حكومة تكسير الأقلام

نشر في 04-12-2008
آخر تحديث 04-12-2008 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي الحكومة تلاحق الكتّاب وتهدر كرامتهم وتسحبهم إلى النيابات، لكنها لا تستطيع وتقف عاجزة أمام أحد موظفيها من الشيوخ، الذي أساء إلى الكويت والديمقراطية الكويتية عندما تعمّد نشر إعلانات في الخارج تسيء إلى الدولة والبرلمان، ولولا ضغط النواب لما تمت إحالته إلى القضاء.

خرج الزميل أحمد الديين من سرايا النيابة بلا ضمان مالي مرفوع الرأس يمشي في خيلاء بعد أن ألصقت به الحكومة تهمة جائرة كعادتها في إلصاق التهم لإرهاب كتّاب الرأي، فهل بدأ مسلسل إحالة الكتّاب إلى المحاكم؟ لننتظر قليلا فلعل قادم الأيام سيكشف لنا عن كثير من الأحداث.

يبدو لي أن الحكومة لم تضق ذرعاً بالبرلمان والنواب والديمقراطية عموماً، بل أخذت لا تتقبل النقد الصحفي المباح، وضاق صدرها من حرية الرأي والبحث العلمي المكفولة بنص المادة (36) من الدستور.

هل تريد الحكومة يا ترى أن تفتح الباب على مصراعيه بإرهاب كتّاب الرأي و«جرجرتهم» إلى النيابات والمحاكم؟ فهذه على حد علمي ليست المرة الأولى التي يحال فيها الزميل إلى النيابة، وهو ليس الوحيد الذي تمت إحالته، وهنا لا بد لي من سؤال مشروع: لماذا يا ترى يضيق صدر الحكومة في المزيد من المغامرات على الرغم من أنها بعد كل مغامرة تتلقى المزيد من اللطمات واللكمات؟ فالسواد الأعظم من الكتّاب الذين أحالتهم الحكومة إلى المحاكم قد خرجوا من المعركة مرفوعي الرأس بعد أن حكم القضاء عليهم بالبراءة.

لذلك فأنا متأكد تماما من أن تجربة الحكومة مع الكتّاب في هذا الجانب تجربة فاشلة، ولقد خسرت الحكومة كثيراً، فلقد سجل الكتّاب ومن بعدهم القضاء العديد من الأهداف في مرمى الحكومة.

فمع الأسف الشديد، ولاحظ عزيزي القارئ ذلك، فالحكومة تلاحق الكتّاب وتهدر كرامتهم وتسحبهم إلى النيابات، لكنها لا تستطيع وتقف عاجزة أمام أحد موظفيها من الشيوخ، الذي أساء إلى الكويت والديمقراطية الكويتية عندما تعمّد نشر إعلانات في الخارج تسيء إلى الدولة والبرلمان، ولولا ضغط النواب لما تمت إحالته إلى القضاء.

من الواضح بجلاء أن الحكومة ترغب في تكسير الأقلام وتكميم الأفواه، وما إحالة الزميل الديين إلا خير دليل، فهل تغيرت قواعد اللعبة؟ أعتقد أن قواعدها قد تغيرت بالفعل، وبدأت الحكومة تكشّر عن أنيابها، وما رد الوزير العليم على النائب دميثير بهذه اللغة الغريبة، أو ما ردّ الوزيرة الصبيح على النائب فيصل المسلم بشأن اجتماع اللجنة التعليمية إلا خير دليل أيضا على اتباع الحكومة سياسة الهجوم المضاد بعد أن كانت تؤثر مبدأ السلامة.

لقد اسقرت أحكام القضاء على أن الأصل الدستوري هو حرية الفكر وإبداء الرأي بما في ذلك حق النقد، والاستثناء هو القيد، ولا يجوز أن يمحو الاستثناء الأصل أو يجور عليه أو يعطله... لذلك فهذه مناشدة مني لجمعية المحامين بأن تشكل لجنة من المحامين تكون مهمتها الدفاع والذود عن حرية الرأي والكلمة، وهي دعوة أيضاً للوقوف مع الزميل الديين في محنته، وسأكون أول المتطوعين للدفاع عنه أمام المحاكم، ليس لأنه زميل فقط، بل لأنه «جاري» في نفس الفريج، ولقد قيل قديماً «الجار للجار ولو في النار».

back to top