نعم... دفاعاً عن البنغال ضد الدولة!

نشر في 01-08-2008
آخر تحديث 01-08-2008 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي ما إن تذكر البنغال في أي حديث حتى يتم وصفهم بالمجرمين، ويتم تعديد جرائمهم المختلفة وتصدرهم لقائمة الجنسيات الأكثر تجاوزا في البلد، وقد يكون هذا الكلام صحيحا، لكن هل يصح ربط جنسية معينة بالإجرام؟ فهل لدى البنغال كروموسوم اسمه «جريمة» ورثوه من آبائهم وأجدادهم؟! إذن فالسؤال يجب أن يكون لماذا هذه السمعة السيئة للبنغال بالذات؟

وبالنظر إلى الواقع المعيشي للبنغال قد نستنتج عكس ما هو شائع! فعندما يأتي البنغاليون من بلدهم الفقير حالمين بتجميع فلسين لمساعدة أهلهم، ثم يجدون أنفسهم ضحية مصاصي الدماء، حيث يحشرون في «قواطي سردين»، ولا تدفع لهم رواتبهم التي لا تكفي بالأصل لدفع فاتورة عشاء ليلة واحدة في أي ديوانية، ويتم معاملتهم كعبيد من دون أي حقوق، ومع ذلك يظلون صامتين طوال هذه السنوات، فيجب أن نشكرهم على هذا الصبر الذي قد يضاهي صبر نبينا أيوب، عليه السلام!

فمن الطبيعي بعد ذكر هذه الحقائق أن يكون البنغال الأكثر إجراما في البلد، ومن الطبيعي أن نجد بعضهم يقضون الليل بسرقة أغطية مناهيل الشوارع، أو بإدارة أوكار الدعارة، أو بسرقة «كيبلات» الكهرباء، أو القيام بأعمال شغب. فأي جنسية تتحمل هذا الظلم والاضطهاد كله من دون أن تنفجر بعد أن يطفح بها الكيل؟! ولا أدري ماذا ستكون ردة فعلنا نحن الكويتيين إن لم تصرف لنا حكومتنا رواتبنا لثلاثة أشهر «من دون الأخذ في الاعتبار بقية العوامل مثل السكن غير اللائق»؟! وحدهم البنغال يتعرضون لكل هذه العوامل الصعبة مجتمعة، ولذلك عيب أن نرى الاجراءات التي يتم اتخاذها بحقهم من ترحيل «من دون دفع رواتبهم»، ومنع التظاهر، وإقرار عدم استقدام عمالة من هذه الجنسية مرة أخرى. طبعا من غير المعقول أن يمر حدث بهذا الحجم من دون أن يكون ملك التصريحات وزير الداخلية نجماً له، فنجده كالعادة يستخدم عبارات مثل «أعذر من أنذر»، و«لن نسمح لأحد بأن يستهين بأمن الكويت»، بينما إجراءاته كلها هي لمعاقبة الضحايا وليس الجلادين.

إن من يستهين بأمن البلاد هم تجار الإقامات أصحاب الكروش المنتفخة من المال الحرام وسالبو قوت المستضعفين. هؤلاء هم سبب الشغب والاضرابات والخلل في التركيبة السكانية وما صاحبها من جرائم سرقة ودعارة واغتصاب. «جان فيكم خير» اعتقلوا هؤلاء وانشروا أسماءهم بالصحف وأودعوهم بـ«النظارة» لبضع ليال حتى يذوقوا بعضاً من المر الذي أذاقوه لعمالهم المضطهدين.

أما وزارة الشؤون فبدأت تتقمص ثوب الضحية أيضاً والتظاهر بأنها تعمل ما بوسعها لمعالجة هذه الظاهرة، لكنها «ما تقدر على الشركات»، حسب قول مصدر حكومي. «على منو هالكلام»... «على هامان يا الشؤون».

ممارسات وزارة الشؤون هي أس الفساد لأن هذه الظاهرة ليست وليدة اليوم، بل هي موجودة منذ سنوات عدة، لكن في كل مرة تتم تغطية الموضوع بدفع رواتب العمال المتأخرة، ثم تعود الشركات الى معاودة جرائمها. فبالعقل والمنطق، هل تعتقدون أن مثل هذه الشركات قادرة على فعل ما فعلته كله في وجود مسؤولين يطبقون القانون ويقومون بعملهم بكل أمانة واخلاص؟! بالطبع لا، لكن أينما وجد مسؤولون وموظفون فاسدون تجد مثل هذه الشركات موجودة في الموقع نفسه أيضاً! ومثلما أن هناك مسؤولين مستفيدين من فساد الجمعيات «الذي سنتحدث عنه لاحقاً»، هناك أيضا مسؤولون مستفيدون من فساد بعض شركات النظافة.

ومع أن تصريحات وزير الشؤون إيجابية وفيها تقدير للظلم الذي وقع على العمالة المضطهدة، لكن الحل ليس بالكلام الحلو والمعسول، بل بإجراءات حازمة تتمثل في فسخ عقود هذه الشركات ومنعها من التقدم الى أي مناقصة حكومية أخرى، ونشر أسمائها على الملأ ليعرفها الشعب الكويتي، حتى تكون عبرة لغيرها، وإحالتها إلى القضاء. أما إذا تمت «الطبطبة» على الموضوع برفع معاشات العمال إلى 40 ديناراً والسماح لمصاصي الدماء بالاستمرار في تنفيذ عقودهم، فلا طبنا ولا غدا الشر!

***

• لم أستغرب هذا التجاهل الرسمي والحكومي للشهيد المجادي، فلو كان الشهيد ابن فلان أو علان لاختلف الأمر تماما!

• «البطل» سمير القنطار قام بعمليته قبل 30 سنة من أجل تبادل أسرى، وحاول من دون جدوى إقناع رهينته لمدة 10 دقائق بترك ابنته التي قتلت برصاص إسرائيلي أثناء تبادل إطلاق النار وبشهادة الصحافة الإسرائيلية آنذاك. فعجبي ممَن هو مستعد لتصديق كذب حكومة العدو ولا يريد تصديق رواية مقاوم يدافع عن قضيته العادلة!

back to top