العقيد كلوز فون ستوفنبيرغ آخر أدوار توم كروز Valkyrie... كلفةٌ باهظة وردود فعل باهتة

نشر في 27-01-2009 | 00:00
آخر تحديث 27-01-2009 | 00:00

تلك هي سوري كروز ووالدها توم، الذي اشتهر بوضعه رقعة قراصنة سوداء على عينه في فيلم التشويق Valkyrie. تدور أحداثه خلال الحرب العالمية الثانية ويتمحور حول مؤامرة لاغتيال هتلر، يؤدي فيه كروز دور زعيم الإنقلاب الحقيقي، العقيد الأرستقراطي كلوز فون ستوفنبيرغ.

غالباً ما كانت سوري، تعتبر أكثر الأطفال نفوذاً على وجه الأرض، تمشي نحو والدها خلال استعداده لمغادرة غرفة الماكياج و»تنزع الرقعة عن عيني»، على حد قول كروز الذي يطلق ضحكته المعتادة. يتابع: «أحضرت لها الفتيات في غرفة الماكياج دباً من قماش مع رقعة على عينه لتلعب به وتشعر بالارتياح».

جنون واستغراب

لم تكن سوري وحدها من ارتبكت عند رؤية الرقعة. جُنَّ جنون أصحاب المدوّنات الشخصية- سلباً- عندما ظهرت صور لكروز بالبزة النازية للمرة الأولى على شبكة الإنترنت، لعلّ هذه هي ضريبة شهرة توم كروز. فكل فعل يولّد على ما يبدو ردّة فعل غير متوقّعة. قام كروز، الذي نزل أخيراً في فندق بيفرلي هيلز، بجولة إعلامية عن الفيلم، يمكن أن تلقّب بجولة «الإعتذار» أيضاً، حيث توقف عند بعض وسائل الإعلام التي روّجت للقطة القفز على الكنبة الشهيرة واعتناقه عقيدة الكنيسة العلمية والإنفجار الإعلامي بشأن انتقاده العلاج النفسي في العام 2005.

يبدو كروز، في كنزته الخضراء وسرواله الجينز، نحيفاً، ودوداً، متحمساً. أما العلامة الوحيدة التي تشير إلى بلوغه السادسة والأربعين، فتتمثل في تلك الخطوط الصغيرة التي ترتسم حول عينيه عندما يضحك. كذلك يبدو مسترخياً، على الأرجح، بسبب وجود سنده المخرج براين سينغر وكريستوفر ماكواري، صديق سينغر منذ الطفولة وكاتب السيناريو الحائز جائزة أوسكار.

عندما سئل كروز إن كان يشعر بأن الآخرين يسيئون فهمه، تدخّل كل من سنغر وماكواري بحماسة أصدقاء الطفولة (يعرفان بعضهما منذ زمن طويل وصادف أنهما من برينستون، في نيو جيرسي ولديهما هوس بالأفلام الفكرية). يقول سينغر بشغف في حين يبدو كروز محرجاً: «يساء فهمه دوماً. توم عليك أن تدعنا نتحدث عنك». هنا يبدأ سينغر بوصف الوقت الذي قضوه جميعهم مع توم وأسرته وعائلته وعائلة ماكواري وأصحابهما، في ألمانيا وفي الصحراء (حيث صوّروا إحدى لقطات المعركة).

يضيف سينغر: «تقضي الأسبوعين الأولين منتظراً أن يكشف توم عن نفسه، لكن بعد سنة ونصف، تدرك أنه ليس من هو عليه فعلاً، عندئذ يتلقى ردة فعل سيئة».

من جهته، يعقّب ماكواري: «إنه رجل رائع وشخص كريم. يعمل بجهد ويتمتع بحس احتراف عالٍ. لا يوجد تراتبية من أي نوع في موقع التصوير، قد تأتي والدة أحدهم لزيارة الموقع، فيمضي توم طيلة فترة بعد الظهر يتناول الغداء معها».

يبدو كروز أكثر هدوءاً تجاه النزوات الناجمة عن شهرته. يقول: «لا أستطيع أن أقضي وقتي وأنا قلق حيال هذا الأمر». عندما كان صغيراً، كان يمشي بخطىً ثابتة. يضيف: «كنت دوماً الصبي الجديد، ذهبت إلى مدارس مختلفة وكنت أسمع الإشاعات بشأن المكان الذي أتيت منه».

ها هي الظاهرة عينها تتكرر اليوم، «لكن على مسرح عالمي، في بعض الأحيان، تزداد صعوبةً، لذا عليك أن تكون هادئاً... وأن تتجاهل ما لا تستطيع السيطرة عليه».

أما بالنسبة إلى من هم خارج نادي معجبي توم كروز، في ما يلي ملخص عن الأخبار السيئة التي طالت عالم كروز في السنوات الماضية. فضلاً عن التشويه الذي لحق بصورته، قطعت شركة باراماونت علاقتها الطويلة بالنجم بعد تراجع أدائه على ما يفترض في فيلم Mission: Impossible 3، فاستعاد كروز مجدّداً مجده عبر الإستحواذ على شركة يونايتد أرتيستز، لكن في وقت باكر من العام 2008، انسحبت شريكته القديمة العهد في الإنتاج، بولا واغنر، وسط تهم بأن الثنائي لم يكونا منتجين بما يكفي، بالتالي كان فيلمهما السياسي الأول Lions for Lambs على الأرجح أكبر تجربة فاشلة في حياته المهنية.

بدأت صورة كروز تتحسن هذا الصيف مع اتخاذه منحىً فكاهياً في دوره الذي أدّاه كمدير استوديو إنتاج سوقي في فيلم Tropical Thunder ورُشِّح لجائزة غولدن غلوب عن هزّة خصره.

مع ذلك، لم تنتهِ لائحة الأنباء السيئة بعد. يعتمد الكثير على نجاح فيلم التشويق Valkyrie الذي بلغت كلفته 90 مليون دولار أميركي ولم يستقبل بهتافات تهليل.

أثار الفيلم الجدل، بما في ذلك رفض الحكومة الألمانية بدايةً السماح للمخرجين بالتصوير في بندربلوك في برلين بسبب اعتناق كروز تعاليم الكنيسة العلمية (سياسة ألغيت لاحقاً) وتغيير مواعيد إطلاقه. كذلك يتعافى سينغر، الذي أخرج أفلاماً على غرار X-Men، من فيلم Superman Returns الذي تلقّى ردود فعل سلبية أوشكت أن تقضي على المشروع.

دراسة النازية

يمكن للمرء إذن أن يفهم سرور هذين الرجلين بالعودة إلى برلين لمناقشة تفاصيل عن النازيين لساعات من دون انقطاع، وإخراج فيلم حول رجال شجعان يجتمعون معاً للإطاحة بأكثر الرجال شراً في القرن العشرين ومشاهدة الأفلام معاً. يعقّب كروز: «نحن مهووسون بالأفلام».

يلفت سينغر إلى هوسه منذ طفولته بكل ما يتعلق بالنازيين. «كان لدي صديقان ألمانيان، وكان لدينا ناد نازي مصغّر». لم يكن الأولاد يعرفون ما يفعله النازيون بالضبط، لكنهم كانوا يستمتعون بمشاهدتهم. في أحد الأيام، وصل سينغر، الذي يعتنق الديانة اليهودية، إلى منزله مع شعار النازية على ذراعه. يقول: «رأته والدتي، صدمت للغاية. لا أستطيع نسيان ذلك المشهد أو محاضرتها».

كذلك ليس Valkyrie الفيلم الأول الذي أخرجه سينغر حول النازيين، سبق أن مرّ بتجربة مماثلة مع فيلم Apt Pupil في العام 1998. فضلاً عن ذلك، كان كروز يملك في طفولته «خوذة ألمانية عليها دم».

يعقّب كروز: «كنا دوماً نخطط لكيفية قتل النازيين وقتل هتلر». كان يهوى مشاهدة الأفلام الوثائقية عن الحرب العالمية الثانية، التي ولّدت في نفسه حباً طويل الأمد للطائرات (يملك حالياً طائرة من طراز P-47). يضيف: «كنت أنظر إلى هذه الصور وأتساءل بالطبع لمَ لا يطلق أحدهم النار على هتلر؟» ما إن بدأ كروز العمل على فيلم Valkyrie، حتى درس شخصياً عن هتلر وألمانيا النازية، تحت إشراف ماكواري الذي تجرّأ على إجراء مقابلة مع روتشوس ميتش، آخر من بقي حياً من حرّاس هتلر الشخصيين والبالغ من العمر 91 عاماً. لكن كروز رفض القيام بمهمة تقصّي الحقائق، إذ يوضح: «لم أرغب في لقائه، لأن الشر لا يتغير بغض النظر عن عمره».

محيط كروز

بينما دفع سينغر وماكواري كروز إلى إجراء بحث عن ألمانيا النازية، دفع هو أيضاً بهما عن غير قصد إلى دراسة محيطه. يقول سينغر: «جرت أمور غريبة». في وقت مبكر، طلب من كروز لقاءه في أحد المقاهي، لكن كروز أخبره: «حسناً، أستطيع أن أختبئ، أو أن أتمدد في المقعد الخلفي في سيارتك. سنخرج من الطريق الخاصة، لعلّ الناس خارج المنزل لا يتبعونني».

يوضح ماكواري: «هذا ما أسمّيه الذيل الذي يلحق بالمذنّب»، متذكراً يوم ذهبا لتناول البيتزا مع أولادهما (لديه ابنتان أيضاً) في ألمانيا، كانا يتنزهان بسلام عندما توقّف كروز لمساعدة صاحبة متجر على حمل حمّالة ثياب مصنوعة من المعدن الثقيل من خارج متجرها إلى الداخل. يتابع قوله: «ما إن توقفنا، بدأ الذيل يلحق بنا، فتدرك حينئذ بأن أكثر من عشرين شخصاً يتبعونك على بعد مسافة».

يحاول كروز التزام الهدوء، لا سيما عندما يكون برفقة أولاده. يقول: «عليك تقبّل ذلك فحسب. تعلم أن بإمكانك قضاء حياتك وأنت تعيش في غرفة منفردة، لكن هذا لا يناسبني. ليست تلك طبيعتي، أو طبيعة عائلتي، أو كيف أرغب في تربية أولادي. لا أريد أن أعيش بهذه الطريقة».

back to top