النفط والطاقة داو أصبحت من الماضي... لكن آثارها وخيمة على القطاع النفطي اهتزاز ثقة العاملين أبرز نتائج الصفقة

نشر في 06-01-2009 | 00:00
آخر تحديث 06-01-2009 | 00:00
No Image Caption
يعتقد بعض مؤيدي إلغاء صفقة «داو» أن كل شيء انتهى، لكن آخرين يرون أن آثارها كبيرة على القطاع النفطي، لاسيما العاملين الذين اهتزت صورة مسؤوليهم، إضافة إلى شعورهم بعدم الأمان لكل ما يقومون به مع اهتزاز الثقة لديهم... «الجريدة» استطلعت آراء عدد من المختصين في قطاع النفط لرصد تداعيات إلغاء الصفقة ومستقبل القطاع.

قال الكاتب والمحلل في الشؤون النفطية كامل الحرمي إن الكويت من خلال الغاء صفقة داو قد خسرت الكثير، ومن المؤكد ان سمعتها ستتراجع لدى الشركات العالمية، اضافة الى فقدان الثقة محليا، موضحا ان المشكلة التي ستواجه القطاع النفطي في الايام القادمة هي ان ثقة العاملين بهذا القطاع ستهتز، لاسيما العاملين الذين يتم تكليفهم بالمهام من مسؤوليهم، إذ يرون ان اي عمل يقومون به قد يستغرق وقتا طويلا، ولكن لن يكون ذا فائدة او جدوى لانه في النهاية لن يحظى بالموافقة.

واضاف الحرمي ان موظفي القطاع تولد لديهم شعور بعدم الامان لانه حينما يعملون فلن يجدوا من يساندهم او «يفزع لهم»، كما انهم لن يثقوا برؤسائهم في العمل بسبب ما آلت اليه نتائج المشاريع الكبرى التي تم تسويقها، ولكن في نهاية الامر إما تعلق او تلغى.

واشار الى ان من اهم الحلول لمعالجة انتكاسات القطاع النفطي ايجاد وزير متفرغ للنفط فقط بإمكانه ان يطلع على الدراسات ويشرح وجهة نظر القطاع النفطي، وقادر على ان يواجه الرأي العام بما يجري بالقطاع، وان يكون وزير «تكنوقراط».

واكد ان من اهم اسباب عدم تعاون بعض القياديين في النفط مع الوزير هو ان الوزير كان يوما ما تحت امرة هؤلاء القياديين، ولكن لحسابات سياسية اصبح وزيرا وله الصلاحيات المطلقة في القطاع.

تجاهل أسئلة النواب

واوضح الحرمي ان من واجب اي وزير نفط يأتي لاحقا ان يعي كيفية ادارة المشاريع العملاقة لان هذا القطاع حيوي وهام للبلد، وعليه ايضا الا يتجاهل اسئلة نواب مجلس الامة، كما حصل في مشروع داو كيميكال، حيث تم توجيه العديد من الاسئلة الى الوزير سواء من النواب او بعض الصحف، ولم تتم الاجابة عنها، حيث ان مثل هذه التصرفات قد تولد نوعا من الشك لدى الرأي العام، مضيفا انه كان من واجب الوزير ان يسوق مشاريعه بشكل صحيح من خلال استشارة القيادات السابقة في القطاع، والا تكون بيوت الاستشارة الكبرى التي تلجأ اليها مؤسسة البترول هي الآمر والناهي، وان ما تقوله «مسمار بلوح»، لان في نهاية المطاف من سيحاسب على الاخفاقات هم القيادات العليا في مؤسسة البترول.

اما في ما يتعلق بتقديم القيادات النفطية استقالاتهم فقال الحرمي إن تم ذلك فقد يتحسن الوضع، مشيرا الى انه لا توجد قيادات مؤهلة سواء الادارة العليا او الوسطى، وخير مثال على ذلك مشروعا المصفاة الرابعة وداو.

وعن البدائل في حال تم تقديم الاستقالة قال إن في هذه الحالة إما ان يأتوا بالقيادات السابقة للقطاع او يستعان بشركة استشارية تدير القطاع وتقوم بتأهيل العاملين به.

«داو» والمزيد من الشفافية

إن مشروع «داو» تم الغاؤه واصبح بحكم التاريخ الماضي، وليس هناك امر يدعو الى التطرق اليه، هذا ما قاله وزير النفط الاسبق عيسى المزيدي، مؤكدا ان هذا المشروع والمشاريع القادمة يجب ان تتمتع بالمزيد من الشفافية لاتخاذ القرار المناسب، حيث إن المعلومات المتعلقة بمشروع داو لم تكن متوافرة بشكل كاف لمجلس الوزراء.

واشار المزيدي الى ان مشروع داو لن يؤثر في العاملين في القطاع النفطي لانه كان مقررا انشاؤه في اميركا، ولكن ما تم اتخاذه من اجراء للمشروع قد يفيد العاملين مستقبلا من خلال اهتمامهم وحرصهم على ان يتبعوا الاجراءات السليمة لبداية اي مشروع، موضحا ان القطاع النفطي يحتاج الى اعادة نظر في استراتيجياته المستقبلية.

واضاف أنه بعد عمل هذه الاستراتيجيات يجب ان تكون هناك دراسات مستفيضة معتمدة على الظروف التي تعيشها الكويت سواء الظروف المالية والعوائد المالية وتقييمها لاقامة المشاريع الكبرى في القطاع النفطي، مشيرا الى انه يجب اعادة النظر ايضا بالمجلس الاعلى للبترول، طالبا من المسؤولين في الايام القادمة بأن تكون تصريحاتهم مبنية على اسس واقعية ومدروسة لتلافي اي صدامات مع الجهات المسؤولة.

مستوى متدن

من جهته، قال المحلل النفطي حجاج بوخضور إن القطاع النفطي يعاني الكثير من الاعطاب مما اوصله الى مستوى متدن من حيث كفاءة العاملين، مضيفا ان هذا الامر ترك اثرا سيئا للعاملين في القطاع النفطي، بالاضافة الى وجود نمط جديد في القطاع خاصة في اعداد المشاريع واعتمادها واطلاع كل الجهات المعنية بالدولة على الدراسات، وهو ما تم في مشروعي المصفاة الرابعة والداو، لكن معالجات هذه المشاريع تكون اسوأ من آلية الاتفاق!

واضاف بوخضور ان تبعات قرار تعطيل او الغاء المشاريع من حيث التكلفة اكثر من التكلفة في حال الاستمرار بالقرار، وهو ما يطرح تساؤلا مهما: هل يتم اقفال مؤسسة البترول وارجاع القطاع النفطي إلى ما كان قبل التأميم؟، مؤكدا ان الاستمرار بهذا النهج لن يبقي احتراما بين المسؤولين والعاملين، ولا يوجد احتراما من الشعب للقطاع.

وقال اذا اردنا تصحيح وضع القطاع النفطي فيجب تغيير القيادات التي هي امتداد لكل القيادات السابقة التي تسببت في الاختلاسات وانحرفت بالقطاع عن الطريق السليم، كما يجب تغيير اعضاء المجلس الاعلى للبترول، مشيرا الى انه تم تسييسه واستغلال الخلافات فيه ودخول بعض القوى السياسية والسيطرة عليه، وتم افراغه من الكفاءات المطلوبة.

وطالب بوخضور في المرحلة القادمة باختيار العاملين من القيادات الشابة، بحيث تكون على اسس علمية ومدروسة وبعيدا عن ثقافة المحاصصة التي انتشرت في الكويت، مشيرا الى ان القطاع النفطي وللاسف يعيش الآن تحت ظل القوى السياسية في اتجاهاته وقراراته.

واوضح: متى ما وجدت الارادة للاصلاح في القطاع النفطي فسيتم ذلك، وان لم نوجد هذه الارادة فستنتهي الكويت، مؤكدا ان الكويت من خلال الغاء مشروع الداو قد فقدت اهليتها في ادارة شؤون الدولة في كل مجال.

واكد بوخضور انه لن تحدث اي استقالات في القطاع النفطي بسبب هيمنة القوى السياسية على القطاع، ولا يمكن ان يتنازلوا عنها لان مناصبهم تعد مكسبا من خلال المشاريع التي تفوز بها.

تداعيات سلبية لإلغاء «داو»

أما الرئيس التنفيذي لشركة عارف للطاقة طارق الوزان فقال إن هناك تداعيات سلبية لالغاء او تعطيل المشاريع الضخمة للكويت، حيث إن هناك اهتزازا للثقة لدى العاملين في القطاع النفطي الذين يشاركون في مثل هذه المشاريع التي تتم وفق دراسات فنية، والتي تأخذ اوقاتا كثيرة، حيث يتابع العاملون جهودهم التي تنجز حسب القوانين والاطر الموضوعة لهم، ولكن وللاسف يصدمون في نهاية المطاف بأن ما قاموا به غير قانوني ويتم نسفه.

واضاف الوزان ان مثل هذه الامور تترك اثرا سيئا في المستقبل، واصبح الجو عام مشككا فيه باستمرار، طالبا توضيح الجهات المسؤولة والمحاسبة في الدولة والمعتمدة لتقييم الدراسات بشكل نهائي قبل اتخاذ اي قرار قد يلحق الضرر بالبلد.

وقال إن الضحية في نهاية المطاف هو الموظف، حيث تم التقليل من قدرته على العطاء، وانه عاجز عن تحقيق اي تنمية لبلده، مشيرا الى ان الرسائل التي وصلت الى العاملين تفيد بأن ما يقومون به عمل غير مرض ومحاط بالشبهة! مؤكدا ان مثل هذه الاعمال لا تكون من افكار العاملين، ولكن تأتي من خلال استراتيجية تم وضعها وهو من يقوم بتطبيقها.

وتساءل: لما لم يناقش المعارضون لهذه المشاريع عندما وضعت ضمن الاستراتيجيات لتطوير البلد؟!

back to top