الإدارة الجامعية وكذبة جحا

نشر في 06-01-2009
آخر تحديث 06-01-2009 | 00:00
 د. صلاح الفضلي خرج جحا ذات يوم للسوق فوجد السوق مزدحماً بالناس فتضايق من هذه الزحمة، فأراد أن يتخلص منها، وبعد تفكير لم يدم طويلا، أخذ ينادي «أيها الناس، الوالي يقيم مأدبة غداء، والجميع مدعوون لها، فلا تفوتكم»، فترك الناس ما في أيديهم وذهبوا إلى منزل الوالي لكي يتناولوا الغداء المزعوم فضحك جحا من تصديق الناس لكذبته. لكن بعد دقائق حدّث جحا نفسه قائلاً: هل يعقل أن يُصدق كل هؤلاء الناس ما قلته، فلعل هناك وليمة في بيت الوالي فعلاً، ثم أسرع جحا إلى منزل الوالي لكي يتناول الغداء المزعوم. قصة جحا هذه أصبحت مثلاً يضرب لمن يدعي شيئاً يعلم أنه ليس بصحيح، ثم يصدق ما يقوله.

قصة جحا هذه تنطبق على الإدارة الجامعية في جامعة الكويت، التي بدأت منذ بضعة أسابيع «حملة إعلامية» مكثفة لإبراز «الإنجازات التي تحققت» في العهد الميمون للإدارة الحالية. النشاط الإعلامي المتواصل هذا جاء كنتيجة لتعيين د.خالد القحص مستشاراً إعلامياً لمدير الجامعة، الذي أتحفنا بالعديد من النشاطات الإعلامية لتلميع صورة الإدارة الحالية برئاسة د.عبدالله الفهيد، وهذه النشاطات التي ابتدأت بافتتاح «ديوانية السيد المدير»، ثم تكرار إرسال رسائل التهنئة بالمناسبات لجميع العاملين بالجامعة، ثم تلاها لقاء بالمحررين الجامعيين وإبداء الاستعداد «لتسهيل مهمتهم»، وبعدها تم الإعلان عن برنامج إذاعي وتلفزيوني يتحدثان فيه عن نشاطات الإدارة وإنجازاتها، وكذلك عقد أركان الإدارة الجامعية سلسلة من اللقاءات الصحفية لكي يتكلم نواب المدير عن إنجازات القطاعات التابعة لهم، وآخر الإنجازات الإعلامية كان افتتاح المخيم الربيعي لما يقرب الشهر «للترفيه عن أعضاء هيئة التدريس». هذه النشاطات الإعلامية كلها التي تأتي لخدمة الإدارة الجامعية ولخدمة مدير الجامعة بالتحديد –وليس الجامعة- يُصرف عليها من أموال الجامعة التي تطالب الإدارة بزيادة ميزانيتها.

من الواضح أن هذا النشاط الإعلامي المحموم كله جاء كرد فعل على التذمر الواسع من داخل وخارج الجامعة بفعل تخبط وعبث الإدارة الجامعية بقيادة د.الفهيد، ولذا أرادت هذه الإدارة تخفيف الضغط عليها باللجوء إلى هذه «البهرجات الإعلامية» والحديث عن إنجازات مزعومة، ويبدو أن هذه الإدارة كذبت الكذبة ثم صدقتها، وإلا عن أي إنجازات تتحدث هذه الإدارة، وأمور الجامعة منذ جاءت الإدارة الحالية «معتفسة»، وتسير من سيئ إلى أسوأ، وبين فترة وأخرى تنشر الصحف تجاوزات مالية وإدارية وأكاديمية جديدة، ليس آخرها التجاوزات المالية في المبنى الجديد للجامعة. لم يجد مدير الجامعة وطاقم إدارته أمام هذا التذمر العام سوى اتهام أعضاء جمعية أعضاء هيئة التدريس- التي قادت لواء المعارضة ضد فشل الإدارة- بأنهم مجموعة من «المشاغبين»، بل ذهبت الإدارة إلى أبعد من ذلك عندما شككت بشرعية الجمعية، وحرضت أحد المحسوبين عليها لكي يرفع دعوى قضائية يطعن فيها بشرعية الجمعية في تمثيلها لأعضاء هيئة التدريس، لكن السحر انقلب على الساحر، فجاء الحكم القضائي بتأكيد شرعية جمعية أعضاء هيئة التدريس ليشكل صفعة قوية في وجه الإدارة.

نقول للإدارة الجامعية لن تنفعكم «فناتك» مستشاريكم الإعلاميين الذين استماتوا للوصول إلى هذا المنصب، ولن تجدي جهودهم المستميتة لتلميع صورة إدارتكم البائسة، وستكتشفون عما قريب أن كل ذلك سوف يذهب هباءً منثوراً، لأن كل ذلك ليس سوى «كذبة جحا» التي تحاولون أن تصدقوها.

***

تعليق: وزيرة التربية في جوابها عن سؤال النائب صالح الملا في موضوع ما أثير حول الاعتماد الأكاديمي لكلية الحقوق لم ترفق تقرير اللجنة المشكلة للتحقيق في الموضوع، مما يثير علامات استفهام كثيرة حول الموضوع، فالجواب المذكور يخالف تصريحاتها السابقة عن عدم وجود خلل في عمل لجنة الاعتماد الأكاديمي برئاسة د.محمد المقاطع، فـ«ماذا حدا عما بدا؟».

back to top