاة الفجر، مبايعة اليقظة، الرجال المائلون». المفارقة أنه قبل وفاتها بأشهر، تُرجم الى العربية كتابها «رحلة عاشقة» لدى «مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي».

لا شك في ان إيران تحظى بشعراء كثيرين، فهي بلد الشيرازي وعمر الخيام، لكن في الزمن الايديولوجي أصبحت الصواريخ الإيرانية بديلاً عن الدواوين الشعرية، وبات الغرب يسبق الرئيس محمود أحمدي نجاد في الاهتمام بالمبدعين الإيرانيين... زاده التي تهتم بها الثورة الخمينية آتية من الغرب أيضا، إذ أمضت أكثر فترات حياتها في الولايات المتحدة الأميركية تدرس في جامعاتها، إلا أنها لم تتأثر بالثقافة الغربية بل اهتمت بالمسائل الدينية أكثر من أي أمر آخر في أعمالها الأدبية، وهي تعتبر أن القرآن لا يعارض الشعر الحديث: «القرآن يهتم بإيمان الشاعر ومحتوى الشعر ولم يذكر أبداً في أي من القوالب ينبغي أن تصاغ محتويات الشعر»:

يأتي صوت النشيج من بعيد‏

كيف يمكن حماية‏

كل تلك الأرواح الجميلة‏

كيف يمكن‏

كيف يمكن‏

كيف يمكن‏

تبت يدا أبي لهب وتب‏

تبت يدا أبي لهب وتب‏

تبت يدا أبي لهب وتب‏

وهذا الصوت، الذي ليس من مكونات سلسلة الأصوات‏

له طريق في شراييني.

جاء في مقدمة «رحلة عاشقة» أن زادة، نجحت في تقديم شعرية جديدة وأسلوب شعري متميز، أثار نقاشاً واسعاً في بادئ الأمر. ولأن النظام الحاكم (الشاه) لم يكن يحبّذ شعر المقاومة الممزوج بالسخرية من السياسة وأصحابها، فُصلت في الجامعة عام 1976 بتهمة كتابة شعر المقاومة الدينية، صدرت لها تسع مجموعات شعرية، يتصف الشعر فيها بميزتين، الاهتمام بالواقع والصدور عنه، والتحليق في سماوات الخيال, فالشاعرة لا تؤمن بالفن التجريدي، منطلقة من عبارة «نيما يوشيج» أي «الشعر فاكهة الوجود»، على نسق اللغة «مسكن الوجود».

كذلك يكتب أصحاب مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، أنهم يترجمون مختارات من الشعر الإيراني الحديث الى اللغة العربية ويلبون الحاجة الإنسانية الى الإبداع الشعري، ويسعى المركز «في سبيل إعادة الاتصال بين الشعر الإيراني والعربي، الذي قُطع بعد أن هيمنت «الثقافة الغربية» عليهما، بوصفهما «مركزاً عالمياً للثقافة».

لم يلحظ «المركز» أن الثقافة الإيرانية باتت تأتينا من الغرب، وكان أجدى به إعطاء صورة التحوّل الذي طرأ على الشعر الإيراني بعد الثورة الخمينية الإسلامية التي من دون شك تتخطى الإمبريالية الغربية من خلال محاولة تكريس ايديولوجيا آحادية في إيران وربما في الشرق الأوسط.

يبدو أن الشاعرة الإيرانية أكثر معرفة بمعنى التواصل بين الثقافات، فحين يسألها جعفر نجف «في الماضي، كان للشعراء الإيرانيين دور في الشعر والأدب العربيين، أما اليوم فيبدو أن ثمة قطيعة أو عدم تواصل بين الجانبين. ما هي الاسباب برأيك؟

تجيب الشاعرة: {هذه القطيعة مشهودة حتى داخل نطاق الأدب الفارسي. أي أن شعرنا المعاصر، من حيث رؤاه ونزعته الفلسفية ونزعته العقلية وثرائه المضموني، لا يعد وثيق الصلة بالشعر الفارسي القديم».

back to top