نواب يساومون الحكومة: إسقاط قروض المواطنين مقابل دعم شركات الاستثمار المتعثرة

نشر في 25-01-2009 | 00:00
آخر تحديث 25-01-2009 | 00:00
No Image Caption
واصل النواب تصريحاتهم المطالبة بإسقاط القروض وربطها بملف حل الأزمة الاقتصادية بما ينذر بمواجهة جديدة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وفي وقت دعت مجموعة من النواب أعضاء السلطتين الى العمل على اقرار مقترح اسقاط المديونيات واعادة جدولتها على المدينين من دون فائدة، ناشدت رئيس مجلس الوزراء تبني مقترحها، محملة الحكومة مسؤولية تفاقم القروض التي أغرقت الشعب الكويتي، ومؤكدة أن ذلك سيساهم في حل الأزمة الاقتصادية، في حين رأى النائب علي الراشد أن البعض يستغل الأزمة الاقتصادية، وبدلا من أن يساهم في إنقاذ البلد من الكارثة الاقتصادية يدغدغ مشاعر بعض المدينين من أجل تحقيق مصالح انتخابية.

طالب النائب عبدالله راعي الفحماء أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية بالعمل على إقرار المُقترح الذي تقدم به والخاص بشراء المديونيات واعادة جدولتها عليهم من دون فائدة، خصوصا في الوقت الراهن وبعد تطورات الأزمة المالية التي تمر بها البلاد وزيادة حجم المعاناة لدى الكثير من المواطنين، خصوصا المقترضين.

وناشد راعي الفحماء سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد تبني مقترح شراء مديونية المواطنين واعادة جدولتها عليهم من دون فائدة، من خلال القانون الذي قُدِّم والذي سيكون له أولوية في المرحلة المقبلة، خصوصا ان الدولة مقبلة على علاج مشكلة الانهيار الاقتصادي في البلاد، مشيرا إلى أنه بالامكان ان نضرب عصفورين بحجر واحد من خلال شراء مديونيات المواطنين لدى البنوك، وبهذه الحال تتوافر السيولة لدى البنوك لتقرض الشركات المتعثرة.

لا يتعارض مع الدستور

وأكد راعي الفحماء ان المقترح لا يتعارض مع الدستور، وانه وضع على اساس دستوري بالتعاون مع خبراء دستوريين ومديرين اقليميين لعدة بنوك محلية، مشيرا إلى انه استند الى نفس مادة القانون التي اعفت المواطنين من القروض وكل ديونهم بعد الغزو الغاشم على الكويت.

واشار راعي الفحماء إلى ان التعاون الذي تنشده الحكومة يتوقف على مدى جديتها في التعاون بمقترح شراء المديونية واعادة جدولتها من دون فائدة على المواطنين، مؤكدا ان رفض الحكومة المقترح يعد بداية تأزم العلاقة بين السلطتين ونهاية لكل الجهود التي تُبذل من اجل التعاون، مضيفا ان المواطنين اصبحوا لا يريدون حكومة ترفض مقترحاتها وحكومة تتعمد مضايقة شعبها من خلال رفضها المساعدة وتحسين الأوضاع المالية، في ظل الغلاء الفاحش على السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية والازمة المالية التي تعيشها البلاد والتي تعد في بدايتها حتى الآن.

وقال ان المتسبب الحقيقي في ازمة القروض التي أغرقت الشعب الكويتي هي الحكومة، من خلال التسهيلات التي قدمتها للبنوك من رفع الفائدة وفتح السقف الاعلى للقروض واعادة الجدولة على القروض وزيادة الفوائد على القروض، مستغربا نهج الحكومة في الحاق الضرر بمواطنيها، مؤكدا ان الحكومات عليها ان تسعى إلى ان تجعل شعوبها في احسن حال لا ان تجعلهم في أسوأ حال، مضيفا ان حكومة الكويت تبتسم حين ترى المواطن متعسرا ويغرق بالديون ولا يستطيع حتى شراء حاجياته اليومية.

واكد ان معالجة الوضع الاقتصادي في البلاد لن يكون من دون معالجة المواطنين المقترضين، مستغربا من بعض الصرخات النيابية التي بدأت تعلو هذه الأيام بالمطالبة من الحكومة بالسرعة بالتدخل لانقاذهم، بينما كانوا يتناسون صرخات المواطنين واصحاب القروض الذين يعيشون حالة قلق مستمر وتذمر ونقص في المال، بسبب ارتفاع الفائدة الذي دمر حياتهم واصبح البعض من ارباب الاسر في السجون.

واشار الى انه على الحكومة الاسراع في معالجة قروض المواطنين اولا، اذا كانت تفكر في معالجة قروض كبار المستثمرين والشركات المتعثرة، محذرا من تجاهل الحكومة قروض المواطنين وسعيها إلى شراء قروض كبار المستثمرين وشركاتهم، مؤكدا ان هذا الأمر سيؤدي الى ازمة سياسية حقيقية لو تم انقاذ كبار المستثمرين وتجاهل مديونيات المواطنين.

الاقتراح بقانون

وفي هذا السياق، تقدم راعي الفحماء باقتراح بقانون بشأن شراء المديونيات واعادة جدولتها على المواطنين من دون فوائد، وجاءت مواد القانون كالتالي:

مادة أولى: تقوم الدولة بشراء اصل دين المواطنين المدينين للبنوك بنظام القروض المقسطة والاستهلاكية والذين اقترضوا من البنوك.

مادة ثانية: تقوم الدولة باعادة المبالغ التي سددت بها قيمة القروض للبنوك من المواطنين بعد جدولتها عليهم من دون فائدة او ربح، ويرجع المقترض اصل الدين فقط من دون فائدة او ارباح للدولة، ولا يحق للدولة المطالبة بالفوائد او الأرباح ولا يلزم المقترض إلا بدفع أصل الدين الذي اخذه من البنك.

مادة ثالثة: تعتبر قيمة المبالغ التي تدفعها الدولة شراء المديونية عن المواطنين قرضا عليهم ان يقوموا بتسديد على فترة زمنية لا تتجاوز الخمس عشرة سنة، والمفترض حرية اختيار السنين التي يريد فيها تسديد القرض مع الالتزام من قبل الدولة، بان تكون قيمة القسط لا تتعدى الـ20 في المئة من الراتب الذي يتقاضاه المواطن.

مادة رابعة: يلزم البنك المركزي بألّا يتجاوز اي قرض يمنح للمواطنين بأي حال من الاحوال مدة خمس عشرة سنة.

مادة خامسة: تقوم الدولة والبنوك والشركات الاستثمارية بقانون يلزمها، بعدم منح القروض الا بموافقة البنك المركزي الذي يلزم هو الاخر بعدم منح القروض للمواطنين فوق حاجز الـ 40 في المئة من صافي الراتب.

مادة سادسة: يقوم وزير المالية بوضع اللائحة الداخلية لتنفيذ هذا القانون مع الالتزام بالضوابط التالية:

1 - يكون الدخول ببرنامج اعادة جدولة الديون اختياريا للمدينين.

2 - تلتزم البنوك باسقاط الفوائد المستحقة على القروض من تاريخ الشراء.

3 - يجب على البنك المركزي الزام البنوك بعدم ربط القروض الممنوحة للمواطنين بتغيير سعر الفائدة والالتزام بسعر الفائدة المعمول به اثناء توقيع العقد من قبل المدين.

مادة سابعة: تأخذ جميع المبالغ لهذا القانون من احتياطي الاجيال وترجع القيمة التي تأخذ منه على مدى 15 سنة، وتلتزم الدولة بارجاع الاموال لصندوق احتياطي الاجيال من دون فائدة من المواطنين التي تقوم الدولة بدفع قروضهم عنهم لدى البنوك.

دغدغة المشاعر

من جهته، قال النائب علي الراشد أن البعض يستغل الأزمة الاقتصادية، وبدلا من أن يساهم بإنقاذ البلد من الكارثة الاقتصادية نجده يدغدغ مشاعر بعض المدينين بالحديث عن إسقاط القروض من أجل تحقيق مصالح انتخابية.

غير عادلة

فيما قال النائب محمد هايف إن «سياسة الحكومة الاقتصادية غير عادلة وغير منطقية، وستكون هناك أخطاء وتجاوزات على المال العام، اذا ما تم دعم الشركات المتعثرة بنحو ستة مليارات دينار في مقابل تجاهل الحكومة مديونيات المواطنين التي لا تتجاوز نحو ملياري دينار».

ضغوط سياسية

وحذر النائب د. جمعان الحربش من خطورة تقديم حلول لأزمة الشركات الاستثمارية على حساب المال العام تحت ضغوط سياسية، تقودها اطراف متضررة وذات صلة مباشرة بهذه الشركات، مشيرا الى ان اي حلول تقدم من قبل الحكومة يجب ان تفرق بين ازمة مالية، تعانيها الشركة ناجمة عن ظروف خارجية لا صلة للشركة بها، وبين أزمة مالية بسبب سوء ادارة ومخالفات وقعت فيها الشركات، لاسيما الشركات المقترضة دون ضوابط، ولم تلتزم بلوائح وقيود البنك المركزي، كالقروض مقيدة الأجل، وحل عليها السداد؟

وتدارك الحربش: «كما يجب التفرقة بين الشركات المستثمرة داخل الكويت وساهمت في نهضة البلد اقتصاديا، والتزمت في الوقت ذاته بنسب العمالة الوطنية من ابناء البلد، وبين الشركات الاخرى، التي مارست نشاطها الاستثماري خارج الكويت، ولم تقم بدورها الوطني تجاه ابناء الكويت»، مستغربا ان هذه الشركات حتى اللحظة تطلب دعما حكوميا للخروج من أزماتها.

وقال: «ان كان هناك كثير من الشركات تحتاج الى المساعدة فإن القليل منها وفق المعلومات التي بحوزتنا من يستحق تلك المساعدة»، مضيفا، وفي كل الاحوال فإننا ننتظر من الحكومة وكثير من النواب، ذات التشدد الذي اظهروه تجاه شراء المديونيات والذي أثمر عن صندوق المعسرين بشروط تكاد تعجيزية.

وختم الحربش: «اننا ننتظر ما ستقدمه الحكومة، وسيكون موقفنا تجاهه قائما بالدرجة الاولى على معيار المساس بالمال العام وحقوق المواطنين»، مؤكداً انه وفي اجراء عاجل يجب على الحكومة ان تضمن مرتبات وامتيازات الموظفين الكويتيين الذين يتم تسريحهم الآن وأهمية مراعاة الاّ يذهبوا ضحية أزمة لا صلة لهم بها.

التباطؤ الحكومي

بدوره، استغرب النائب عصام الدبوس التباطؤ الحكومي الشديد إزاء حل قضية قروض المواطنين الكويتيين التي استغرقت وقتا طويلا بين شد وجذب ومؤيد ومعارض، لافتاً الى ان الحل يكمن في الإدارة الحكومية، وذلك من خلال شراء هذه المديونيات وإعادة جدولتها وإسقاط الفوائد ليكون الدفع ميسراً على المواطنين ويعود الحق الى اصحابه من دون أن يُظلَم أحد.

وأشار الدبوس الى ان صندوق المعسرين لم يكن خطوة موفقة في هذا المجال، إذ انه لا يحل المشكلة ولا يعالجها بشكل جذري، مما يعني أن المواطن الكويتي سيظل يعاني هذه الأزمة، خصوصا ان المستفيدين منه لا يتجاوزون 3000 مواطن.

وختم الدبوس موضحا ان الظروف المعيشية التي يعيشها المواطنون بشكل عام بما يرافقها من غلاء اسعار ونسبة التضخم العالية يمكن ان تكون سبباً رئيسيا في تطبيق حل شراء المديونيات لإزاحة عبء ثقيل عن كاهل شريحة واسعة منهم، خصوصا أن أغلبيتهم من ذوي الدخل المحدود.

عقدة عدم الإنصاف

أمّا النائب د. ضيف الله أبورمية فطالب الحكومة بأن تتخلص من عقدة عدم الانصاف، وأن تلتفت إلى مشاكل الشعب الكويتي المالية مثل التفاتها إلى المشاكل المالية لبعض التجار وبعض المضاربين بالبورصة والعمل على سرعة حلها.

وقال ابورمية إن الحكومة ستدفع ملايين الدنانير من المال العام في الأشهر القليلة المقبلة من اجل انقاذ احدى شركات الاستثمار من الانهيار، متسائلا: أليس انقاذ الشعب الكويتي المهدد بالسجن، بسبب تراكم الديون، أولى من انقاذ شركة يمتلكها اشخاص لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة؟

وأضاف أن انقاذ الشركات وترك الشعب الكويتي يغرق في الديون أمر مرفوض جملة وتفصيلا، موضحا أنه لن يسكت أو يقف مكتوف الايدي عندما تعطي الحكومة الشركات والتجار من المال العام من أجل انقاذهم وتترك المواطنين المهددين بالسجن، بسبب قضايا مالية، دون حل، مطالبا الحكومة بأن تسارع في حل قضية القروض قبل الشركات.

وقال ابورمية إن الحكومة وبعض النواب الذين وقفوا ضد إسقاط القروض في السابق كانوا يبررون رفضهم بعدم وجود العدالة، متسائلا: أين العدالة التي تتحدثون عنها في دعم بعض الصناديق بالبورصة ومحاولة انقاذ بعض شركات المتنفذين؟ وأين دموعكم التي ذرفتموها على المال العام اثناء تقديم مشروع اسقاط القروض، لم نرها عند دعم بعض صناديق البورصة وانقاذ احدى الشركات؟ ام أن المال العام حرام على المواطنين حلال على اصحاب الدماء الزرقاء؟ وأين من كان يعترض على اسقاط القروض بحجة انها أخذت من بنوك ربوية، لم يعترض على مشروع دعم البنوك الذي مرر أخيرا من أجل استمرارها في ممارسة الربا؟

وأوضح ابورمية ان مشروع صندوق المعسرين مشروع فاشل بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وأنه تأخر في اعادة تقديم مشروع اسقاط القروض مجددا حتى يثبت للشارع الكويتي أن صندوق المعسرين فاشل قولا وعملا، والدليل قلة اعداد المتقدمين اليه، وبناء على فشل هذا المشروع نتقدم مجددا بمشروع اسقاط القروض.

وطالب ابورمية الشعب الكويتي بأن يلاحظ حكومته في الاشهر القليلة المقبلة، وهي تكيل بمكيالين وتدفع المليارات من الدنانير لبعض شركات المتنفذين وصناديق الاستثمار، وتترك بالمقابل الطبقة المتوسطة من ابناء الشعب الكويتي تغرق في بحور الديون، بل سترفض وبشدة اسقاط القروض عنهم وكأنهم ليسوا جزءا من افراد الشعب الكويتي، مطالبا المواطنين بوضع ممثليهم تحت المجهر اثناء مناقشة إسقاط القروض، واثناء مناقشة دعم صناديق الاستثمار أو دعم بعض شركات المتنفذين.

مرحلة تخبط

وأكد النائب محمد العبيد ان الحكومة تمر بمرحلة تخبط، وغير قادرة على انقاذ البلاد من وضع اقتصادي مخيف، داعيا الى الاستعانة بمكاتب استشارية وخبراء متخصصين لانقاذ البلاد من مجهول قادم، اذا ما كان فريق الانقاذ غير قادر على ذلك.

وقال العبيد في تصريح صحافي امس ان تطمينات وزير المالية مصطفى الشمالي هروب من الاعتراف بالفشل، وتبرير غير منطقي لوضع مخيف بعد فشل مؤسسات الحكومة، وفريقها الخاص بمعالجة آثار الازمة الاقتصادية، ووضع تصورات محددة للخروج من الازمة بالاضافة الى معالجتها على المديين المتوسط والبعيد.

وحمل العبيد على الوزير الشمالي بشدة لتصريحاته السابقة بشأن شراء الاسهم، قائلا ان تلك الدعوات المتكررة كانت وراء إلحاق خسائر فادحة بمدخرات آلاف المستثمرين أغلبهم من المواطنين. واضاف ان وزير المالية يقوم بالتطبيل لشركات على حساب استقرار الكويت، وهذا ما لن نقبل استمراره بصيغ جديدة ووعود سرعان ما تتبخر عمليا.

وتساءل: «هل يعقل ان وزيرا يتحدث عن تطمينات في وقت وصل المؤشر الى 6 الاف نقطة، وينتظر ان تعلن 50 في المئة من الشركات افلاسها، و10 اسهم مستوياتها بين 90 الى 98 فلسا و30 في المئة من الاسهم قيمتها السوقية اقل من الاسمية».

وأكد العبيد انه اذا استمرت الحكومة في نهجها الحالي فإن الانهيار سيتجاوز البورصة والمؤسسات المالية كالبنوك وشركات التأمين ليمتد كالسرطان الى كل شرايين الاقتصاد في البلد، بما في ذلك الشركات الاستثمارية والعقارية والخدمات والصناعة، مشيرا الى ان الوضع مخيف ودول العالم تعلن يوميا دخولها مرحلة الركود آخرها بريطانيا، ونحن ننتظر ونقف عاجزين عن اتخاذ اية اجراءات او على الاقل مناقشتها في مجلس الامة، ليطلع الجميع على مكامن الخلل ونبحث معا كيف ننقذ البلد من هذا الجمود.

back to top