تقرير محلي الخصخصة... تحصيل ديون الوزارة... النهوض بالخدمات... أبرز تحديات بن سلامة في المواصلات
«ما هي وزارات الدولة الأكثر تأثراً بالتغيير الحكومي على مدى العامين الماضيين؟»، الإجابة عن هذا السؤال لا تحتاج إلى وقت طويل للتفكير، إذ إن وزارة المواصلات باتت إحدى أكبر الوزارات التي شملها التغيير خلال هذه المدة القصيرة، لاسيما مع تعاقب 8 وزراء على حقيبتها، ما أدى إلى تزايد كثير من المشكلات الإدارية والفنية التي لاتزال تبحث عن حلول جذرية، على الرغم من المحاولات «الخجولة» التي قام بها بعض الوزراء لإيجاد الحلول المناسبة لتلك المعوقات، فإنها لم تتجاوز المحاولات فقط، خصوصا أن بعضها لم ير النور لعدة أسباب، ومنها عدم استمرار أي من الوزراء في منصبه لمدة كافية تمكّنه من تعديل بعض الأوضاع المقلوبة في الوزارة.
ومن هذا المنطلق، يبدو أن الوزير الجديد المهندس نبيل بن سلامة سيكون على موعد مع كثير من التحديات التي ستجعله محط أنظار الكثيرين، بدءاً من موظفي الوزارة بكل قطاعاتها، مروراً بالقياديين الذين يعرفون الوزير ويعرفهم جيداً بحكم عمله كوكيل مساعد سابق لقطاع الخدمات الدولية، وانتهاءً بالعديد من الجهات والمؤسسات الحكومية والأهلية ذات العلاقة الوثيقة بالمواصلات، والتي ترتبط بشكل مباشر مع الوزارة من خلال مشاريع حيوية وتكنولوجية مهمة، ما يؤكد أن مهمة الوزير بن سلامة لن تكون سهلة وإن كان من أهل الخبرة في هذا المجال، لاسيما أن هناك الكثير من القضايا العالقة منذ سنوات، والتي تتطلب اتخاذ قرار جريء ليكون بمنزلة البداية لمشوار الإصلاح في الوزارة، خصوصا في ما يتعلق بقضية خصخصة بعض القطاعات وأهمها قطاع الاتصالات التي رددها أكثر من وزير دون أي بوادر لاتخاذ خطوة جادة في هذا الشأن، إضافة إلى إنشاء هيئة لتنظيم الاتصالات ومؤسسة للبريد، وهما من المشاريع التي قطعت فيهما الوزارة شوطاً كبيراً إبان تولي الوزير السابق عبدالرحمن الغنيم مسؤولية الوزارة، إذ تمت إحاطة مجلس الوزراء بكل تفاصيل المشروعين، ولم يتبق سوى متابعة فعلية كي يظهرا إلى العلن، خصوصا أنهما سيساهمان في تطوير الخدمات في هذين المجالين المهمين، إلى جانب متابعة مشاريع ضخمة لا تقل أهمية عما ذُكر، مثل السكك الحديدية ومترو الأنفاق وهما من المشاريع الحيوية التي تعتمد عليها الكويت خلال المرحلة المقبلة، لاسيما أن مثل تلك المشاريع ستعمل على ربط البلاد بالدول المجاورة، وكذلك معالجة المشكلة المرورية التي باتت تؤرق المواطن والمقيم على حد سواء، بالإضافة إلى بعض القضايا التي لاتزال تراوح مكانها منذ سنوات، مثل تحصيل المبالغ المستحقة للوزارة من وزارات ومؤسسات وشركات الدولة المختلفة، لاسيما أن هذه القضية حرمت صندوق الوزارة من إيرادات تقدر بملايين الدنانير حسب تقارير ديوان المحاسبة المتكررة في كل عام، إذ لم يعط أي من الوزراء هذا الموضوع الأهمية المطلوبة رغم تأكيدهم ضرورة معالجة هذه المشكلة، كما يجب على الوزير بن سلامة أن ينهي المطالبات والنزاعات المالية المستمرة بين الوزارة والشركات المزودة لخدمة الانترنت، إذ إن لكل طرف مديونية مالية ضخمة لدى الطرف الآخر، وعدم معالجة هذا الأمر بالطرق الناجعة ربما يجبر أي من الطرفين على اللجوء إلى القضاء للحصول على مستحقاته المالية.
أما على الصعيد الإداري، فلا يختلف اثنان على أن الوضع الاداري في الوزارة «لا يسر عدواً ولاحبيباً»، إذ إن حال التذمر هي السائدة في أروقة الوزارة، لاسيما مع وجود حالة من عدم الاستقرار الوظيفي في مختلف القطاعات، نتيجة إلى إهمال الهيكل التنظيمي منذ سنوات، ما أدى إلى خلق أجواء غير صحية للعمل، ولم يعد يعرف الموظف بل وحتى القيادي مصيره، وإلى أين سيتنهي به المطاف، خصوصا ان كل وزير يأتي يصدر بعض القرارات بشكل فردي دون أخذ رأي أهل الاختصاص من الوزارة، وقد يصل الأمر إلى إنهاء خدمات بعض القياديين من دون أسباب معروفة، وهذا ما تكرر كثيراً خلال الأشهر القليلة الماضية، لذا فإن الوزير الجديد مطالب بزرع الثقة أولا في نفوس القياديين قبل الموظفين، كي يجد من يمد له العون ولا يقف ضده في ما يتخذ من قرارات، إذ إن هذه الخطوة ستساهم بشكل كبير في تجاوز المعوقات التي قد تعترضه خلال فترة عمله في الوزارة.