استجواب ذهبي لرئيس الوزراء

نشر في 31-10-2008
آخر تحديث 31-10-2008 | 00:00
 فالح ماجد المطيري تنشغل الساحتان السياسية والإعلامية هذه الأيام بالاستجواب المزمع تقديمه من النائب أحمد المليفي إلى رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، وهو ثاني استجواب يقدم للشيخ ناصر بعد الاستجواب الذي قدم له على خلفية الضجة والخلاف اللذين حدثا على موضوع تعديل الدوائر الانتخابية، وقد حُل المجلس في ذلك الوقت، وانتهى مفعول الاستجواب قبل أن يبدأ، ووُئد وهو في مهده أو وهو في ملفه.

ومن نافل القول هنا بأن حل مجلس الأمة هو حق دستوري لسمو الأمير، فكذلك فإن لعضو مجلس الأمة أيضاً حقاً دستورياً يمارس من خلاله دوره الرقابي على أعمال السلطة التنفيذية، وبعيد انتهاء المؤتمر الصحفي للنائب المليفي الذي أعلن فيه نيته تقديم الاستجواب بدا واضحاً أن أغلبية زملائه النواب لا يؤيدونه فيه، سواء كانوا أفراداً أو كتلا سياسية، ولكل منهم مبرراته التي أحترمها، وإن كنت أختلف مع بعضها، فهناك من يرى أن الوقت والظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد لا يحتملان هذا الاستجواب الذي قد يزيدنا أزمة نحن في غنى عنها، ومنهم يقول إن المليفي لم ينسق معه قبل إعلان نيته تقديم استجوابه هذا.

ومهما اختلفت مبررات زملاء المليفي وأسبابهم إلا أن الواضح أن أغلب ولا أقول جميع نوابنا الأفاضل يتملكهم الخوف من الحل، والعودة مجددا إلى الشارع الانتخابي الذي طالما هددوا وأرهبوا الحكومة به.

وبالنسبة لمبرر أن الوقت غير مناسب لهذا الاستجواب فإنني أرى عكس ذلك، بل إنه أفضل وقت يقدم فيه سواء لرئيس الحكومة أو لنا كمواطنين، فحال البلد لا تسر وهو يخرج من أزمة ليدخل في أخرى، وكأنه أصبح لا يعيش إلا في الأزمات، وبلغ التذمر واليأس بالناس أقصى مداهما، حتى وصلنا في الانهيار الأخير المتواصل للبورصة إلى ذروة الأزمات، والذي أصاب كل بيت في الكويت، ودمر حياة الكثير من المتداولين الذين فقدوا جميع مدخراتهم، وبعضهم في طريقه إلى أن يفقد عقله، وقد كانت المعالجة الحكومية لهذه الأزمة في قمة الكارثية.

وبالنسبة لرئيس مجلس الوزراء فإن هذا الاستجواب فرصة ذهبية قدمها له النائب أحمد المليفي من حيث لا يدري، لعلها تساعده في إصلاح البيت الحكومي، وتحديد آلية عمله وفق رؤيته التي يؤمن بها، فعلى رئيس الوزراء أن يستغل هذا الاستجواب سواء تم أو تراجع مقدمه عنه للتخلص من الأطراف التي تضع العصا في دواليب مسيرته، ليعمل وبحرية كاملة، وفق برنامج عمل يمثل قناعاته وأفكاره التي يؤمن بها، لأنه من السهل عليه أن يدافع عما هو مؤمن به بدلا من تحمل أخطاء الآخرين، ومحاولة إصلاحها أو الانشغال بمحاولة اتقاء ضربات بعض الأطراف المتضررة من وجوده، وقد كانت البورصة آخر ساحة معركة حاولوا ضربه من خلالها.

وبدا واضحاً من خلال العديد من الأحداث أن الشيخ ناصر المحمد إن عمل وفق ما يؤمن به، فهو من الحريصين على العمل بشفافية ووفق الأطر القانونية، ويحاول أن ينأى بنفسه عن الشبهات مثلما حدث في موضوع شركة أمانة للتخزين، وما أثير حولها من تجاوزات، فبادر بالتبرع بأسهمه وأسهم أبنائه للجمعيات الخيرية، وكذلك إحالته موضوعي المصفاة الرابعة ومصاريف ديوانه إلى ديوان المحاسبة.

أما مبرر بعض النواب أن النائب المليفي لم ينسق معهم في سعيه إلى استجواب رئيس الوزراء، فهذه لديهم الحق بها، فاستجواب رجل بالثقل السياسي والعائلي كالشيخ ناصر محمد يحتاج إلى أكثر من مجرد المبادرة الفردية المتسرعة.

back to top