مؤسسات دولية وإقليمية تطالب دول الخليج بكشف ديونها للمساعدة على تجاوز أزمة الثقة في أسواق المنطقة
اعتبرت مؤسسات تصنيف عالمية أن مصارف عدة في دول الخليج ستتأثر سلبا بفعل انخفاض قيمة استثماراتها، سواء في أسواق المال الإقليمية أو عبر تملكها أوراقا مالية وسندات خارجية وفي صناديق تحوط، فضلاً عن معاناة المصارف الإماراتية، خصوصاً من تباطؤ القطاع العقاري في إمارة دبي.نصحت مؤسسات عالمية وخليجية، حكومات المنطقة بانتهاج مزيد من الشفافية والإفصاح، في نشاطاتها وبياناتها المالية المتصلة بالديون والالتزامات على المديين القصير والمتوسط، لتجاوز أزمة الثقة في أسواق المنطقة، بعدما انتقلت إليها «عدوى» أزمة المال العالمية.
وتشهد منطقة الخليج الآن «أزمة ثقة» في كل أنواع الاستثمار، بعدما تغيرت ظروف توسع الشركات في الإقراض، نتيجة النقص في السيولة وشحّ الأموال المتدنية التكلفة، في ضوء خسارة المستثمرين في المنطقة توظيفاتهم حول العالم.تصنيفات استثماريةوأشار تقريرٌ لشركة «المزايا القابضة» إلى أن المطلوب تحقيق أعلى مستويات الشفافية اليوم للتغلب على أزمة الثقة، وإعادة عربة الاستثمار إلى الطريق الصحيح، وبالتالي ضمان استدامة النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية الحقيقية.ولجأت مؤسسات التصنيف الائتماني إلى خفض التصنيفات الاستثمارية والائتمانية، لعدد من المؤسسات والمصارف والشركات الخليجية، بعضها لعجزها عن الوفاء بالتزامات معينة، كما هي حال شركة بيت الاستثمار العالمي (غلوبل)، أو لمخاوف من تعرض الشركات والمؤسسات لتباطؤ في أعمالها نتيجة أوضاع أسواق العقارات والأسهم.وخفضت مؤسسة «فيتش»، تصنيفها لمصارف كثيرة في دول مجلس التعاون الخليجي على خلفية تقويم الآثار السلبية المتنامية للأزمة العالمية على المؤسسات المالية في المنطقة. واعتبرت أن مصارف عدة ستتأثر سلبًا بفعل انخفاض قيمة استثماراتها، سواء في أسواق المال الإقليمية أو عبر تملكها أوراقا مالية وسندات خارجية وفي صناديق تحوط، فضلاً عن معاناة المصارف الإماراتية خصوصا من تباطؤ القطاع العقاري في إمارة دبي.وعدّلت مؤسسة ستاندرد آند بورز تقويمها الاستثماري خفضا لشركة إعمار العقارية، من مستقر إلى سلبي، على رغم إبقاء تصنيفها الائتماني للشركة على الدرجة «A سلبي» على المدى الطويل.ضعف حادوأوضحت أن التعديل يعكس حال الضعف الحادة التي أصابت الأسواق العقارية في دبي، والشكوك حول عمق التراجع، وقدرة الشركات على استعادة عافيتها، ما أثر سلبا في القطاع العقاري. وخفضت المؤسسة تصنيفها لـ6 شركات تابعة لحكومة دبي من «مستقر» إلى سلبي؛ بسبب الصعوبات الاقتصادية التي بدأت تظهر فيها على خلفية أزمة المال العالمية.وشملت عملية الخفض الذراع الاستثمارية لمركز دبي المالي العالمي، وموانئ دبي العالمية، ومجموعة العمليات التجارية لـ«دبي القابضة»، وسلطة مركز دبي للسلع المتعددة، ومنطقة جبل علي الحرة، وصكوك «جافزا المحدودة».ورجَّح تقرير الوكالة اللجوء إلى مزيد من الخفض في تصنيف هذه الشركات، إذا استمرت الأزمة العالمية أكثر مما كان متوقعا، أو في حال شكلت أزمة السيولة مصدر قلق أخطار التمويل لحكومة دبي أو المؤسسات التابعة لها.أما مؤسسة «موديز»، فافترضت في تقريرٍ أن «تحتاج حكومة دبي إلى مساعدةٍ من جارتها الغنية أبو ظبي، لتتمكن من تسديد الديون المترتبة عليها والشركات التي تملكها».وأشارت إلى أن الديون المترتبة على شركات تابعة لحكومة دبي، التي اعتمدت برنامجا توسعيا ضخما في السنوات الماضية، تزيد على 47 مليار دولار، وهو رقم يتجاوز الناتج الإجمالي للإمارة لعام 2006.تقويم ائتمانيوعدّلت «موديز» أخيرا التقويم الائتماني لأربعة مصارف إماراتية خفضا، هي «دبي الإسلامي» و«أبوظبي التجاري» و«الخليج الأول» من مستقر إلى سالب، و«مصرف دبي» من إيجابي إلى مستقر..في المقابل، اعتبر تقرير لشركة «هيرميس» المالية، أن المخاوف التي ظهرت أخيرا حول عدم قدرة دبي على تسديد ديونها «في غير محلها، ومبالغ فيها». وأوضح أن ارتفاع أسعار التأمين على ديون الإمارة (أو شركات تابعة لها) في الأسواق العالمية، والتي تعكس احتمالاً بالعجز عن السداد يصل إلى 38 في المئة «غير مبرر»، ولا يأخذ في الاعتبار أن معظمها قروضٌ لشركات كبيرة في الإمارة تحقق إيرادات وأرباحا وتدفقات نقدية تمكِّنها من السداد في الوقت المجدول.ورجحت أن يعكس ارتفاع أسعار التأمين على ديون الإمارة ضعف الشفافية والإفصاح وعدم رغبة المستثمرين في المخاطرة، أكثر من كونه دليلاً على ارتفاع نسبة احتمال عجز الإمارة عن السداد. وقدّرت «هيرمس» الحجم الإجمالي للقروض القائمة على شركات مملوكة بالغالبية أو بالكامل لحكومة دبي أو شركات قابضة في الإمارة، بنحو 222.4 مليار درهم.وتوقعت أن تكون دبي دفعت ما يعادل 4 مليارات درهم أخيرًا، وأن تدفع ما يعادل 51.7 مليار درهم هذه السنة. ورأت أن قروض الإمارة وديونها تندرج ضمن المعايير الدولية المقبولة، لدى مقارنتها مع دخل الإمارة، مشيرة إلى أنّ أخطار القروض المتعلقة بحكومة دبي «ضئيلة».وعلى الرغم من ان الأنباء عن شركات في دبي تفاوض لإعادة تمويل قروضها، فإن شركات في الإمارة استطاعت الحصول على تمويلٍ من مصادر متعددة تعكس الثقة التي توليها تلك المؤسسات للأوضاع في دبي، إذ أعلنت مجموعة «سيتي غروب» أنها رتبت تمويلاً قيمته 8 مليارات دولار لدوائر في حكومة دبي في الأشهر الأخيرة.