معرض الرياض... القبيلة والمكان

نشر في 22-03-2009
آخر تحديث 22-03-2009 | 00:01
 آدم يوسف أثناء متابعتي لأخبار معرض الرياض الدولي للكتاب الذي أقفل أبوابه قبل عدة أيام، لفتت انتباهي أمور من بينها: الإقبال الشديد على المعرض وتزايد نسبة المبيعات حتى بالنسبة إلى كتب الفلسفة والنقد، علاوة على الرواية والتاريخ. لن أتوقف طويلاً عند البرنامج الثقافي، أو مسألة الرقابة، وهما أمران، يتكرر الجدال بشأنهما في معظم المعارض العربية، وأشبعتهما الصحف السعودية كتابة.

يبقى على المنظور البعيد ما يثيره الكتاب من وعي في ذات القارئ، وتبقى تلك الدلالات التي نستشفها من ازدياد نسبة االمبيع، والعناوين التي يقبل عليها القراء. قد يكون طبيعياً أن نجد إقبالاً على كتب الدين والتاريخ، نظراً إلى أننا نتحدث عن دولة ذات خصوصية من حيث العقيدة، وكذلك من حيث البُعد التاريخي، لبقعة تمثل مهد الديانة الإسلامية، ولكن اللافت رواج بعض الروايات التي جاءت في قائمة الأكثر مبيعاً، وبحسب الأرقام التي وردت في صحيفة القبس بقلم الزميل أحمد الواصل، فإن الكتب الأكثر مبيعاً تأتي على النحو الآتي:

- «الحمام لا يطير في بريدة» يوسف المحيميد، المركز الثقافي العربي.

- «شارع العطايف»، عبدالله بن بخت، دار الساقي.

- «القبيلة والقبائل، هويات ما بعد الحداثة»، عبدالله الغذامي، المركز الثقافي العربي.

- «لا أحد في تبوك» مطلق البلوي.

استطاع يوسف المحيميد أن يحقق إنجازاً كبيراً، حين بيعت من روايته 1200 نسخة، خلال أيام المعرض، وهو رقم كبير إذا ما أخذنا بالاعتبار أن معظم الأدباء العرب لا يطبع أكثر من ألفي نسخة من كتابه، وربما تبقى سنين من دون أن تنفد، وكذلك الكاتب الروائي عبدالله بخيت استطاع أن يبيع ألف نسخة من روايته، أما الناقد الدكتور عبدالله الغذامي فقد اكتفى بـ800 نسخة من كتابه الفكري الأخير.

الملاحظ بالنسبة إلى عناوين الكتب السابقة ارتباطها المباشر بالمكان أو المدينة، فنجد: «تبوك، بريدة، عنيزة» وكلها مدن سعودية ذات خصوصية محددة، بالإضافة «شارع العطايف» وهو الشارع الحيوي الشهير في مدينة الرياض.

هل يقتني القارئ الكتاب في الرياض بناء على انتمائه المكاني أو جذوره القبلية؟، وهل الدافع إلى شراء هذه الكتب مكانة كتابها، أم الإيحاء الذي يحمله العنوان؟ ما من شك أن أسماء مثل يوسف المحيميد وعبدالله الغذامي، وعبدالله بخيت لها مكانتها بالنسبة إلى الشارع الثقافي في المملكة، إلا أن العنوان له جاذبيته وسحره، هو الآخر، فـ«بريدة وعنيزة» مدينتان نجديتان، تتمتعان بتركيبة سكانية محافظة، ومجتمع قبلي يكاد يكون منطوياً على ذاته، لولا بعض مظاهر التمدن، والهجرات الحديثة، وهي ذات أثر ضئيل، لا يُذكر، وكذلك تبوك المدينة الشمالية ذات المكانة التاريخية؛ نظراً الى وجود آثار يعود بعضها إلى عصر ما قبل الإسلام.

وكنت أجريت حواراً قبل عدة سنوات مع يحيى الربيعان مالك دار الربيعان للنشر في الكويت، فسألته عن الكتب الأكثر مبيعاً لديه، أشار في حينها إلى كتاب «راكان بن حثلين» شيخ قبيلة العجمان، الذي جاء الأكثر مبيعاً، ولسنوات متتالية، الأمر الذي يمكن أن نستشف منه أن القبيلة والانتماء المكاني يلعبان دورهما بالنسبة إلى رغبة القارئ، هنا في منطقة الخليج، تجاه الكتاب.

يتميز معرض الرياض بحضور جماهيري حاشد، وقوة شرائية كبيرة، وهو فرصة سانحة لأصحاب دور النشر والمثقفين، ويختلف عن معرضي بيروت والقاهرة، لكونه يكتفي بالزوار من داخل المملكة، وذلك لصعوبة الحصول على زيارة سياحية إلى المملكة، في حين أن معرضي بيروت والقاهرة، يستقبلان زواراً كثراً من البلاد الأخرى، بسبب سهولة إجراءات الزيارة، وعلى الرغم من ذلك فإن القوة الشرائية من داخل المملكة كبيرة للغاية، كما أن القارئ السعودي يمتلك وعياً جيداً لأهمية القراءة ومكانة الكتاب، ولا ننسى أن سكان المملكة بحسب آخر الإحصاءات يتجاوز عددهم 22 مليون نسمة، وهو عدد لا بأس به إذا توافر منه قراء ومحبون للكتاب.

back to top