جلالة الملك أمين عام مجلس الأمة!

نشر في 05-06-2008
آخر تحديث 05-06-2008 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي

يبدو أن أمين عام مجلس الأمة اغتر بمسمى الوزير الذي مُنح إلى منصبه وبدأ يرى نفسه فوق الشعب. فأن ينتظر الجمهور في الحر الشديد لمدة ساعة وساعتين وأكثر انتظاراً لأن يسمح «جلالة الملك» أمين عام المجلس لهم بالدخول إلى جلسة الافتتاح، لهي مهزلة كبرى لا يمكن السكوت عنها.

قبل أسبوعين قلت في هذه الزاوية إن تشكيل الحكومة سيكون انعكاساً لنتائج مجلس الأمة. وبما أن الغالبية العظمى من الناخبين اتبعوا طريقة المحاصصة القبلية والطائفية والعائلية في اختيارهم لنوابهم، فمن الطبيعي أن تتشكل الحكومة على أساس المحاصصة القبلية والطائفية والعائلية أيضاً، فكيفما تكونوا يُولّ عليكم. ومع وجود بعض الكفاءات في مجلس الوزراء لكن ذلك لن يكون كافياً لخلق حكومة إنجاز، لأن المهم هو مدى ترابط أفكار ورؤى الوزراء وليس مدى كفاءاتهم سواء المهنية أم السياسية. لكن العجيب أن أغلب النواب- وخصوصاً ممثلي بعض التيارات المشاركة في الحكومة- كان ممتعضاً من هذه التشكيلة وكأنها لم تكن متوقعة!

فهل كان النواب يتوقعون أن يحصدوا الفراولة من زرع البصل؟! ولو افترضنا بأن الحكومة تشكلت من وزراء من قبيلة واحدة أو طائفة واحدة لكن تجمعهم رؤية مشتركة وبرنامج عمل موحد مسبقاً- وليس مثلما هو متبع الآن من تشكيل قرقيعاني- فهل كان النواب سيرضون بهذه التشكيلة؟!... الجواب سيكون «لا» بالطبع لأن اختيار أغلب النواب كان أساسه العرق أو الطائفة أو العائلة، وبالتالي لن يرضى هؤلاء النواب بتشكيلة تستثني فئتهم الاجتماعية، وهذا ما عبر عنه بوضوح النائب رجا الحجيلان عندما طالب بتوزير أحد الكفاءات من قبيلته!

فإن كنا ننشد اختيار الكفاءات فيجب أن يكون ذلك بمعزل عن انتمائهم العرقي أو القبلي لأن الوزراء الأكفاء سينصفون الجميع بلا تمييز، أما أن يطالب النائب بكفاءة من قبيلته فهذا مجرد ذر للرماد في العيون لأن المقصود هو أن يخدم هذا الوزير أبناء قبيلته على حساب الآخرين.

خلاصة ما أريد قوله هو أنه لا يجب أن نتوقع أي إصلاح شامل في السلطة التنفيذية ما لم نصلح أنفسنا كناخبين في البداية. فالباري عز و جل «لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، ومادمنا ننتخب على أساس المحاصصة من دون النظر إلى أداء النائب داخل المجلس من خلال القوانين التي يقدمها وينجزها ومن خلال محافظته على المال العام، فسنظل نراوح في حلقة التأزيم المغلقة إلى الأبد.

***

يبدو أن أمين عام مجلس الأمة اغتر بمسمى الوزير الذي مُنح إلى منصبه وبدأ يرى نفسه فوق الشعب الذي هو أساس وجود هذا المجلس. فأن ينتظر الجمهور في الحر الشديد لمدة ساعة وساعتين وأكثر انتظاراً لأن يسمح «جلالة الملك» أمين عام المجلس لهم بالدخول إلى جلسة الافتتاح، لهي مهزلة كبرى لا يمكن السكوت عنها، علماً بأن هذه الحادثة ليست الأولى ولا العاشرة، ولا يبدو أنها ستكون الأخيرة من مسلسل امتهان المواطنين ومنعهم من دخول بيتهم.

والمصيبة أن حرس البوابة لا يعرفون ما هو القرار بالضبط وكل ما لديهم من كلام هو (انتظروا ما عندنا قرار) من دون أن يعرفوا هل سيتم السماح لهم بالدخول أصلاً أم لا؟! نفهم ألا يُسمح للجميع بحضور جلسة الخطاب الأميري، لكن ما هو مبرر استمرار منع المواطنين من حضور جلسة القسم وانتخاب الرئيس؟! ثم ألا تستطيع الأمانة العامة للمجلس أن تطلب من الجمهور عدم الحضور حتى وقت محدد تقريبي يتوقع أن يسمح لهم فيه بالدخول بدلاً من ترك الأمور على عواهنها لينتظر الناس في هذا الجو الحار لمدة تتجاوز الساعتين؟! ومع هذا فإن العتب الأكبر ليس موجهاً إلى الأمين العام (الموظف لدى المجلس)، بل موجها إلى نواب الأمة المتعاقبين الذين نسوا الأمة تنتظر في الحر وسكتوا مراراً على تكرار مثل هذه الحادثة.

back to top